أبجد

رعاة الأمل.. الفلسطيني

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

 

رعاة الأمل.. الفلسطيني

سعدية مفرح

 

“رعاة الأمل”، عنوان أحد كتبي لكنكم لو فتشتم في قائمة ما نشرته من كتب فلن تجدوه رغم أنني نشرته فعلاً! أما تفسير هذا اللغز فهو أن هذا الكتاب صدر بعنوان آخر غير العنوان الذي كنت قد اخترته له، ورغم أنني وافقت على تغيير العنوان من “رعاة الأمل” إلى “وجع الذاكرة” بناء على طلب من رئيس تحرير مجلة العربي الكويتية السابق الدكتور سليمان العسكري حيث صدر الكتاب في سلسلة الكتب الشهرية لهذه المجلة، إلا أنني احتفظت بعنواني الأثير في ذاكرتي وبين أوراقي لعلي أضعه على غلاف كتاب آخر يوما ما.

و”رعاة الأمل” الذي يعرفه قراؤه بـ“وجع الذاكرة”، كتاب حاولت فيه كما بينت في مقدمتي التي سأسترجع بعض فقراتها في المقال حرفيا، الاحتفاء بذاكرة الشعر الفلسطينية عبر استذكار  تجارب خمسة عشر شاعرًا من فلسطين رغم أن مشهد الشعر الفلسطيني، أكثر اتساعًا من هذا الرقم (15) المتواضع بكثير، ولعله أوسع من أن يختصرَ برقم مهما كبر هذا الرقم، ولذلك يبقى الرقم مجرد اقتراح لفتح كوة على المشهد المفتوح بدورِه على كل الأفاق، انطلاقًا من الحلم الفلسطيني الأكثر اتساعًا من كل الآفاق. ففلسطين لَم تعُدْ مجرد وطن عربي محتل من قِبل عدو صهيوني شرِس بل صارت حالة إنسانية مستمرَّة ومتطورة في سياق الشعر والنثر ومنطلقاتهما الحياتية.

و”رعاة الأمل” الذي يعرفه قراؤه ب

ـ

“وجع الذاكرة”، كتاب حاولت فيه كما بينت في مقدمتي التي سأسترجع بعض فقراتها في المقال حرفيا، الاحتفاء بذاكرة الشعر الفلسطينية عبر استذكار  تجارب خمسة عشر شاعرًا من فلسطين رغم أن مشهد الشعر الفلسطيني، أكثر اتساعًا من هذا الرقم (15) المتواضع بكثير، ولعله أوسع من أن يختصرَ برقم مهما كبر هذا الرقم، ولذلك يبقى الرقم مجرد اقتراح لفتح كوة على المشهد المفتوح بدورِه على كل الأفاق، انطلاقًا من الحلم الفلسطيني الأكثر اتساعًا من كل الآفاق. ففلسطين لَم تعُدْ مجرد وطن عربي محتل من قِبل عدو صهيوني شرِس بل صارت حالة إنسانية مستمرَّة ومتطورة في سياق الشعر والنثر ومنطلقاتهما الحياتية.

ولأنه حلم متسع ومستمرّ ومتجدد يبقى محروسًا برعاة الأمل الذاهبين إلى بيت القصيد الفلسطيني، المندغمين بالحالة الإنسانية، المسلحين بالقدرة والموهبة والدأب، على مرّ الأجيال الشعرية العربية بشكلٍ عام والفلسطينية بشكل خاص.

ومن هنا يبدو مشهد الشعر الفلسطيني مغريًا لكل مَن يريد أن يختار من بين تفاصيله بعضها، من دون أن يخشى لوم لائم، وهم كثر.. إذا تعلق الأمر بمختارات شعرية كما تعودْنا في السنوات العربية الأخيرة، فللشعر الفلسطيني خصوصيتُه المستمدَّة من خصوصية فلسطين، وللشعراء الفلسطينيين استثنائيتهم، كرعاة للأمل الوطني وحرَّاس لوجع الذاكرة بالضرورة.

لقد عانت الحالة الفلسطينية المستمرَّة كوطن وكقضية على مدى ما يقرب من القرن من الادعاءات الشعرية المزيَّفة فوق ما عانته من ادعاءات سياسية وثقافية وفكرية كادت أن تودي بها إلى مهاوي النسيان، لكنها لِحُسن الحظ، كانت دائمًا وفي نفس الوقت مسيّجة بقافلة من مبدعين استطاعوا حماية الذاكرة وإعادة تكوين ما تداعى منها، تحت وطأة الادّعاء، بعفوية ورهافة ووعي وحرص على الفعل الجمالي دائمًا؛ فالقضية التي كانت دائمًا موضوعًا شعريًّا سهلًا بقيتْ عصيَّة في تدفقها الجمالي، ولم يستطع مناوشة البلاغة فيها سوى قلة من الشعراء منهم شعراء هذا الكتاب، وربما لذلك لم أهتم كثيرًا بانتقاء “أفضل” ما كتب كل شاعر، ليس لأنني لا أؤمن بأفعل التفضيل عندما يتعلق الأمر بالشعر والشعراء وحسب، ولكن أيضًا لأنني لست في موقع اتخاذ أحكام نقدية، ولذلك انتقيت تلك القصائد هكذا، من دون أسباب محددة مسبقًا، ولا وفقًا لخطة مسبقة، فهي قصائدهم، وهذا يكفي، وهم شعراء فلسطينيون وهذا أيضًا يكفي. ولم أحرص إلا على اختيار الشعراء والقصائد كنماذج أوضح للمشهد الشعري الفلسطيني خلال المائة سنة الأخيرة، خاصة أن معظمهم قد اكتملت تجاربهم وخضعت لاختبار الزمن. 

يومها حاولت الاطلاع على معظم ما كتب عن الشعر الفلسطيني وعلى معظم المختارات الشعرية الفلسطينية قبل أن أبدأ باختيار الأسماء، ولم تكن المهمة بعد ذلك صعبة، فكل الشعراء المختارين أعرفهم جيدًا، ولعلي نشأت شعريًّا تحت ظلال ما كتبوا، فبعض قصائدهم كان مدرجًا ضمن المناهج الدراسية لمدارس الكويت حيث درستُ كل المراحل الدراسية، وكثير منها ساهم في تشكيل وجداني القومي في مرحلة مبكرة من عمري، ولذلك فقد كانت الكتابة عن أولئك الشعراء من أيسر وأجمل المهمَّات الكتابية التي أنجزتها وفقًا لتداعيات الذاكرة المحملة بالعَبَق الفلسطيني، مع بعض الاستعانات الضرورية بمراجع عامة تتعلق بالتفاصيل الدقيقة لحياة كل شاعر من الشعراء الخمسة عشر، وكانت معظم هذه المراجع هي دواوين الشعراء.

وقد عمدت في المرحلة الأولى من مراحل العمل على إعداد الكتاب الذي أنجز في فترة زمنية قصيرة جدا إلى جمع أسماء الشعراء الفلسطينيين الذين أحببت أن يضمهم الكتاب، فوجدت العدد يربو على الثلاثين اسما ، لكنني اضطررت في النهاية إلى تقليصه إلى النصف تقريبا، استجابة للشروط الفنية التي تتعلق بحجم الكتاب، خاصة أنه صدر ضمن سلسلة “كتاب العربي” وهي سلسلة دورية موحدة الحجم. فبدأت بالشاعر ابراهيم طوقان المولود العام ١٩٠٥، وختمت بالشاعر ابراهيم نصر الله المولود العام ١٩٥٣، أي أن الشعراء الخمسة عشر المختارين وُلدوا جميعهم في النصف الأول من القرن العشرين الميلادي، وهيمنت شعريتهم على القرن بأكمله، ولعلهم مع آخرين، لم تُتَحْ لي فرصة اختيارهم لقلة المراجع التي يمكن الاعتماد عليها في الكتابة عنهم في وقت إعدادي للكتاب، هم الذين خلقوا هوية فلسطين الشعرية على اختلاف مدارسهم الإبداعية وطرائقهم الكتابية ومناهجهم الفكرية وانتماءاتهم السياسية أيضًا. 

وختمت تقديمي للكتاب بالإشارة إلى أنني احتفظت ببقية الأسماء وبشغفي في الكتابة عنها، على أمل أن تتاح لي الفرصة لاحقا لاستكمال الكتاب بجزء ثان يتضمنها، وغيرها من الأسماء الشعرية الفلسطينية الشابة. وعندها سأصر على أن يكون عنوان الجزء الثاني “رعاة الأمل”  ذلك أن الذاكرة المحملة بالوجع لا بد لها من رعاة يسقونها بالأمل.. والشعراء الفلسطينيون الشباب قادرون على أن يكونوا أولئك الرعاة.

 

Your Page Title