أثير – ريـمـا الشـيخ
عند زيارتك لمتحف عُمان عبر الزمان، الذي يسلط الضوء على الطابع الفريد لبلدنا الحبيب، والتعريف بمميزات هذه الأرض الطيبة وتاريخها العريق، ستجد أثناء تجوالك في الحديقة الخاصة للمتحف صخرة فريدة من نوعها يعود عمرها لمئات السنين وتحتوي على مجموعة من الرسومات للإنسان وبعض الحيوانات وتسمّى “صخرة وادي لحجيج”.
لكن ما الذي يميزها؟
تشير المعلومات التي حصلت عليها “أثير” من متحف عمان عبر الزمان إلى أن الصخرة عبارة عن جلمود من الحجر الجيري المكشوف في مجرى وادي لحجيج بولاية طاقة بمحافظة ظفار، تحوي معرضًا مفتوحًا للتأمل في جماليات الفن الصخري، ويبلغ طولها 4.9 متر، وعرضها 4.6 متر، وارتفاعها 2.5 متر، أما وزنها فيبلغ 75 طنًا.
وتضم الصخرة مجموعة من الرسومات وبعض الحروف الأبجدية العمانية المنقوشة على سطحها، تنوعت بين رسومات للإنسان وبعض الحيوانات والأجرام السماوية، وأشكال هندسية مختلفة، ورسومات لأقدام وأيادٍ بشرية، حيث تتداخل الرسومات والكتابات مع بعضها مشكلة أيقونة جمالية للفن الصخري، وتطغى رسومات الأقدام والأيادي البشرية على رسومات أقدام الإبل، وحيوان الوعل.
وتمثل هذه الرسومات أحداثًا ونشاطات مختلفة وخلفية بيئية، لتتخيل بذلك ذاكرة الرسام القديم لتفهم ما كان يعبر عنه، فالرسومات الصخرية هي وسيلة تعبير فكري تحمل مهارة تقنية وفنية، وتكمن أهميتها في مدنا بالمعلومات عن المجتمعات الانسانية القديمة، وتحمل مضمونًا إما رمزيًا، أو إيحائيًا أو مباشرًا.
واستغرقت عملية نقل الصخرة من مكانها في وادي لحجيج إلى متحف عمان عبر الزمان حوالي أسبوعين، باستخدام معدات خاصة لهذا النوع من الصخور الأثرية ذات الحجم الكبير بحيث تحافظ على عملية التوازن وعدم تحرك الصخرة على ظهر الشاحنة، تجنبًا لتكسرها أثناء عملية النقل لمسافة 800 كم.
يُذكر أن مخزون عُمان الهائل من الرسوم الصخرية يحتوي على أشكال لحيوانات برية نادرة وأخرى منقرضة، بالإضافة إلى أشكال لحيوانات داجنة وبشر ومناظر طبيعية، وتُقدّم الأشكال التي تصور الأنشطة البشرية لمحات خاطفة عن الحياة في ذلك الماضي البعيد.
وقد تعددت أساليب تنفيذ الفن الصخري على أسطح الصخور بين الأشكال المرسومة والمحفورة والمنقوشة، وتعد من أقدم أشكال الفنون البشرية، ورغم انتشارها في أرجاء سلطنة عُمان من جبال مسندم إلى كهوف ظفار إلا أنه يصعب أحيانًا تحديد الفترة الزمنية التي تعود إليها.
