أثير- د. سعيد السيابي، كاتب وأكاديمي في جامعة السلطان قابوس
في المواقف الكبرى التي تمر بها الأمة تحتاج لكل الأدوات الممكنة للدفعِ بالحقوق في واجهة الصدارة، ولا يستثنى أي فعل من التأثير في ذلك، فيقال في المواقف” حتى الحجر الأصم تحتاج له”، ومن هنا فإن دور الكلمة المحفزة في الأناشيد التي يتغنى بها المنشدون تقوم بأدوار رافعة للوهج المقاوم للاحتلال بكلمات حماسية وقوية وبها الكثير من الأمل والطموح والرغبة في نيل المعالي والنهوض بمكانة الأفعال الكبيرة التي يقوم به شباب الأمة وفلسطين، ومحمسة على الاستمرار في المطالبة بالحقوق، وداعية الجميع على القيام بواجبهم؛ فاستنهاض النفوس والهمم يتطلب حسن الاختيار والتوقيت وهذا ما نجده حاضرا في المسيرات والتجمعات التي تقف مع أصحاب الحق في مشارف الأرض ومغاربها تستعين بالأناشيد الوطنية الحماسية التي تذكر فلسطين وغزة بكل لغات العالم.
وكتابة الكلمات الغنائية وتوظيفها بمؤثرات مناسبة تحمل أهمية كبيرة، فالكلمة سيف بما تحمله من معانٍ، وكما قال الشاعر عبد الرحمن الشرقاوي: “أتعرف ما معنى الكلمة؟ مفتاح الجنة في كلمة. دخول النار على كلمة. وقضاء الله هو كلمة، وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري. الكلمة حصن الحرية. إن الكلمة مسؤولية. إن الرجل هو كلمة، شرف الله هو الكلمة”. وبهذا الشرف والفخار الذي يقوم به أصحاب الحق في فلسطين الشامخة، وفي غزة الكرامة والعزة من تشجيع بعضهم، ودعم أنفسهم على مواصلة كفاحهم، فقد استطاع المنشد العربي بمختلف الأقطار أن يساند هذه الجهود بالمشاركة في كتابة وإنتاج أعمال إنشادية لها صيتها ودورها في دعم الحراك العالمي والإنساني الذي يقف مع الحقوق، ويسطر بهذا التعاون والمسؤولية المشتركة ملاحم إنشادية تحمل الكلمة في أرقى معانيها وفي هذا أمر رباني مصداقا لقوله تعالى في أثر الكلمة الطيبة (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السماء. تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (25) سورة إبراهيم.
إن الساحة الفنية العربية والعمانية تواصل تقديم الجديد في دعم فلسطين وقطاع غزة المحاصر وتجتهد وهي في وسط الأحداث لمواكبة الهجمات الإعلامية المظللة مستعينة بالأشعار والأناشيد والإلقاء الحماسي الذي يعيد مسميات الأشياء فالمحتل محتل وفلسطين الجريحة ما تزال تنزف كل يوم والأخبار الحزينة تتردد على مسامع الجميع فالدعوة التي تقدمها الأناشيد والقيم الأصيلة التي يشدو بها المنشدون رسائل دعم لأهل فلسطين في محنتهم العصيبة وتلقى كل دعم من المتابعين الذي تصلهم لتتناسب مع الأفعال والصور التي يجب أن تنتشر في العالم الحر.
ومن التجارب المميزة في الإنشاد ما قام به المنشد العماني محمد الوهيبي في إعادة تسجيل نشيد ” شدوا بعضكم يا أهل فلسطين. شدوا بعضكم. إيدينا وحدة يا ستي والله إيدينا وحدة. ما ودعتكم رحلة فلسطين ما ودعتكم. ما بنسى أرضي في قلبي والله ما بنسى أرضي. وكذلك ما قدمه المنشد عبد الهادي العبري بتسجيل ” يا أقصى صوتي يناديك. أفديك بروحي بلادي. فيك النخوة والعزة برجالك يا أهل غزة”.
إن الصوت العذب والكلمة الجميلة مفتاح لأسرار كثيرة تصل للقلوب السوية التي لم يظللها الدرن، ويحجبها السواد، وتمنعها البغضاء والشحناء، فبهذه الأناشيد يتسلح أصحاب الحق بردود إيجابية وأنهم ليسوا وحدهم في الميدان بمواجهة هذا العدوان الغاشم، ونقولها بترديد المنشدين: نعم يا أهل فلسطين شدوا بعضكم، ونحن دائما معكم ضد من يقتلون الإنسان ويدمرون الأرض والشجر.
وممكن متابعة النماذج على الرابطين الآتيين: