مسقط – ناصر أبو عون
لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وإعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 يجلس المفاوض الفلسطيني على الطاولة وصواريخه تمطر جميع مدن الأرض المحتلة وإحداث خسائر بالغة تمّ التعتيم عليها إعلاميا الأمر الذي دفع أحد المحللين الإسرائيليين إلى الانفجار قائلا: (لو تحدثنا عن الأرقام الحقيقية للخسائر سوف تقوم ثورة في إسرائيل). ولأول مرة في تاريخ الحروب العسكرية تتمكن (مقاومة وطنية من بضعة آلاف تعد على أصابع اليد الواحدة)، و(محاصرة 8 سنوات متواصلة)، و(تعمل في رقعة جغرافية مسطحة من الأرض وازدحام سكاني هو الأعلى من نوعه في العالم) من إدخال 2 مليون صهيوني إلى الملاجئ لمدة 30 يوما متواصلة. وهذا ما دعا (آيلند) للقول: (بأن حماس نجحت في بناء جيش نوعي وقوي قادر على الانتصار). الذي اشتبك في مواجهات عسكرية من (النقطة صفر – الحرب وجها لوجه ورجل لرجل) مع جنود الاحتلال والاستيلاء على السلاح المتطور من جنود النخبة. وتشير نتائج استطلاع للرأي أجرته صحيفة (يديعوت أحرنوت الإسرائيلية) حيث دعت الجمهور للإجابة على سؤال: (هل تعتقد أن الحرب على غزة حققت أهدافها على المدى البعيد؟) وكانت الإجابات صادمة حيث قال 91% من المشاركين (لا)
ثلاثة أكاذيب صهيونية
قبل الدخول في نتائج الحرب نشير إلى أنّ الكيان الصهيوني المحتل حاول تضليل العالم وعلى رأسهم (باراك أوباما) رئيس أكبر دولة في العالم (وبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة) ويمثل التصريح للعالم أجمع من جانبهما باتهام حماس بأسر ضابط صهيوني كبير والذي اتضح فيما بعد بمقتل الرجل وقامت إسرائيل بدفنه أكبر استهتار إن لم يكن تضليلا وعلى رأسهم القوى العالمية الكبرى والمنظمة الدولية وخلافا لذلك حاولت إسرائيل تضليل العالم عبر آلتها الإعلامية من خلال الترويج لثلاث (كذبات كبرى).
فالكذبة الأولى بحسب المحلل الإسرائيلي جدعون ليفي بالزعم بأن الحرب بدأت عندما انهالت صواريخ (حماس) على المدن الصهيونية، مشيرًا إلى أن الخطوات التي أقدمت عليها “إسرائيل” فى أعقاب خطف المستوطنين الثلاثة هي التي أفضت للحرب وليس صواريخ حماس.
أما الكذبة الثانية في الزعم بأن احتلال قطاع غزة انتهى، مشيرًا إلى أن إسرائيل لازالت حتى الآن المسؤولة عن تسجيل السكان في القطاع، وهى التي حولت قطاع غزة إلى سجن كبير، محاصر، يحظر على صياديه صيد الأسماك، ناهيك عن فرض قيود على كل أشكال الحركة من القطاع وإليه، متسائلاً: “إن كان هذا ليس احتلالاً، فماذا يكون الاحتلال؟!
أما الكذبة الثالثة في مسلسل الكذب الطويل الذي لا ينتهي محاولة إسرائيل تمرير الزعم بأنها لا تمس بالمدنيين و”هذا الزعم لا يعدو كونه نكتة قاسية”. فالحقيقة أن القصف الإسرائيلي خلّف هناك أكثر أعلنت مصادر طبية فلسطينية اليوم الاثنين ارتفاع حصيلة عدد قتلى غزة إلى 1865 وأكثر من 9470 جريحا منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على القطاع قبل 29 يوما. وذكرت المصادر أن مسعفين انتشلوا اليوم جثثا متحللة لـ 32 قتيلا قضوا في مناطق متفرقة من أطراف قطاع غزة بعد أيام من مقتلهم في غارات إسرائيلية. وأجبرت أكثر من 150 ألف فلسطيني على مغادرة منازلهم.
رهانات خاسرة
حاول الكيان الصهيوني بالتنسيق مع الأطراف الإقليمية استغلال الظرف التاريخي الذي تمر به المنطقة والخصومة السياسية من جانب النظام المصري بعد الانقلاب مع جماعة الإخوان المسلمين التي تنتمي إليها حركة حماس أيديولوجيا بل راهن على إمكانية قيام الشعب الفلسطيني بالانقلاب على حماس، وأن يدخل (دحلان ورجاله )على ظهور الدبابات الإسرائيلية ليحكم غزة من جديد، لكن لا هذا ولا ذاك قد حدث. وحاول الكيان الصهيوني إظهار توافق مصري إسرائيلي وخلاف إظهار مصري فلسطيني وحاول اللعب على الخلافات الفلسطينية ولكنه فوجئ بتوحد فصائل الشعب الفلسطيني ومن ورائها شعب صامد، وأراد تطويق المصالحة الوطنية وتفاجأ بأن القوة الفلسطينية زادت لحمة في الضفة وغزة وأراضي 48 وحاول هذا الكيان تدمير القطاع كما حدث في الحروب الثلاثة السابقة (2006)، (2008)، (2012) وأخيرا (2014)، والخروج من دون أية إدانات فتفاجأ بإجراءات أخذه إلى محكمة الجنايات الدولية، ظن الصهاينة أنهم يمكنهم (تدجين) غزة، بالرواتب والدعم الاقتصادي والمعونات الغربية والعربية – كما ظنّ – ولكنه اكتشف أنه كان مخدوعًا فقد قاومت غزة وفاجأته بتطور نوعي في التكتيك العسكري والتدريب وتصنيع وحيازة أسلحة متطورة، وأغلقت المجال الجوي للكيان بصواريخها بعيدة المدى وكبَّد شركات الطيران الإسرائيلية خسائر فادحة هذا إلى طرد السفراء الإسرائيليين من دول أمريكا اللاتينية وإعلان اتحاد الطلاب البريطانيين الذي يضم 7 ملايين طالب عن مقاطعة البضائع الإسرائيلية. وسخط شعبي عالمي عارم.
قتل الحقيقة بقتل الصحفيين
لقد قد خطط العدو قبل الحرب للتغطية على جرائمه ومنع وصول الحقيقة، خصوصاً إلى المجتمعات الغربية، فمنع دخول الصحفيين ومراسلي القنوات التلفزيونية إلى قطاع غزة قبل الحرب. كما عمد إلى ضرب الصحفيين الموجودين بغزة وإرهابهم، بعد أن قتل خمسة منهم وأصاب العشرات عن سبق عمد وترصد، حتى لا تصل الحقيقة إلى العالم، وهذا ما أكده لنا خليل أبو شمالة – رئيس مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان – في لقائنا معه بغزة، لقد ضرب العدو عددًا من المكاتب الإعلامية، واستهدف عددًا من سيارات المراسلين، كما دمر بالكامل مبنى تلفزيون وفضائية الأقصى .
نتائج الحرب على غزة
فيما يخص الميزانية الإسرائيلية، فأكدت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، خلال تقرير اقتصادي لها، اليوم الجمعة، أن جدلًا واسعًا في انتظار ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2015، والتي كان من المفترض أن تناقش قُبيل عملية الجرف الصامد التي تشنها إسرائيل على غزة الآن، مشيرة إلى أن مسألة التعوضيات التي ستلتزم بها إسرائيل تجاه الأضرار التي لحقت بالمواطنين الإسرائيليين والمؤسسات، من شأنها أن تؤثر على الميزانية العامة؛ فحسب موقع “جلوبس” المعني بشئون الاقتصاد الإسرائيلي، فإن التكلفة الأولية لعملية “الجرف الصامد”، التي بدأتها إسرائيل قبل نحو 12 يومًا على قطاع غزة، تبلغ 8.5 مليار شيكل (2.4 مليار دولار) وبحسب معهد “فان لير” الإسرائيلي، فإن تقديرات بنحو 100 ألف دولار، تكلفة كل صاروخ يخرج من القبة الحديدية لاعتراض كل صاروخ قادم من غزة، وإن نحو 80 مليون دولار أمريكي، خسائر يومية يتكبدها الاقتصاد الإسرائيلي.
أولا – على صعيد المجتمع الدولي، وطبقًا لرأي محللين أوروبيين فإن الكيان الصهيوني المحتل في المستقبل القريب أو حتى البعيد تحقيق الأهداف التالية:
1- لن يكون باستطاعته المطالبة بغطاء دولي وشرعي بمهاجمة ايران لضرب منشآتها النووية، كما حاول من قبل لأن من يعجز عن تحقيق أهدافه في مواجهة مع مقاومة فلسطينية مسلحة، لن يكون في استطاعته مهاجمة إيران وغير ايران، عندما تكون المواجهة ليس مع جيوش نظامية فحسب بل مع مقاومة لها دور آخر فاعل إلى جانب هذه الجيوش
2- كما إنّ تفوٌّق المقاومة أنهت وإلى الأبد أسطورة إسرائيل القائلة بأنها (القوة الضاربة في المنطقة) التي تعتمد عليها الولايات المتحدة الاميركية في مواجهة خصومها.أنهت هذه الحرب قيمة وهيبة الجيش الصهيوني المدجج بالأسلحة ولم يعد لحرب الجيوش النظامية أي دور في المواجهة بل يصبح للمقاومة الشعبية المسلحة القيمة الكبرى والدور الفاعل.
ثانيا – على صعيد تحقيق الوضع الداخلي للمقاومة الفلسطينية فقد نجحت المقاومة في تحقيق العديد من النجاحات من أهمها: