أثير- مكتب أثير في دمشق
كُفّي عن المطالبة بحقك..
فإمّا أن تكوني أو لا نكون..
حريّ بالرّجل أن يُطالب بحُريّة المرأة الحُرّة المسؤولة، التي لا تتوقفُ عندما تبدأ حريّة الآخرين، إنّما تتماهى معها لتنشئ عائلة متكاملة كخليّة سليمة في جسمِ مجتمع سيكون بالنتيجة سليما معافى بخلاياهِ وأعضائه.
هل نستطيعُ في يومِ المرأة أن نخصَّ المرأة لوحدها، متميّزة متفرّدة بالحديثِ بعيداً عن الرّجل الأب.. والأخ.. الزّوج.. والولد؟
هل نستطيع أن نتحدثَ عن امرأة متحررةٍ في مجتمعٍ متخلّف؟
هل نستطيع أن نتحدث عن امرأة متخلّفة في مجتمع متحضر؟
هل نستطيع التّحدث عن رجل مثقف حضاري متميز، وكل النساء في عائلته ومجتمعه ينقصهن كلّ ما ذكرنا؟
كثيرة هي الأسئلة التي من الممكن طرحها حتى نتحدث عن حرية المرأة
وأيّ نوعٍ منَ الحريّة نُريد؟
هل مجرّد أنها تعمل هي حُرّة؟
هل مغادرةُ المنزلِ إلى العمل يعني حريّة؟
ثورة النّساء العاملات على الأعراف والقوانين التي تحكمهن كانت بعدَ خروج المرأة للعمل وانتهاك جهدها واستغلال عمرها،
ولكن.. هل من الضروري أن تخرج المرأة للعمل حتى تكون امرأة متحرّرة ومسؤولة؟
بالطبع لا، قد تكون امرأة سيّدةً مسؤولةً في منزلها، ومربية لأطفالها، ومفكرةً وصاحبة ثقافة، وفنانة في كل شيء،
وإذا خرجت للعمل نظّمت وقتها وجهدها بين البيت والعمل.
وبرغم وجود الكثير من النّماذجِ النّسائية المشرّفة في كلّ ميادين الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ولكن لم يخلُ الأمر من بعض المظاهر السلبية والمستغربة.
هل نستطيع أن نسأل لماذا جرى تسّيع المرأة، وخاصّة بعدَ خروجها لسوق العمل؟
ربّما نستطيع الادعاء أن لدينا بعض الإجابات.. فعلى سبيل المثال لا الحصر الاقتصاد والشركات الإعلانية والدّعائية التي تبحث عن الربح بغض النّظر عن الأخلاقيات، والتي تصنّع نماذج نسائيّة فنيّة أوغير ذلك وتجمّلها على أساس أنّها النموذج النسائي لعصر الجمال.
وهذا غيض من فيض النماذج البائسة للتعامل باستخفاف مع المرأة، ويأتي النّموذج الجديد الذي زجّت به حضارة الميديا وأذرعها المختلفة التي فتحت ليس فقط فمها وإنما جوفها لتتسع لكل من هبّ ودب في عالم الفضاء والساعات المفتوحة بلا حسيب ولا رقيب.
طبعاً نتحدث عن المظاهر السلبيّة في حياة المرأة ولكن وفي أماكن ودول كثيرة عربيّة وأجنبية، المرأة فيها هي سيّدة إنسانة تمارس دوراً مميّزاً، وتتمتع بحقوق وواجبات واحدة أمام القانون، وهي فقط المرأة المحصّنة بالوعي والتي مازالت تقف في وجه الرّيح السّلبية وتبذل المحاولات الحثيثة لاستنهاض الهمم الإيجابية، والوقوف في وجهِ السيلِ الجارف الذي يأخذ بعض المجتمعات والنساء بشكل خاص إلى مستنقعات جديدة جميلة المظهر لكنها قاتلة.
اليوم العالمي للمرأة يجب أن يسهم في إيقاظ الوعي والتمسك بالقيم التي تحمي.
تحيّة للمرأة التي ما تزال حقيقيّة وبعيدة عن كل التشويه الحاصل ويحصل وسيحصل على مدار الساعات..
تحية للمرأة التي تنشر الوعي، وربما صارت من وجهة نظر الاستهلاك والعبودية ليست جميلة، لكنها وبكلّ تأكيد الأجمل بعين العقل.
والخلاصة مجتمع سليم قيميّ هو مجتمع متحضّر برجاله ونسائه
وبذلك تصبح الأيام كلها للمرأة وشريكها الرجل جنباً إلى جنب..وليسَ يوماً واحداً للتذكير بالحقوق والواجبات.
لكن..الصورة التي تحتل الفضاءات والعقول والقلوب الآن، هي صورة المرأة تحت القصف، المرأة النازحة والمصابة، المرأة الثكلى، المرأة الهاربة بطفل صحيح وجريح، المرأة أرملة الرجل والوطن، المرأة المقهورة المحاصرة الجائعة، هي المرأة الفلسطينية التي يجب أن تكون قضيّة العام.
وتبقى هي الحدث الأهم ودائما في المقدمة، وهو المرآة التي تتصدٍر المشهد الآن في يوم المرأة لعام 2024…امرأة مختلفة لكن غير متخلفة، امرأة تكبر في الساعة دهراً كاملاً تَحمل على كاهلها هموم وطن، امرأة تورّم قلبها من الهموم، تحمل ابنها ينزف، تضمّد جراحه وهي تدفن الآخر، غير منتظرة لزوج تعرف أنه لن يعود من المعركة، المرأة التي تطبخ حفنة من ركام على حطام ما بقي من بيتها، امرأة بنصف جسد لأن النّصف الآخر أكلته نار الحرب، امرأة لا تحب الحرب ولا تريدها، لكنّها وجدت نفسها في أَتونها، فكانت كالموت جادّة ،و كالحياة قويّة.
هي المرأة الأم، والأخت والزوجة والبنت الفلسطينية، هي أيقونة نساءِ العام الحالي وكلّ الأعوام.