أبجد

قصيدة مع كل مرض!

قصيدة مع كل مرض!
قصيدة مع كل مرض! قصيدة مع كل مرض!

سعدية مفرح 

لا يوجد شاعر أو روائي ربما لم يسأل هذا السؤال وإن بصيغ مختلفة: ما هي طقوس الكتابة عندك؟

وعلى الرغم من تشابه بعض الإجابات التي يدلي بها هؤلاء الشعراء والروائيون إلا أنني لا أظن أن تلك الطقوس متشابهة فعلا. فلكل شاعر أو روائي  طريقته وكثيرون منهم لا طريقة محددة لديه أصلا ولا طقوس، ولعلي من هؤلاء، فلا أحرق بخورا بالمناسبة، ولا أعمل تحت أضواء خافتة ولا أشعل شموعا أو أنثر عطورا أو أحيط نفسي بالزهور كما تخيل أحد الصحفيين ذات يوم وهو يوجه لي مثل هذا السؤال. بل أن الليل والنهار يتساويان عندي أمام لحظة الكتابة.

وإجابتي النموذجية غالبا على هذا السؤال المتكرر تقول أن لا  وقت مفضل لكتابة الشعر بالنسبة لي، ولكن هناك فترة المرض، فعندما أكون مريضة أجد نفسي أكثر إنتاجا على صعيد الشعر.

المرض ضعف، وأنا أكره هذا النوع من الضعف. وأعتقد أنني بواسطة الشعر أستقوي على المرض وعلى الضعف ربما لهذا السبب كانت أجمل قصائدي، من وجهة نظري، تلك التي كتبت وأنا أمر بمرحلة مرضية مهما كانت بسيط .

بشكل عام وأثناء الكتابة الشعرية أعيش حالة إحباط شاملة، ولكنها تتبدد تدريجيا بعد كل انتصار لغوي أو فكري أو موسيقى صغير يتأتى لي أثناء الكتابة، وهذا واحد من أسرار متعة كتابة الشعر. أنها المتعة الصعبة والأمل المشوب بالحذر الدائم واليأس اللحظوي المتبدد. إنها القصيدة حين نجد أنفسنا نتقلب على نار غضاها فرحين.

وإذا كان البعض يفضل أن يكتب بقلم معين فأنا، قبل سيادة لوحة المفاتيح، لم أكن أشترط ، على نفسي،  سوى أن يكون قلما سهل الكتابة، وغالبا هذا يتحقق مع القلم ذي الحبر السائل الذي يستخدم لمرة واحدة فقط.  أما الورق فأفضله دائما من النوع غير المسطر، بل لعلي لم أكتب بحياتي كلها منذ أن بدأت الكتابة خارج أسوار المدرسة، أي كلمة على ورق مسطر. أتضايق جدا منه، وأحس كأن السطور مجرد قضبان تحاول خنق كلماتي. بل لعل الأغرب من ذلك أنني في حالة كتابة القصيدة لأول مرة أفضل أن أكتبها على ورقة مكتوب على جزء منها فأستغل الجزء الباقي أو الهامش، ولا أنتقل لورقة غيرها مهما طالت القصيدة. وكلما امتلأت الورقة التي بين يدي بشيء من قصيدتي أحس بكثير من الألفة تجاهها وأحس كأنني سأبدأ من جديد إذا ما انتقلت الى ورقة جديدة.

هذا طبعا بالنسبة لكتابة القصيدة في صورتها الأولية. أما في حالة النقل أو التبييض فأحب دائما استخدام أكبر عدد من الورق، وأباعد بين الكلمات وبين السطور خوفا من الأخطاء المطبعية عند النشر خاصة وأن خطي سيء جدا للأسف، لكن الكومبيوتر حل هذه المشكلة بالنسبة لي فصرت أفضل الكتابة بواسطة لوحة المفاتيح بشكل مباشر.

ولعلي الآن لا أتذكر متى استخدمت القلم لكتابة مقال أو قصيدة آخر مرة،  فعبر لوحة المفاتيح في جهاز الكومبيوتر أو الأيباد أعبر نحو الكلمات، فإن لم تكن لوحة مفاتيح الكومبيوتر متوفرة أمامي في لحظة احتياجي للكتابة، ألجأ للهاتف النقال.  لقد أصبح هاتفي في الآونة الاخيرة  الملجأ السري لقصيدتي.

هل يمكن اعتبار تلك التفاصيل الحميمة هي طقوسي في الكتابة؟ ربما، لكنني ما زلت مصرة أنها مجرد تفاصيل شخصية لا تتعلق بالشعر والكتابة بقدر ما تتعلق بالذوق الخاصة لك انسان.

Your Page Title