أثير – تاريخ عمان
يعتبر ميناء مدينة صور على الساحل الجنوبي الشرقي لسلطنة عمان مثالا فريدا للمواني المطلة على المحيط الهندي بموقعه الإستراتيجي للسفن التي تبحر على امتداد المحيط الهندي والسواحل الأفريقية اثتاء هبوب الرياح التجارية الموسمية .
وتعكس التركيبة العالمية لسكان مدينة صور العلاقات الحميمية التي يتمتع بها الصوريون مع دول المحيط الهندي وسواحل شرق افريقيا ، فصور جزء من البنية الأساسية للثقافة البحرية في المحيط الهندي وخاصة سواحل شرق افريقيا.
إذن الأساس في كل ذلك عالمية صور ومينائها وتلك السفن ونواخذتها من جابوا البحار بتجارتهم وأخلاقهم وثقافتهم قبل انتشار مفهوم العولمة منذ زمن طويل .
لقد كان ذلك المركب الخشبي الملقب بالدهو والذي تم تداوله بهذا المسمى الذي يعتقد بأن اصوله سواحلية خلال القرن التاسع عشر الميلادي من قبل ضباط البحرية الامريكية الذين أصبحوا يطلقونها كذلك على مجموعة واسعة من أنواع المراكب كالبغلة والسمبوق والبوم ، وسيلة نقل الصوريين الى العوالم الأخرى وسبب رئيسي في ذلك الانفتاح الذي شهدته المدينة وأهلها .
إن موقع صور بالتحديد لم يكن صالح بأن يصبح ميناء بمعنى الكلمة ، فصور كغيرها من العديد من المرافئ في سلطنة عمان ومنطقة الخليج تقع على أحد الخيران ، وفي نهاية القرن التاسع عشر الميلادي ، كان خور البطح الذي يبلغ طوله 4 كيلومترات وعرضه ثلاثة كيلومترات عمقه يصل إلى ثلاثة أرباع القامة فقط عند انخفاض المد، وقد كان المرفأ الحقيقي في ذلك الوقت يقع عند خور الجرامة على بعد 15 الى 20 كيلو من مدينة صور .
حيث كانت المراكب الكبيرة تقوم بتفريغ حمولتها للتخرين على مراكب أصغر حجما لنقل مختلف البضائع إلى صور ، وفي شهر مايو يصبح خور الجرامة بالنسبة للسفن كالحوض الجاف حالياً حيث يتم إنزال أشرعة السفن تمهيداً لإصلاحها وصيانتها قبل بدأ الرياح الموسمية في شهر أغسطس أو سبتمبر.
اذن مدينة صور قامت على جانبي الخور وسمي الجزء الغربي للمدينة بالعيجة ، والجزء الشرقي كان يسمى أم قريمتين ، وفي الداخل أو السهل الواقع خلف الخور على بعد ثلاثة كيلومترات من المدينة كانت بلاد صور .
وتعتبر مدينة صور المنفذ الرئيسي لمنطقتي الشرقية وجعلان واللتين تنتجان تمور المبسلي وهو نوع محبب من التمر بالنسبة للعمانيين بجانب تمر الخلاص .
ولهذه التمور سوق رائجة في الهند حيث يتم تبادلها بالمواد الغذائية خاصة الارز والسكر ومجموعة كبيرة من البضائع الأخرى، وأهمها المنسوجات القطنية التي تذهب إلى أسواق المنطقة الداخلية، وحسب سجلات الممثل السياسي البريطاني في مسقط، فإنه في عام 1929م كانت أكثر من 90% من صادرات صور تأتي من المنطقة الداخلية بعمان بينما تأتي البقية من جعلان ، وفي نفس الوقت فإن 65% من الصادرات في ميناء صور كانت تتجه إلى المنطقة الشرقية و25% إلى جعلان ، و10% فقط إلى صور لتوفير الغذاء والكساء لسكان المدينة الذي كان يتراوح عددهم ما بين 10,000 إلى 12,000 نسمة .
وحينما نتحدث عن الوجه الآخر لمدينة صور بالنسبة للمحيط الهندي ، فإننا نتحدث عن أغنى مناطق الثروة السمكية التي تقع بالقرب من المدينة والتي تعتبر مصدر رزق للعمانيين لآلاف السنين ، حيث كان السمك يستخدم طازجا أو بعد تجفيفه، ولقد كانت أغلب البضائع التي تحملها السفن الصورية المتوجهة إلى زنجبار وممباسا تتضمن الأسماك الجافة حتى السبعينات من القرن الماضي .
ويتضح مما سبق أن مدينة صور كانت تحتل مركزا مرموقا ومهما في التجارة البحرية بغرب المحيط الهندي ،فثلثا السفن التي وصل عددها في زنجبار إلى 300 سفينة بين عامي 1945 و 1946م لربابنة صور الذين قادوا سفنهم التجارية إلى تلك الأنحاء .
مع بداية موسم الرياح الموسمية كانت مراكب الدهو الصورية تبحر نحو ميناء البصرة لتحميلها بالتمور ، ثم تعود الى صور ليتم تحميلها ببضائع محلية تتمثل في الأسماك المجففة والملح، وكان بعضها يبحر مباشرة من البصرة إلى الهند محملة بالتمر لتعود بمختلف المواد الغذائية والبضائع المختلفة كبلاط السقف المنجلوري الأحمر الذي أصبح رائجا بشرق أفريقيا ، وخاصة خلال القرن العشرين، والأخشاب من ساحل مالبار لبناء سفن الدهو الصورية.
إن نظام الرياح الموسمية سمحت للصوريين القيام بأربع رحلات إلى الهند والعودة منها في موسم واحد، ووفقا للمراسلات المتبادلة بين الممثل البريطاني بمسقط وحكومة بومبي ” فإنه خلال الفترة ما بين 1900 و 1903م ، كان هناك تقريبا عشرة من مراكب الدهو الصورية تقوم ب18 رحلة سنوية لإستيراد 9,760 كيسا من الأرز و 4,500 كيسا من المواد الغذائية إلى صور والمناطق المحيطة بها .
ولقد كان استيراد الأرز من الهند وبورما بالنسبة لمدينة صور مهما جدا لدرجة أنه حينما تم حظر استيراد الأرز عام 1920 م بسبب نقصه الشديد ، كان هنالك ممثل دائم لشيوخ جعلان بني بو علي لدى سكرتارية بومبي لبذل كل الجهود للحصول على تصريحات استيراد الأرز من الهند إلى صور عمان .
أما في الجانب الآخر، فإن مراكب الدهو الصورية التي تتجه إلى شرق أفريقيا كانت بطريقها تتوقف أغلبها في مواني حضرموت بسيهوت، والمكلا، وسقطرى، وعدن لتبيع لهم تمر البصرة والأرز والأخشاب المستوردة من الهند ، ويقوم نواخذة صور في هذه المواني بإستيراد الملح والسمك المجفف والحصائر وغيرها من المنتجات اليمنية ،ويحملونها في سفنهم متجهين بها إلى مقديشو لبيع بعض البضائع واستيراد سمن الكيسمايو الشهير والمواشي وشحم الأبل وبعض المنتجات التقليدية للإتجار بها في سواحل شرق أفريقيا .
وكانت مناطق التوقف الرئيسة لسفن الدهو الصورية في الساحل السواحيلي قبل الوصول إلى زنجبار مدينة لامو وتانجا ومومباسا ،إذ تفرغ تلك السفن مختلف بضائعها ،وتوقّع عقود عمل مسبقة مع تجار تلك المدن لرحلاتها القادمة في فصل الرياح الموسمية الجنوبية الغربية بعد عدة أشهر .
إذ كانت السفن الصورية تبحر في موسم الرياح الشمالية الشرقية بديسمبر ويناير ، وتعود في موسم الرياح الجنوبية الغربية في أبريل ، وما بين الموسمين يستغل تجار صور وجودهم في شرقي افريقيا للقيام بالعديد من الرحلات الداخلية متجهين إلى دلتا الرفيجي للحصول على خشب أشجار المنغروف الاستوائية ، والتي تطلب بشدة في تشييد المباني بجنوب شبه الجزيرة العربية.
ولم تكن المراكب الصورية تنقل البضائع فقط ، بل كانت وسيلة نقل لآلاف العمانيين الذين هاجروا من عمان متجهين إلى شرقي افريقيا وزنجبار، وشكلوا كذلك دخلا رائجا لنواخذة صور وأصحاب تلك السفن .
ولا ننسى أن نذكر أن بحارة السفن الصورية قد وثقوا علاقاتهم الإجتماعية بالكثير من الدول والمواني التي تتجه لها سفنهم عبر التزاوج أو عبر استقرار الكثير من البحارة في شرقي افريقيا برفقة عائلاتهم سواء العربية أو السواحلية ، ولذا أسس البحارة والنواخذة العمانيون أماكن عديدة للإقامة في المناطق التي كانو يقصدونها عبر تعدد الزوجات بما في ذلك جزر الكومورو ومدغشقر وجيبوتي وغيرها من مدن طالها الإستعمار الفرنسي الذي ما لبث حتى سمح للسفن العمانية الصورية برفع الأعلام الفرنسية لتسهيل تجارتهم بإعتبارهم رعايا فرنسيين كالنوخذة علي بن سعيد التمامي ، ومحمد بن راشد وابنه سالم ومبارك بن محمد ومحمد بن سالم أولاد عبود وسالم بخيت وعبدالله بن سعيد أولاد صبير وغيرهم من العمانيين الربابنة الذين استثمروا رفع العلم الفرنسي بإبحارهم كونهم رعايا الدولة الفرنسية ولا يحق للإنجليز تفتيشهم أيام محاربتهم تجارة السلاح التي كانت رائجة في مسقط وايران عبر السفن الصورية .
لم يكن الصوريون مجرد تجار بالنسبة لهذه المواني المترامية الأطراف، بل استطاعوا من خلال تجارتهم وترحالهم أن يشكلوا روابط أسرية وثقافية خلقت بدورها شبكة اجتماعية كثيفة ربطت بين ثلاثة سواحل، مما أدى الى امتزاج ثقافات تلك السواحل مع ثقافة أهل صور الذين حملوا بعضها الى موطنهم بكل قوة كالأغاني السواحلية وطبول المسيندو وغيرها من تأثيرات لا حصر لها والعكس صحيح، فقد كان الكثير من نواخذة صور والبحارة لهم أملاك في المواني أو المدن التي كانت تبحر إليها سفنهم فأسسوا منازل فيها وتزاوجوا ونسلوا لهم أطفالا ،واستقر بعضهم بجانبهم بما أن الأمهات من شرقي أفريقيا او من تلك المدن بالنفس، ووفقا لما قالته عالمة الأجناس كارول إيستمان فإن العديد من المهاجرين العرب قد تحولوا بسرعة إلى سواحلية وتبنوا ثقافات ولغات أمهاتهم السواحليات أو مربياتهم.
*المرجع : مجدلة الدراسات العمانية – وزارة التراث والثقافة – سلطنة عمان – العدد 15 – الترجمة للعدد 13 – 2008م
أثير – تاريخ عمان
يعتبر ميناء مدينة صور على الساحل الجنوبي الشرقي لسلطنة عمان مثالا فريدا للمواني المطلة على المحيط الهندي بموقعه الإستراتيجي للسفن التي تبحر على امتداد المحيط الهندي والسواحل الأفريقية اثتاء هبوب الرياح التجارية الموسمية .
يعتبر ميناء مدينة صور على الساحل الجنوبي الشرقي لسلطنة عمان مثالا فريدا للمواني المطلة على المحيط الهندي بموقعه الإستراتيجي للسفن التي تبحر على امتداد المحيط الهندي والسواحل الأفريقية اثتاء هبوب الرياح التجارية الموسمية
.
وتعكس التركيبة العالمية لسكان مدينة صور العلاقات الحميمية التي يتمتع بها الصوريون مع دول المحيط الهندي وسواحل شرق افريقيا ، فصور جزء من البنية الأساسية للثقافة البحرية في المحيط الهندي وخاصة سواحل شرق افريقيا.
وتعكس التركيبة العالمية لسكان مدينة صور العلاقات الحميمية التي يتمتع بها الصوريون مع دول المحيط الهندي وسواحل شرق افريقيا ، فصور جزء من البنية الأساسية للثقافة البحرية في المحيط الهندي وخاصة سواحل شرق افريقيا
.
إذن الأساس في كل ذلك عالمية صور ومينائها وتلك السفن ونواخذتها من جابوا البحار بتجارتهم وأخلاقهم وثقافتهم قبل انتشار مفهوم العولمة منذ زمن طويل .
إذن الأساس في كل ذلك عالمية صور ومينائها وتلك السفن ونواخذتها من جابوا البحار بتجارتهم وأخلاقهم وثقافتهم قبل انتشار مفهوم العولمة منذ زمن طويل
.
لقد كان ذلك المركب الخشبي الملقب بالدهو والذي تم تداوله بهذا المسمى الذي يعتقد بأن اصوله سواحلية خلال القرن التاسع عشر الميلادي من قبل ضباط البحرية الامريكية الذين أصبحوا يطلقونها كذلك على مجموعة واسعة من أنواع المراكب كالبغلة والسمبوق والبوم ، وسيلة نقل الصوريين الى العوالم الأخرى وسبب رئيسي في ذلك الانفتاح الذي شهدته المدينة وأهلها .
لقد كان ذلك المركب الخشبي الملقب بالدهو والذي تم تداوله بهذا المسمى الذي يعتقد بأن اصوله سواحلية خلال القرن التاسع عشر الميلادي من قبل ضباط البحرية الامريكية الذين أصبحوا يطلقونها كذلك على مجموعة واسعة من أنواع المراكب كالبغلة والسمبوق والبوم ، وسيلة نقل الصوريين الى العوالم الأخرى وسبب رئيسي في ذلك الانفتاح الذي شهدته المدينة وأهلها
.
إن موقع صور بالتحديد لم يكن صالح بأن يصبح ميناء بمعنى الكلمة ، فصور كغيرها من العديد من المرافئ في سلطنة عمان ومنطقة الخليج تقع على أحد الخيران ، وفي نهاية القرن التاسع عشر الميلادي ، كان خور البطح الذي يبلغ طوله 4 كيلومترات وعرضه ثلاثة كيلومترات عمقه يصل إلى ثلاثة أرباع القامة فقط عند انخفاض المد، وقد كان المرفأ الحقيقي في ذلك الوقت يقع عند خور الجرامة على بعد 15 الى 20 كيلو من مدينة صور .
إن موقع صور بالتحديد لم يكن صالح بأن يصبح ميناء بمعنى الكلمة ، فصور كغيرها من العديد من المرافئ في سلطنة عمان ومنطقة الخليج تقع على أحد الخيران ، وفي نهاية القرن التاسع عشر الميلادي ، كان خور البطح الذي يبلغ طوله 4 كيلومترات وعرضه ثلاثة كيلومترات عمقه يصل إلى ثلاثة أرباع القامة فقط عند انخفاض المد، وقد كان المرفأ الحقيقي في ذلك الوقت يقع عند خور الجرامة على بعد 15 الى 20 كيلو من مدينة صور
.
حيث كانت المراكب الكبيرة تقوم بتفريغ حمولتها للتخرين على مراكب أصغر حجما لنقل مختلف البضائع إلى صور ، وفي شهر مايو يصبح خور الجرامة بالنسبة للسفن كالحوض الجاف حالياً حيث يتم إنزال أشرعة السفن تمهيداً لإصلاحها وصيانتها قبل بدأ الرياح الموسمية في شهر أغسطس أو سبتمبر.
حيث كانت المراكب الكبيرة تقوم بتفريغ حمولتها للتخرين على مراكب أصغر حجما لنقل مختلف البضائع إلى صور ، وفي شهر مايو يصبح خور الجرامة بالنسبة للسفن كالحوض الجاف حالياً حيث يتم إنزال أشرعة السفن تمهيداً لإصلاحها وصيانتها قبل بدأ الرياح الموسمية في شهر أغسطس أو سبتمبر
.
اذن مدينة صور قامت على جانبي الخور وسمي الجزء الغربي للمدينة بالعيجة ، والجزء الشرقي كان يسمى أم قريمتين ، وفي الداخل أو السهل الواقع خلف الخور على بعد ثلاثة كيلومترات من المدينة كانت بلاد صور .
اذن مدينة صور قامت على جانبي الخور وسمي الجزء الغربي للمدينة بالعيجة ، والجزء الشرقي كان يسمى أم قريمتين ، وفي الداخل أو السهل الواقع خلف الخور على بعد ثلاثة كيلومترات من المدينة كانت بلاد صور
.
وتعتبر مدينة صور المنفذ الرئيسي لمنطقتي الشرقية وجعلان واللتين تنتجان تمور المبسلي وهو نوع محبب من التمر بالنسبة للعمانيين بجانب تمر الخلاص .
وتعتبر مدينة صور المنفذ الرئيسي لمنطقتي الشرقية وجعلان واللتين تنتجان تمور المبسلي وهو نوع محبب من التمر بالنسبة للعمانيين بجانب تمر الخلاص
.
ولهذه التمور سوق رائجة في الهند حيث يتم تبادلها بالمواد الغذائية خاصة الارز والسكر ومجموعة كبيرة من البضائع الأخرى، وأهمها المنسوجات القطنية التي تذهب إلى أسواق المنطقة الداخلية، وحسب سجلات الممثل السياسي البريطاني في مسقط، فإنه في عام 1929م كانت أكثر من 90% من صادرات صور تأتي من المنطقة الداخلية بعمان بينما تأتي البقية من جعلان ، وفي نفس الوقت فإن 65% من الصادرات في ميناء صور كانت تتجه إلى المنطقة الشرقية و25% إلى جعلان ، و10% فقط إلى صور لتوفير الغذاء والكساء لسكان المدينة الذي كان يتراوح عددهم ما بين 10,000 إلى 12,000 نسمة .
ولهذه التمور سوق رائجة في الهند حيث يتم تبادلها بالمواد الغذائية خاصة الارز والسكر ومجموعة كبيرة من البضائع الأخرى، وأهمها المنسوجات القطنية التي تذهب إلى أسواق المنطقة الداخلية، وحسب سجلات الممثل السياسي البريطاني في مسقط، فإنه في عام 1929م كانت أكثر من 90% من صادرات صور تأتي من المنطقة الداخلية بعمان بينما تأتي البقية من جعلان ، وفي نفس الوقت فإن 65% من الصادرات في ميناء صور كانت تتجه إلى المنطقة الشرقية و25% إلى جعلان ، و10% فقط إلى صور لتوفير الغذاء والكساء لسكان المدينة الذي كان يتراوح عددهم ما بين 10,000 إلى 12,000 نسمة
.
وحينما نتحدث عن الوجه الآخر لمدينة صور بالنسبة للمحيط الهندي ، فإننا نتحدث عن أغنى مناطق الثروة السمكية التي تقع بالقرب من المدينة والتي تعتبر مصدر رزق للعمانيين لآلاف السنين ، حيث كان السمك يستخدم طازجا أو بعد تجفيفه، ولقد كانت أغلب البضائع التي تحملها السفن الصورية المتوجهة إلى زنجبار وممباسا تتضمن الأسماك الجافة حتى السبعينات من القرن الماضي .
وحينما نتحدث عن الوجه الآخر لمدينة صور بالنسبة للمحيط الهندي ، فإننا نتحدث عن أغنى مناطق الثروة السمكية التي تقع بالقرب من المدينة والتي تعتبر مصدر رزق للعمانيين لآلاف السنين ، حيث كان السمك يستخدم طازجا أو بعد تجفيفه، ولقد كانت أغلب البضائع التي تحملها السفن الصورية المتوجهة إلى زنجبار وممباسا تتضمن الأسماك الجافة حتى السبعينات من القرن الماضي
.
ويتضح مما سبق أن مدينة صور كانت تحتل مركزا مرموقا ومهما في التجارة البحرية بغرب المحيط الهندي ،فثلثا السفن التي وصل عددها في زنجبار إلى 300 سفينة بين عامي 1945 و 1946م لربابنة صور الذين قادوا سفنهم التجارية إلى تلك الأنحاء .
ويتضح مما سبق أن مدينة صور كانت تحتل مركزا مرموقا ومهما في التجارة البحرية بغرب المحيط الهندي ،فثلثا السفن التي وصل عددها في زنجبار إلى 300 سفينة بين عامي 1945 و 1946م لربابنة صور الذين قادوا سفنهم التجارية إلى تلك الأنحاء
.
مع بداية موسم الرياح الموسمية كانت مراكب الدهو الصورية تبحر نحو ميناء البصرة لتحميلها بالتمور ، ثم تعود الى صور ليتم تحميلها ببضائع محلية تتمثل في الأسماك المجففة والملح، وكان بعضها يبحر مباشرة من البصرة إلى الهند محملة بالتمر لتعود بمختلف المواد الغذائية والبضائع المختلفة كبلاط السقف المنجلوري الأحمر الذي أصبح رائجا بشرق أفريقيا ، وخاصة خلال القرن العشرين، والأخشاب من ساحل مالبار لبناء سفن الدهو الصورية.
مع بداية موسم الرياح الموسمية كانت مراكب الدهو الصورية تبحر نحو ميناء البصرة لتحميلها بالتمور ، ثم تعود الى صور ليتم تحميلها ببضائع محلية تتمثل في الأسماك المجففة والملح، وكان بعضها يبحر مباشرة من البصرة إلى الهند محملة بالتمر لتعود بمختلف المواد الغذائية والبضائع المختلفة كبلاط السقف المنجلوري الأحمر الذي أصبح رائجا بشرق أفريقيا ، وخاصة خلال القرن العشرين، والأخشاب من ساحل مالبار لبناء سفن الدهو الصورية
.
إن نظام الرياح الموسمية سمحت للصوريين القيام بأربع رحلات إلى الهند والعودة منها في موسم واحد، ووفقا للمراسلات المتبادلة بين الممثل البريطاني بمسقط وحكومة بومبي ” فإنه خلال الفترة ما بين 1900 و 1903م ، كان هناك تقريبا عشرة من مراكب الدهو الصورية تقوم ب18 رحلة سنوية لإستيراد 9,760 كيسا من الأرز و 4,500 كيسا من المواد الغذائية إلى صور والمناطق المحيطة بها .
إن نظام الرياح الموسمية سمحت للصوريين القيام بأربع رحلات إلى الهند والعودة منها في موسم واحد، ووفقا للمراسلات المتبادلة بين الممثل البريطاني بمسقط وحكومة بومبي ” فإنه خلال الفترة ما بين 1900 و 1903م ، كان هناك تقريبا عشرة من مراكب الدهو الصورية تقوم ب18 رحلة سنوية لإستيراد 9,760 كيسا من الأرز و 4,500 كيسا من المواد الغذائية إلى صور والمناطق المحيطة بها
.
ولقد كان استيراد الأرز من الهند وبورما بالنسبة لمدينة صور مهما جدا لدرجة أنه حينما تم حظر استيراد الأرز عام 1920 م بسبب نقصه الشديد ، كان هنالك ممثل دائم لشيوخ جعلان بني بو علي لدى سكرتارية بومبي لبذل كل الجهود للحصول على تصريحات استيراد الأرز من الهند إلى صور عمان .
ولقد كان استيراد الأرز من الهند وبورما بالنسبة لمدينة صور مهما جدا لدرجة أنه حينما تم حظر استيراد الأرز عام 1920 م بسبب نقصه الشديد ، كان هنالك ممثل دائم لشيوخ جعلان بني بو علي لدى سكرتارية بومبي لبذل كل الجهود للحصول على تصريحات استيراد الأرز من الهند إلى صور عمان
.
أما في الجانب الآخر، فإن مراكب الدهو الصورية التي تتجه إلى شرق أفريقيا كانت بطريقها تتوقف أغلبها في مواني حضرموت بسيهوت، والمكلا، وسقطرى، وعدن لتبيع لهم تمر البصرة والأرز والأخشاب المستوردة من الهند ، ويقوم نواخذة صور في هذه المواني بإستيراد الملح والسمك المجفف والحصائر وغيرها من المنتجات اليمنية ،ويحملونها في سفنهم متجهين بها إلى مقديشو لبيع بعض البضائع واستيراد سمن الكيسمايو الشهير والمواشي وشحم الأبل وبعض المنتجات التقليدية للإتجار بها في سواحل شرق أفريقيا .
أما في الجانب الآخر، فإن مراكب الدهو الصورية التي تتجه إلى شرق أفريقيا كانت بطريقها تتوقف أغلبها في مواني حضرموت بسيهوت، والمكلا، وسقطرى، وعدن لتبيع لهم تمر البصرة والأرز والأخشاب المستوردة من الهند ، ويقوم نواخذة صور في هذه المواني بإستيراد الملح والسمك المجفف والحصائر وغيرها من المنتجات اليمنية ،ويحملونها في سفنهم متجهين بها إلى مقديشو لبيع بعض البضائع واستيراد سمن الكيسمايو الشهير والمواشي وشحم الأبل وبعض المنتجات التقليدية للإتجار بها في سواحل شرق أفريقيا
.
وكانت مناطق التوقف الرئيسة لسفن الدهو الصورية في الساحل السواحيلي قبل الوصول إلى زنجبار مدينة لامو وتانجا ومومباسا ،إذ تفرغ تلك السفن مختلف بضائعها ،وتوقّع عقود عمل مسبقة مع تجار تلك المدن لرحلاتها القادمة في فصل الرياح الموسمية الجنوبية الغربية بعد عدة أشهر .
وكانت مناطق التوقف الرئيسة لسفن الدهو الصورية في الساحل السواحيلي قبل الوصول إلى زنجبار مدينة لامو وتانجا ومومباسا ،إذ تفرغ تلك السفن مختلف بضائعها ،وتوقّع عقود عمل مسبقة مع تجار تلك المدن لرحلاتها القادمة في فصل الرياح الموسمية الجنوبية الغربية بعد عدة أشهر
.
إذ كانت السفن الصورية تبحر في موسم الرياح الشمالية الشرقية بديسمبر ويناير ، وتعود في موسم الرياح الجنوبية الغربية في أبريل ، وما بين الموسمين يستغل تجار صور وجودهم في شرقي افريقيا للقيام بالعديد من الرحلات الداخلية متجهين إلى دلتا الرفيجي للحصول على خشب أشجار المنغروف الاستوائية ، والتي تطلب بشدة في تشييد المباني بجنوب شبه الجزيرة العربية.
إذ كانت السفن الصورية تبحر في موسم الرياح الشمالية الشرقية بديسمبر ويناير ، وتعود في موسم الرياح الجنوبية الغربية في أبريل ، وما بين الموسمين يستغل تجار صور وجودهم في شرقي افريقيا للقيام بالعديد من الرحلات الداخلية متجهين إلى دلتا الرفيجي للحصول على خشب أشجار المنغروف الاستوائية ، والتي تطلب بشدة في تشييد المباني بجنوب شبه الجزيرة العربية
.
ولم تكن المراكب الصورية تنقل البضائع فقط ، بل كانت وسيلة نقل لآلاف العمانيين الذين هاجروا من عمان متجهين إلى شرقي افريقيا وزنجبار، وشكلوا كذلك دخلا رائجا لنواخذة صور وأصحاب تلك السفن .
ولم تكن المراكب الصورية تنقل البضائع فقط ، بل كانت وسيلة نقل لآلاف العمانيين الذين هاجروا من عمان متجهين إلى شرقي افريقيا وزنجبار، وشكلوا كذلك دخلا رائجا لنواخذة صور وأصحاب تلك السفن
.
ولا ننسى أن نذكر أن بحارة السفن الصورية قد وثقوا علاقاتهم الإجتماعية بالكثير من الدول والمواني التي تتجه لها سفنهم عبر التزاوج أو عبر استقرار الكثير من البحارة في شرقي افريقيا برفقة عائلاتهم سواء العربية أو السواحلية ، ولذا أسس البحارة والنواخذة العمانيون أماكن عديدة للإقامة في المناطق التي كانو يقصدونها عبر تعدد الزوجات بما في ذلك جزر الكومورو ومدغشقر وجيبوتي وغيرها من مدن طالها الإستعمار الفرنسي الذي ما لبث حتى سمح للسفن العمانية الصورية برفع الأعلام الفرنسية لتسهيل تجارتهم بإعتبارهم رعايا فرنسيين كالنوخذة علي بن سعيد التمامي ، ومحمد بن راشد وابنه سالم ومبارك بن محمد ومحمد بن سالم أولاد عبود وسالم بخيت وعبدالله بن سعيد أولاد صبير وغيرهم من العمانيين الربابنة الذين استثمروا رفع العلم الفرنسي بإبحارهم كونهم رعايا الدولة الفرنسية ولا يحق للإنجليز تفتيشهم أيام محاربتهم تجارة السلاح التي كانت رائجة في مسقط وايران عبر السفن الصورية .
ولا ننسى أن نذكر أن بحارة السفن الصورية قد وثقوا علاقاتهم الإجتماعية بالكثير من الدول والمواني التي تتجه لها سفنهم عبر التزاوج أو عبر استقرار الكثير من البحارة في شرقي افريقيا برفقة عائلاتهم سواء العربية أو السواحلية ، ولذا أسس البحارة والنواخذة العمانيون أماكن عديدة للإقامة في المناطق التي كانو يقصدونها عبر تعدد الزوجات بما في ذلك جزر الكومورو ومدغشقر وجيبوتي وغيرها من مدن طالها الإستعمار الفرنسي الذي ما لبث حتى سمح للسفن العمانية الصورية برفع الأعلام الفرنسية لتسهيل تجارتهم بإعتبارهم رعايا فرنسيين كالنوخذة علي بن سعيد التمامي ، ومحمد بن راشد وابنه سالم ومبارك بن محمد ومحمد بن سالم أولاد عبود وسالم بخيت وعبدالله بن سعيد أولاد صبير وغيرهم من العمانيين الربابنة الذين استثمروا رفع العلم الفرنسي بإبحارهم كونهم رعايا الدولة الفرنسية ولا يحق للإنجليز تفتيشهم أيام محاربتهم تجارة السلاح التي كانت رائجة في مسقط وايران عبر السفن الصورية
.
لم يكن الصوريون مجرد تجار بالنسبة لهذه المواني المترامية الأطراف، بل استطاعوا من خلال تجارتهم وترحالهم أن يشكلوا روابط أسرية وثقافية خلقت بدورها شبكة اجتماعية كثيفة ربطت بين ثلاثة سواحل، مما أدى الى امتزاج ثقافات تلك السواحل مع ثقافة أهل صور الذين حملوا بعضها الى موطنهم بكل قوة كالأغاني السواحلية وطبول المسيندو وغيرها من تأثيرات لا حصر لها والعكس صحيح، فقد كان الكثير من نواخذة صور والبحارة لهم أملاك في المواني أو المدن التي كانت تبحر إليها سفنهم فأسسوا منازل فيها وتزاوجوا ونسلوا لهم أطفالا ،واستقر بعضهم بجانبهم بما أن الأمهات من شرقي أفريقيا او من تلك المدن بالنفس، ووفقا لما قالته عالمة الأجناس كارول إيستمان فإن العديد من المهاجرين العرب قد تحولوا بسرعة إلى سواحلية وتبنوا ثقافات ولغات أمهاتهم السواحليات أو مربياتهم.
لم يكن الصوريون مجرد تجار بالنسبة لهذه المواني المترامية الأطراف، بل استطاعوا من خلال تجارتهم وترحالهم أن يشكلوا روابط أسرية وثقافية خلقت بدورها شبكة اجتماعية كثيفة ربطت بين ثلاثة سواحل، مما أدى الى امتزاج ثقافات تلك السواحل مع ثقافة أهل صور الذين حملوا بعضها الى موطنهم بكل قوة كالأغاني السواحلية وطبول المسيندو وغيرها من تأثيرات لا حصر لها والعكس صحيح، فقد كان الكثير من نواخذة صور والبحارة لهم أملاك في المواني أو المدن التي كانت تبحر إليها سفنهم فأسسوا منازل فيها وتزاوجوا ونسلوا لهم أطفالا ،واستقر بعضهم بجانبهم بما أن الأمهات من شرقي أفريقيا او من تلك المدن بالنفس، ووفقا لما قالته عالمة الأجناس كارول إيستمان فإن العديد من المهاجرين العرب قد تحولوا بسرعة إلى سواحلية وتبنوا ثقافات ولغات أمهاتهم السواحليات أو مربياتهم
.