أثير- مكتب أثير في تونس
إعداد: محمد الهادي الجزيري
لا كلل ولا ملل ..، كلّ وبين يديه سلاحه ..، أنا لا أعرف شيئا ناجعا في الحياة مثل القلم ، وثمّة من يرفع في وجه العدوّ بندقيته أو حجر يائس ..، المهمّ أيها الناس ..اهرعوا إلى أسلحتكم ..فإمّا هم وإمّا نحن ..، أيها الجيش من القراء والكتّاب بكتابتكم..واطلاعكم ونشركم وتوزيعكم..لكلّ شيء يدين هذا الحيوان المتشبّه بالإنسان ..( ما أبعد الحيوان عنه ).. يمكنكم أن تجعلوا هذا الكيان النازي الصهيوني.. منبوذا في كل مكان، فواصلوا.. واصلوا المقاومة ..، كلّ فعل تقومون به في هذا الصدد.. يُعدّ مقاومة.. وصفعة قوية لهذا المسخ البشع اللا إنساني..، معا سنواصل الصمود والثبات وكلّ يحمل سلاحه ..، ما دام شبر واحد من فلسطين محتلا..، وما دام فينا نفس يدل أننا أحياء…، نواصل إذن التذكير بمن مروا بهذه الأرض المقدسة… وبذلوا كل شيء.. حتى سلموا لها الروح.. وهي أغلى ما عند الإنسان..، وفي هذا الإطار نحفر الذاكرة عميقا عن أيقونة فلسطينية اسمها دلال المغربي..شهيدة الوطن .. وهي واحدة من آلاف مؤلفة من الفلسطينيات..، ولكن يقتصر عليها الكلام في هذا البوح الحميمي..، إذ أنّ المقال لا يحتمل… فيكفي أن نتحدث عنها.. يعني التطرّق لغيرها ممن ضَحيْنَ بالنفس والعزيز من أجل هذه القضية الأمّ….
الشهيدة دلال المغربي واحدة من أشهر المناضلات الفلسطينيات، ولدت عام 1958 في أحد مخيمات الفلسطينيين في بيروت، وهي ابنة لعائلة من مدينة يافا لجأت الى لبنان عقب نكبة عام 1948
قرّرت الانضمام الى صفوف الثورة الفلسطينية والعمل في صفوف الفدائيين في حركة فتح وهي على مقاعد الدراسة، حيث تلقت العديد من الدورات العسكرية ودروس في حرب العصابات، تدربت خلالها على أنواع مختلفة من الأسلحة، تم اختيارها رئيسة للمجموعة التي ستنفذ عملية فدائية في الداخل المحتل مكونة من عشرة فدائيين، وقد عرفت العملية بعملية “كمال عدوان”، والفرقة باسم “دير ياسين”
وفي صباح 11/3/1978 نزلت دلال مع فرقتها من قارب كان يمرّ أمام الساحل الفلسطيني واستقلت المجموعة قاربيْن، ونجحت عملية الإنزال والوصول، دون أن يتمكن الإسرائيليون من اكتشافها لغياب تقييمهم الصحيح لجرأة الفلسطينيين….
حيث نجحت دلال وفرقتها في الوصول نحو تلّ أبيب وقامت بالاستيلاء على الحافلة بجميع ركابها الجنود، في الوقت الذي تواصل الاشتباك مع عناصر إسرائيلية أخرى خارج الحافلة، وقد أدتْ هذه العملية الى إيقاع المئات من القتلى والجرحى في الجانب الإسرائيلي، وعلى ضوء الخسائر العالية قامت حكومة إسرائيل بتكليف فرقة خاصة من الجيش يقودها “أيهود باراك” بإيقاف الحافلة وقتل واعتقال ركابها، حيث استخدمت الطائرات والدبابات لحصار الفدائيين، الأمر الذي دفع دلال المغربي الى القيام بتفجير الحافلة وركابها مما أسفر عن قتل الجنود الإسرائيليين، وما إن فرغت الذخيرة أمر “بارك” بحصد جميع الفدائيين بالرشاشات فاستشهدوا جميعا…
استشهدت دلال المغربي ومعها أحد عشر من الفدائيين بعد أن كبدت جيش الاحتلال 30 قتيلاً و80 جريحا [الرقم أعلنته قوات الاحتلال]، أما الاثنان الآخران فتقول الروايات أنّ أحدهما نجح في الفرار والآخر وقع أسيراً وهو جريح، فسألوه عن قائد المجموعة فأشار بيده إلى دلال، لم يصدق “باراك”، فأعاد سؤاله على الجريح مهدداً فكرّر الأسير قوله السابق، فأقبل عليها “باراك” يشدّها من شعرها ويركلها بقدمه بعد استشهادها…، أين منه قامتها العالية ..رحمها الله وجازاها عن الأمة العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء ..كلّ خير وأسكنها فراديس جنانه …
ومن أهمّ الكتّاب والشعراء الذين كتبوا عنها نجد نزار قباني الذي قال:
” في باص… أقاموا جمهوريتهم أحد عشر رجلا بقيادة امرأة اسمها دلال المغربي تمكنوا من تأسيس فلسطين بعدما رفض العالم أن يعترف لهم بحق تأسيسها… ركبوا أتوبيسا متجها من حيفا إلى تل أبيب وحولوه إلى عاصمة مؤقتة لدولة فلسطين رفعوا العلم الأبيض والأخضر والأحمر والأسود على مقدمة الأتوبيس وهزجوا وهتفوا كما يفعل تلاميذ المدارس في الرحلات المدرسية وحين طوقتهم القوات الإسرائيلية ولاحقتهم طائرات الهليوكوبتر وأرادت أن تستولي بقوة السلاح على الأتوبيس العاصمة فجروه وانفجروا معه ولأوّل مرة في تاريخ الثورات يصبح باص من باصات النقل المشترك جمهورية مستقلة كاملة السيادة لمدة 4 ساعات، إنه لا يهم أبدا كم دامت هذه الجمهورية الفلسطينية المهمّ أنّها تأسست وكانت أول رئيسة جمهورية لها اسمها دلال المغربي.”
اقتطف لكم هذه الفقرة من وصية دلال المغربي ..، فهي وصيّة للناس جميعا وإن وُجِهتْ للمناضلين ..، وهي معبّرة وتشير إلى وحدة الصفّ والهدف ..، يرحمها الله :
” …كلّ البنادق نحو العدو الصهيوني ، واستقلالية القرار الفلسطيني تحميه بنادق الثوار المستمرة، لكل الفصائل أقولها .. لإخواني جميعهم أينما تواجدوا: الاستمرار بنفس الطريق، لا يهم المقاتل حين يضحي أن يرى لحظة الانتصار وأراها بعينيْ رفيقي، فاستمروا وصونوا الوصية وتحرير كامل الوطن المحتلّ دون مساومة على أيّ شبر من الارض العربية وأن يضربوا العدو الصهيوني حتى تحرير كامل التراب الوطني …، أطلب من أمي وأبي و الإخوان أن يكفكفوا دمعاً حزينا…”
خلاصة القول كم فينا من دلال المغربي وكم فينا من غضب عارم ..، المهمّ أن لا يركن للصمت ..، وجميعنا أيها القراء والكتاب والذين هم بين بين ..:
تكلّموا وافضحوا وانشروا كل ما يدين هذا الكيان الغاصب
فهو يُعوّل على تعبنا وانكماشنا وصمتنا.. ،فحذار من الصمت..
كلّ في مكانه.. في البيت..في العمل.. في مقهى في مظاهرة حاشدة.. ،يجب أن نتحرك ونضجّ وندين ونفضح… فهذا هو الحل لهزيمة هذا العدو النازي الصهيوني… ،رجاء لا تصمتوا….