ما أهونَ الإِعلام حين يَقعُ في بئرِ النفاقِ والتدليسِ، وما أسوءَ الإِعلام حين يَتخلى عن شرفِ مِهنتهِ الحقيقيةِ ويَلعبُ دورَ ناقلِ الأَكاذيب ِسواءً عَلِمَ ذلك أو لمْ يَعلم، ففي الأولى يكون شريكاً في الجُرم وهذا شأنُ الانتهازيينَ وشذاذِ الآفاقِ، وإن لمْ يَعلم فتلك مصيبةٌ كبرى لأنه لم ْيُمارس تفاصيل التحري والبحثِ عن الحقيقةِ، وهذا ما يَجعلُ الإِعلامَ والإِعلاميَّ مُهرجا ًيَستحقُ الرثاءَ على عَملهِ ودوره غيرِ الأَخلاقي وغيرِ المهني، وهذا هو الدورُ الذي تُمارسهُ قناةُ الـ mbc هذه الأيام، حين نَشرت خَبرَ التبرعِ بفائضِ الزكاةِ الخليجيةِ لعُمان والبحرين وما نشرته المواقعُ الأخرى أيضاً، وقد نفت وزارةُ الأوقافِ والشؤون الدينية في السلطنة مؤخرا ًوبعد تواصلها مع الخارجيةِ العمانيةِ هذا الخبرَ جملةً وتفصيلا، واصفةً ذلك بأنها أخبارٌ لا أساسَلها من الصحة.ذاك هو فعُمانُ أكبرُ من هذه المراهقةِ السياسيةِ والدجلِ الذي تُمارسه سياسةٌ ما عبرَ هذا المنفذِ، لقد سئم الناسُ هذا الرقصَ الفاضحَ على هذا النشازِ الأخلاقي بين حين وآخر، ألمْ تتعبوا أنتمْ من الرقصِ خلفَ الستائر..؟! ، ألم تيأسوا من صناعةِ البطولاتِ الزائفةِ والإِتجارِ بالمبادئ، فإن كانتْ حِكمةُ جلالةِ السلطان في فنِّ التعاملِ تحتم الصمتَ الرسميَّ وعدمَ الردِ على الإساءةِ بمثلها،فاعلموا أن عُمانَ أعلمُ بما وراء الأكمةِ، إلا أن تلك الحكمة درسٌ جهلتموه أنتمْ في أكثر من موضع بدلَ الاستفادةِ منه كمحاولةٍ منكم لعلكم تصبحوا أُناساً حقيقيين، ومع كُلِّ مُحاولةٍ لطعنِ عُمان بأفانين أكاذيبكم لا تَسيلُ على الأرضِ إلا دماءُ أحقادكم، لكن تعلَّموا درساً آخر وهو أننا كشعبٍ وكإعلامٍ لن نصمتَ ولن نقفَ عاجزينَ إِزاءَ هذا الثغاء، فلقد بلغَ السيلُ الزبى، ووصلتمْ لحدٍّ لمْ يَعد ممكناً السكوتُ عليه، فلكمْ منا كلمات بمقاسِ كلماتكم إلا أنها أكثرُ شرفاً ونبلاً، ولكم منا إعلامٌ صريحٌ غَيرُ كاذب إِزاءَ سوداويةِ إِعلامِكم وخفافيشكم المستأجرةِ إلا أنه إعلامٌ يَعرفُ كيف يحدُّ من لهو طفولتِكم الإعلامية، ومراهقتكم السياسية، فانتظروا إننا معكم من المنتظرين.
نعم لقد هانَ الإِنسانُ حين هانَ الإِعلامُ وسقطَ فأنتج شعوباً غيرَ واعيةٍ، وقد صدق جوزيف جوبلز حين قال: اعطني اعلاماً بلا ضمير اعطيك شعباً بلا وعي، أما أموالُ فائضِ الزكاةِ التي تتحدثونَ عنها فشعوبكم أولى بها لأنَّ “جحا أولى بلحم طوره”، أما عُمان فقد مرت بظروفٍ مُناخيةٍ سيئةٍ حتى أبعد حدّ إلا أنها اعتمدتْ على سواعدِ أبنائها وأموالِ أبنائها، ذلك لأنَّ الحكمةَ السلطانيةَ التي تقودها أعلم بما يتبع ذلك، وبصيرةَ شَعبِها وولائهم تُدركُ المنة والأذى الذي تحاولون أن تصطادوه بشتّى الطرق.
السؤالُ الحقيقيُّ الذي يلحُّ الآن هو: ما الذي تجنيه الـ mbc من هكذا ممارساتٍ، أهو المقابلُ المادي فقط؟! وإن كان مهما كان المبلغ المدفوع كأجرٍ ! هل ذلك يساوي ضميرَ الإِنسانِ وشرفَ المهنةِ ومصداقيةَ أيِّ منبرٍإِعلامي..؟!هل استعصى عليها قولُ الحقِّ، وهل تلميع ُسياسةٍ ما يساوي بطبيعةِ الحال هذا الانحدارَ في القيم والأخلاق والمبادئ..؟!هل أدواتُ الهدمِ، وانعدامُ الثقةِ والمصداقيةِ هي المعادلُ الطبيعيُّ لمصلحةِ جهةٍ ما.. هل كُلُّ هذا من أجل الوصول إلى الهدفِ الأدنى والأكثر بذاءةً وهو الاستخفاف بعقل المتلقي وقدرته على الاستيعاب..؟فاسعوا على مناكبكم وأذقانكم إلى أهدافكم الدنيئةِ هذه إن شئتم ذلك، ولكن بَعيداً عنّا فعُمان ُلا تتسعُ لمجدكم الزائفِ، وحكومتُها وشعبُها يَملكونَ عقولاً وأفئدةً ذكيةً وواعيةً قادرةً على تعريةِ أكاذيبكم.
هنا لا مجالً لرقصِ الأَقزام.. فحاذروا فلا يكب الناس على وجوههم في النارِ إلا حصائد ألسنتهم وأما إِنْ شئتم الاستمرارَ فاعلموا أن العفو الكاملَ صفةٌ إِلهيةٌ ونحن هنا بَشر، وأننا نَعلم أنَّ العدالةَ المطلقةَ والصفاءَ الكاملَ والجمالَ المحض صفةٌ إلهيةٌ وأنتم هنالك بشر، وكُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ، ولكن:كناطحٍ صخرة يوماً ليفلقها … فلمْ يضرها وأوهى قرنهُ الوعلُ