عمانيات

التسويق..من أين تؤكل الكتف؟

التسويق..من أين تؤكل الكتف؟
التسويق..من أين تؤكل الكتف؟ التسويق..من أين تؤكل الكتف؟

 

مسقط – أثير

 

كتب بواسطة: مبادرة بنان

 

ربما  دخلت في نقاشات خاسرة عن المفهوم الخاطئ للتسويق ، وربما قد باتت جميع محاولاتك بالفشل للتوصل إلى المفهوم الأحدث للتسويق. نسرد هنا لك بعضا من حكاية التسويق التي لا تصنع المعجزات ولا تعني صناعة الإعلان فقط ، وليست مسرحاً للفكاهة.

 

إن التسويق سيمفونية متناغمة و دقيقة تعمل من خلالها الشركات على خلق منفعة للعملاء والفئة المستهدفة من خلال المنتجات أو الخدمات التي تقدمها ، فهي تخلق الاستراتيجية التي ترتكز عليها  تقنيات المبيعات والترويج، والاتصالات التجارية، وتطوير الأعمال. وهي عملية متكاملة تقوم من خلالها المؤسسات و الشركات ببناء علاقات قوية مع العملاء وخلق قيمة ليس فقط لعملائهم؛ بل و للشركة أو المؤسسة  نفسها.

 

وإن صحَ التعبير فإن عملية التسويق تبدأ منذ اول لحظة تفكر فيها بأي فكرة ، بل حتى في أبسط ممارساتنا اليومية نستخدم أساليب تسويقية ؛ فالجهد الذي نبذله عند التعريف بأنفسنا للناس، كما قال عنه خبير التسويق المشهور ريجيس ماكينا “التسويق هو كل شيء.”.

 

وتعرفه جمعية التسويق الأمريكية  على أنه” مجموعة النشاطات ، و العمليات للتكوين و التطوير والتواصل وتقديم المنافع والقيم، وتبادل العروض التي لها قيمة للعملاء والمستهلكين والشركاء والمجتمع ككل” ،وفي حين يرى أ. خالد بن حمد المحروقي – نائب مدير شؤون الشركة العمانية للنقل البحري –”أن التسويق هو مجال سهل ممتنع؛ حيث إنه سهل الفهم من الجانب النظري  لكنه يحتاج الى الكثير من الجهد من الناحية العملية. وقال أيضا إن مجال التسويق مجال ديناميكي وأحد أهم العناصر الاستراتيجية في الإدارة الحديثة ، وأداة مهمة لتأسيس هوية الشركات واستمراريتها. ويعتمد التسويق كثيراً على الابتكار و تبني المفاهيم الحديثة و الاتجاهات السائدة دون الاعتماد على أنماط التسويق المألوفة وربما غير الفعالة ؛ فجودة التسويق تعتمد على جودة الرسالة التسويقية. المراد إيصالها.”

 

من جهة أخرى يصف أ.علي بخيت حسن كشوب – مدير أول تطوير المنتجات بقطاع التسويق بوحدة الأعمال التجارية في الشركة العمانية للاتصالات “عمانتل-  التسويق بأنه “عملية مستمرة من اكتشاف احتياجات ورغبات الزبائن وتحويلها الى منتجات ذات قيمة لهم وللمؤسسة ، وغالبا ما يتم الخلط بين التسويق والمبيعات والتي هي عملية بيع تلك المنتجات عبر طرق متعددة للزبون.”

 

وللأسف تحصر الكثير من الشركات التسويق في إدارة المبيعات فقط وربما بعض الترويج  ، لكن التسويق عملية أشمل من ذلك،  تعمل مع باقي الوحدات المؤسسية على بناء سمعة الشركة وتطوير علاقاتها التجارية وإبراز ميزاتها التنافسية بشكل ثابت وراسخ ليس فقط على المدى القريب و إنما أيضاً على المدى البعيد. فالتسويق يعمل على تطوير العلاقات مع جميع الشرائح بينما تعمل المبيعات فقط على كسب المشترين ؛ لذلك فإن المبيعات هو جزء من التسويق وليسا وجهين لعملة واحدة.

 

إن إخفاق الكثير من الشركات في الإدارة التسويقية يأتي بسبب تهميش مفهوم التسويق ككل و التركيز فقط على جانب المبيعات ، كما أن الإدارة التسويقية في كثير من الأحيان تكون ذات صلاحيات قليلة و بعيدة عن دوائر صنع القرار مما يُحد من فعاليتها في بناء الصورة العامة للشركة؛ لذلك من الضروري جداً معرفة الشركات و المؤسسات بالمعنى الحقيقي و المتكامل للعملية التسويقية و عدم حصره في عمليات صغيرة تشكل جزءاً صغيراً من المنظومة التسويقية.

 

ان هذا الفهم الخاطئ للتسويق في مجال الأعمال يجب ان يكون له أسباب ، نرجو أن نستطيع تسليط الضوء على بعض منها هنا:

 

أولا: يُعدّ الإبداع واحدًا من الجوانب المهمة في التسويق ؛ لذلك تبحث الشركات دائما عن أفراد مبدعين للحصول على افضل النتائج ؛ إلا أنهم احياناً يتناسون أهمية التفكير الاستراتيجي و التخطيط الجيد إلى جانب الإبداع و الابتكار ، فنجد أن بعض أولئك المبدعين لا يركزون بالضرورة على النتيجة النهائية. على سبيل المثال؛ يحتاج الإعلان الجيد إلى أشخاص مبدعين وكذلك ايضاً الى التخطيط الجيد لتطبيق هذا الإعلان بصورة لا تنقلب بشكل خاطئ على سمعة الشركة،  ولكن  وجب التنويه في كل مرة ان التسويق أكثر من مجرد حملة إعلانية جيدة.  ويجب علينا التركيز جيداً على ان التسويق الناجح يأتي من القادة الذين لديهم فهم جيد لجميع جوانب الأعمال التجارية والذين بمقدورهم قيادة الفكرة تماشياً معالأسس والقيم العامة للشركة وكذلك لديهم إلمام عميق بما يحدث في السوق والتكنلوجيا من تطورات. و يمكننا ايضاً القول بأنه إذا لم يركز التسويق على الابتكار فإنه لا يقدم سوى إدارة للمنتج أو الخدمة و الذي لايضيف قيمه على أرجح الأقوال، لذا يجب على المؤسسات  ايجاد نقطة تناغم بين الابتكار والتفكير الاستراتيجي مع التنفيذ.

 

ثانياً: يخطئ البعض في استخدام الأسلوب والتعبير المناسب للوصول للفئة المستهدفة ، و من الجدير بالذكر أن للتعبيرات الطنانة التي اعتاد الناس على سماعها من أغلب الجهات و الشركات ؛ و لكن من الضروري التنبه عند استخدام عبارات قد تكون طنانة و متعارف عليها من قبل فئة معينة في حين تجدها فئة أخرى مبهمة و غير مقبولة ، وبذلك سيختلف تأثيرها على تلك الفئات. إضافة إلى ذلك، ينسى البعض التأكد من تماشي الأسلوب و ملاءمته مع الهوية و الصورة العامة للشركة عند مخاطبة الفئة المستهدفة ؛ فعند كتابة بيان او مخاطبة العلامة التجارية للجمهور يجب على المؤسسات الأخذ بعين الاعتبار تموضع الهوية وما يتناسب مع صوتها في مخاطبة الجمهور المستفيد من المنفعة التي تقدمها الشركة او المؤسسة. لذلك يصعب على كثير من الناس فهم التسويق بكل جوانبه و تطبيقه بالشكل الأمثل بما يتناسب مع تموضع الشركة، الفئة المستهدفة وصوت الهوية. و رغم معرفة البعض بضرورة التركيز على الجوانب السابقة إلا أنه لازال من الصعب تحديد المبادرات والممارسات التي تبني أو تعزز تصورات المستهلكين الإيجابية للعلامة التجارية لتبقى إشارات الاستفهام حول التسويق لازالت موجودة.

 

ثالثاً: في كثير من الأحيان يعاني قسم التسويق من  سوء في الإدارة ، فغالبا ما يدار التسويق من قبل شخص لديه خبرة تسويقية محدودة أو من شخص مختص فقط في المبيعات مما يؤدي إلى التركيز فقط على جانب أو جانبين من التسويق وإهمال باقي الجوانب التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من العملية التسويقية.

 

رابعاً: في بعض الاحيان يعمل هؤلاء المكلفون بأعمال التسويق بوضع  أهداف مبهمة أو غامضة. لا شيء يضعف إنتاجية الاقسام العملية مثل وجود نوعية من الأهداف الكمية وخاصة تلك المقرونة بعملية الزيادة في الأرباح، فهنالك أهداف في التسويق لا تدعم الزيادة في الارباح والمبيعات السنوية، على سبيل المثال المسؤولية الاجتماعية والنشاطات التسويقية التي تهدف الى بناء الهوية التجارية والسمعة المؤسسية.

 

يجب أن يقع عبء وضع الأهداف التسويقية بصفة مشتركة بين كل أقسام المؤسسة وموظفيها ليتسنى للجميع فهم تلك الاهداف والعمل بها، ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن العائد الاستثماري التسويقي أو ما يسهم به ،في الواقع ليس دائماَ قابلا للقياس او حتى ان يكون ملموساً بشكل واضح جداً. كما ان البرامج التكتيكية قصيرة الأجل هي أسهل بالقياس من حيث النتائج التي تولد في نهاية المطاف ولكن بناء علامة تجارية قوية يستغرق وقتاً أطول والبرامج التي تم تطويرها وتنفيذها اليوم سيكون لها فوائد أخرى تظهر مع مرور الوقت شيئاً فشيئاً.

هكذا يؤدي التسويق دورا مهما  في حياتنا اليومية كنشاط إنساني تبادلي يتعلق بتخطيط وتنفيذ مجموعة من الوظائف المتكاملة بما يحقق إشباعا لاحتياجات كافة الأطراف المعنية بممارسة  النشاط في إطار محددات بيئية داخل المجتمع ، لذا تبرز هنا ضرورة معرفتك لمفهوم التسويق الشامل وآفاقه.

 

 

Your Page Title