فضاءات

عزة الكميانية تكتب: إلى وزارة التربية والتعليم..مطالب أولياء الأمور بين التجاهل والتنفيذ (7-7)

عزة الكميانية تكتب: إلى وزارة التربية والتعليم..مطالب أولياء الأمور بين التجاهل والتنفيذ (7-7)
عزة الكميانية تكتب: إلى وزارة التربية والتعليم..مطالب أولياء الأمور بين التجاهل والتنفيذ (7-7) عزة الكميانية تكتب: إلى وزارة التربية والتعليم..مطالب أولياء الأمور بين التجاهل والتنفيذ (7-7)

عزة بنت محمد الكميانية – روائية عمانية

تحدثنا في الحلقات السابقة من سلسلة هذا المقال عن بعض مطالب أولياء الأمور (إلغاء الواجبات المنزلية والمشاريع وتخفيض ساعات التعليم وتطوير المناهج ومرافق المدرسة وتوفير الغذاء الصحي والنقل المريح للطلاب والفصل بين الجنسين في التعليم). واليوم سنتحدث عن (التسرب المدرسي).

تجاهل وزارة التربية والتعليم لمطالب الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين لتحسين الوضع في المدارس أدى إلى مشاكل كثيرة أهمها (التسرب المدرسي).

فقد بدأ التسرب المدرسي يزداد في السنوات الأخيرة، حيث انقطع الكثير من الطلاب عن الدراسة بسبب الظروف السيئة في بعض المدارس.

يجب على وزارة التربية والتعليم أن تهتم بالمدارس في كل مناطق السلطنة، ولا تركز على المدارس في منطقة أو اثنتين، فمعظم شكاوى الطلاب بعد طول الدوام المدرسي أنه لا يوجد في المدرسة مكان للاستراحة، وكثير من المدارس تحرم الطالب من الجلوس في الصف قبل الطابور المدرسي، أو في الفسحة، مما يضطره للجلوس تحت الشمس الحارقة، وفي الشتاء في البرد والصقيع، وخاصة في الصباح الباكر حينما تغلق معظم المدارس أبوابها في وجه الطلاب، وفي الولاية التي أعيش فيها اضطر كثير من الطلاب إلى الذهاب للمدرسة بالدراجات النارية، لكي يصلوا في وقت الطابور، مما أدى لوفاة عشرات الطلاب منهم، وإصابة كثيرين أيضا بسبب الحوادث المؤلمة، فلا تمر سنة دون أن يتوفى أو يصاب طالب أو طالبان، وعندما استفسرت عن سبب ذهابهم بالدراجات النارية، كان السبب الرئيس لذلك أن حافلة المدرسة تأتي في الصباح الباكر، فيضطر الطلاب للمكوث طويلا خارج المدرسة التي تفتح أبوابها قبل ابتداء الطابور بعشر دقائق، وقد شهدت على ذلك، وأخبرت مدير إحدى هذه المدارس بمعاناة الطلاب، دون أن يتم تغيير في القانون.

وعندما سألت أحد الطلاب عن سبب قيام المدرسة بغلق باب المدرسة صباحا، وكذلك بعدم سماحها للطلاب بالجلوس في الصف وقت الفسحة – كان هذا السؤال قبل الحديث مع المدير الذي برر وضع القانون بالتخريب أيضا- أجاب: لأن كثيرا من الطلاب يُكسِّرون ويُخرِّبون مرافق المدرسة. وتساءل ذلك الطالب بحسرة: ولكن ما ذنبنا نحن الطلاب الذين لا نفعل ذلك؟ ما ذنبنا لنعاقب معهم إذا كنا محافظين على النظام؟!!

وذهلت عندما أخبرني بأسباب المنع، لأنه يمكن تركيب كاميرات مراقبة لمعرفة الطلاب الذين يتسببون بإشاعة الفوضى والدمار في المدرسة، وليس معاقبة كل الطلاب.

فلنتخيل وضع أولئك الطلاب. طالب في سن المراهقة يجلس في الشمس في أيام الصيف الحارقة من الساعة السادسة أو السادسة والربع، إلى موعد ابتداء الطابور، وكذلك طوال مدة الفسحة المدرسية يظل يدور تحت الشمس، فعدد الأشجار داخل معظم المدارس لا يتسع لجلوس كل الطلاب تحت ظلها، وخاصة أن بعض الطلاب يحجزون أماكنهم مع أصدقائهم فلا يسمحون للطلاب الآخرين بالجلوس معهم، وقد أخبرني بذلك أحد أولئك الطلاب الذين لا يجدون مكانا للجلوس فيه في الفسحة، وهو يعاني من الحساسية وكل يوم يذهب للبيت ووجهه وجسده تحول لقطعة حمراء، فمعظم الطلاب يعودون للبيت محمري الوجوه في الصيف، وخاصة أن معظم حافلات المدارس بلا مكيفات، وكان ذلك الطالب يعاني أضعاف معاناة الطلاب الآخرين، وقد أخبرني أنه يعاني كثيرا من الحرارة في حافلة المدرسة أيضاً، وأن السائق يقول دائما: إن المكيفات معطلة! وفي أحد الأيام طلب من السائق أن يشغل المكيف وأصر على ذلك، فما إن شغله حتى خرج هواء ساخن وغبار من مكيفات حافلة المدرسة، فأطفأها بسرعة، كما أن الحافلة مكتظة بالطلاب وهي تنطلق بسرعة فور انتهاء الدوام المدرسي دون أن يتأكد السائق من وجود كل الطلبة، وفي أحد أيام الصيف المحرقة اضطر ذلك الطالب للرجوع إلى البيت مشيا على الأقدام، بالرغم أنه حاول اللحاق بالحافلة راكضا بأقصى سرعته دون فائدة، وبالرغم أنه كان يسمع زملاءه ينادون على السائق للتوقف، فلم يكترث لهم! وفي يوم آخر كادت الحافلة أن تذهب أيضا فركض بأقصى قوته وصعد إليها والسائق يمضي مسرعاً دون أن يكترث للوقوف، مما عرَّض نفسه للخطر حتى لا يضطر للمشي مرة أخرى وهذا الأمر يتكرر كثيرا في مدارس الأولاد! فلما لا توضع قوانين لسائقي الحافلات، وأي سائق يتجاوزها تفرض عليه عقوبات، ومن ضمن تلك القوانين عدم التحرك إلا بعدما يتأكد من ركوب كل الطلاب في الحافلة، وعدم غلق الحافلة حتى يتأكد من خلوها من كل الطلاب، وعدم السرعة وخاصة عند المنعطفات أو الالتفاف للرجوع، ويجبر أصحاب تلك الحافلات على توفير حافلات مكيفة للطلاب وإلا فلا يجدد العقد لهم، وقد علمت أن بعض أولئك السائقين يتعمدون عدم تشغيل مكيفات الحافلة حتى لو كانت غير معطلة حتى لا يصرف نقودا أكثر للبترول!! وبالتأكيد أن المكيفات التي لا تُستخدم لابد أن الغبار سوف يعشش فيها وتتعطل، وخاصة أنها لا يتم صيانتها باستمرار!!

يجب أن يفهم أصحاب الحافلات المستهترون أن الوزارة لن تتجاوز عن أي مخالفات للقوانين التي تضر بالطالب حتى يقل استهتارهم، فمن لا يجد نفسه قادرًا على تحمل صعوبات هذه المهنة فليتخذ لنفسه مهمة أخرى، عوضا عن أن يكون الضحية هم الطلاب.

ومع استمرار كره ذلك الطالب للمدرسة والتغيب المتكرر عنها، وبعد معاناة ذلك الطالب الطويلة مع الظروف السيئة التي يتعرض لها الطلاب كل يوم في المدرسة، ترك الدراسة في الصف العاشر، بالرغم أن أهله وأقاربه، ومدير المدرسة وأساتذته حاولوا إرجاعه، لأنه بحسب رأيهم أنه طالب ذكي، لكن إهماله وتغيبه الكثير عن المدرسة هو الذي جعل مستواه الدراسي ينخفض، وأنه طالب مهذب وخلوق ولا يسبب الفوضى في المدرسة، ولذلك خسارة طالب كهذا يعد خسارة كبيرة، للأسف أنهم لم يُقدروا ذلك إلا بعدما قرر ترك الدراسة، فقد كان ذلك الطالب يدرس في مدرسة خاصة حتى الصف الرابع، وما إن انتقل للدراسة في المدارس الحكومية حتى وجد الفرق الشاسع بين المدارس الحكومية والخاصة، وقبل أن ينتقل للمدارس الحكومية لم يكن يشتكي أبدا، ولم يكن يتغيب عن المدرسة، ولا يتذمر من القوانين، فقسوة المدرسين، وقسوة القوانين، وسوء مرافق المدارس الحكومية جعله يكره الدراسة منذ بداية الصف الخامس، وظل يعاني لسنوات حتى تمرد أخيرا وقرر ترك الدراسة في الصف العاشر، وكلما أراد أحد إقناعه بالعودة، قال: هؤلاء يعاملوننا كالحيوانات ولن أعود أبدا. بالرغم من تفوقه الدراسي في الصفوف الأولى قبل أن ينتقل للمدارس الحكومية، حتى بدأ مستواه يضعف كل سنة، إلى أن نزل لدرجة متدنية، فبعض المدرسين لا يراعون الطلاب، ولا يراعون إن كانوا ممن يتحملوا القسوة أو من الذين لا يتحملون، فليس كل حالات التسرب المدرسي سببها التفكك العائلي، فلو كان هناك لجنة للتحقيق عن أسباب التسرب المدرسي فإنه سيكون وراء كل تسرب مدرسي حكاية، ومعظمها سيكون سببها الرئيس المدرسة، فمما أخبرني إياه ذلك الطالب أنه حينما كان في الصف الثامن (إن لم تخنِ الذاكرة) ظل مع زملائه يدرسون في الصف وجهاز التكييف معطل تماما، كل يوم يتصببون من العرق وكلما دخل أستاذ للحصة ظل يتصبب من العرق أيضاً، وهو يتساءل: “ألم يتم تصليح جهاز التكييف؟!” سنة كاملة!! أليس هناك رجل رشيد كان يمكنه تبني الأمر والبحث عن حل؟! كأن تُجمع تبرعات من الأهالي لشراء مكيف آخر إذا كان تصليحه مستحيلا!! وقد زاد الطين بلة أن ذلك الطالب كان يشتكي أيضاً أن الشمس كانت تتسرب إليه من النافذة حيث يجلس؛ لأن النافذة بلا ستائر، فقد كان يعاني كثيرا من الحرارة كل يوم ولمدة سنة دراسية كاملة، وفي بعض الأحيان كان زميله يتعاطف معه فيتبادلان المقاعد، وبحسب ما أخبرني أنه بعد أشهر من معاناة الشمس التي تتسرب من النافذة اشترى الطلاب ستارة ثم ثبتوها في النافذة بطريقة تحتاج لتصليح مستمر كلما سقطت، فلم يكترث أحد من المعلمين بإحضار عامل لتثبيتها جيدا، لكن مشكلة المكيف المعطل ظلت مستمرة، ومن كثر حنق ذلك الطالب على الوضع أخبرني أن أحد الأساتذة قال مستهزئا بهم: “أنا أدخل حصة واحدة أدرسكم وبعدين أروح أتبرد في الصفوف الثانية أو في غرفة المعلمين، وأنتوا جلسوا بحركم ما دام ما حد راضي يصلح مكيفكم!!!!”.

فمعظم الطلاب يجبرون أنفسهم للذهاب للمدرسة، وإن كان هذا الجيل لا يزال صامدا، فلا بد أن الجيل القادم سوف يتمرد بقوة إن لم يتم التغيير للأفضل، ولم يتم الاستجابة لمطالب الطلاب وأولياء الأمور والمدرسين، على الأقل بإلغاء الواجبات المنزلية وتخفيض ساعات الدوام المدرسي – وهذان المطلبان لا يحتاجان لميزانية ولا خطة فلمَ المماطلة في إصدار القرار والتنفيذ؟!- وبالتأكيد خفض ساعات التعليم يجب أن يتبعه تقليص المناهج الدسمة وخاصة للصفوف ما بعد التعليم الأساسي، أما صفوف الحلقة الأولى فيمكن حذف الأوراق الكثيرة التي تطبع وتوزع لحلها في الصف كل يوم، ويتم الاكتفاء بالكتاب المدرسي، فإذا لم يحدث التغيير لابد أنه عدد كبير من الطلبة سيعلن التمرد والعصيان، فكثير منهم لا يزالون يتركون المدرسة بسبب الظروف القاسية التي يتعرضون لها، أو يهربون من المدرسة قبل انتهاء الدوام المدرسي، ومن يعيش في عمان يعلم ماذا يعني الجلوس في صف بلا تكييف، أو الجلوس في الشمس الحارقة ساعة كاملة لا شجرة تستظل بظلها ولا مكان يأويك، والأمر ليس أحسن حالاً في الشتاء حيث يشتد البرد والصقيع.

وربما يقول البعض بأننا عانينا أيضا في صغرنا من المدارس، ولكن أقول لهؤلاء جيلنا يختلف عن جيلهم، فجيل الستينات يختلف عن جيل السبعينات، حيث كانوا يركبون الشاحنات وسيارات البيكب أب وغيرها للوصول للمدرسة، ثم جاء جيل السبعينات فبدأت حافلات المدارس بالظهور، وكل جيل يختلف عن الآخر، ففي بعض السنوات الدراسية كنا نذهب للمدرسة مشيا على الأقدام، على اعتبار أن المدرسة قريبة من البيت ولا يمكن توفير حافلة لتوصيل الطالبات، استمررنا على ذلك الحال لمدة سنتين، وكان ذلك في نهاية الثمانينات، فلم نرفض الذهاب للمدرسة ولم نتأفف، كنا في المرحلة الابتدائية نحمل حقائبنا الثقيلة فوق ظهورنا ونمضي كل يوم للمدرسة، ولكن كنا ندرس ست حصص وليس ثماني حصص كاليوم!!

علما بأن تلك المدرسة تعد بعيدة جدا بمقاييس اليوم، ولو أردت المشي إليها اليوم لأصبت بالتعب في منتصف الطريق، لكننا لم نكن نشعر بالمسافة لأننا كنا متعودين على الركض واللعب وعلى درجات الحرارة العالية صيفا، فأغلب البيوت لم يكن بها مكيفات هواء، حتى منتصف الثمانينات، وإن وجد فمكيف واحد تجتمع فيه كل العائلة وقت الظهيرة، وباقي اليوم يركض الأطفال ويمرحون في المزارع والحارات، أما أطفال اليوم فأغلب حياتهم مرفهة وأي خشونة سوف تؤدي إلى كرههم للمدرسة، فما الذي يجبرهم على الجلوس في صف بلا تكييف لساعات طويلة، بينما هم في البيوت سعيدون ومرفهون، وحتى يمكنهم التواصل مع أصدقائهم في أي وقت فلم تعد المدرسة المكان المفضل لالتقاء الأصدقاء، كما كنا في الصغر، فكما أننا لا يمكننا أن نعيش الحياة التي كان يعيشها آباؤنا وأجدادنا، بالتأكيد أطفالنا لن يستطيعوا العيش نفس الحياة التي عشناها في طفولتنا، كما يجب مراعاة الظروف المناخية التي استجدت في السنوات الأخيرة من ارتفاع كبير في درجات الحرارة.

ومعظم المدارس مكتظة بالطلاب، وبعض الأسر لا تزال تنجب كل سنة طفلا دون أن يكون هناك وعيٌ لعواقب ذلك، ووزارة التربية والتعليم لا تزال غير مقدرة هذا الأمر، الذي يؤدي لضغط شديد على المعلم، حتى أن بعض المدارس بدأت تعمل بنظام الدوامين الصباحي والمسائي حتى تستوعب أعداد الطلاب الهائلة، ففرق كبير بين أن يكون عدد الطلاب الذين يدرسهم المعلم أقل من ثلاثين طالبا وبين أن يكون عددهم يفوق الخمسة والثلاثين في الصف، مما يؤدي لبذل مجهود أكبر في شرح الدروس ورصد الدرجات.. إلخ… ، فيخرج المعلم في نهاية اليوم الدراسي منهكا تماما، حتى أن بعض المعلمات اللاتي أعرفهن الشغوفات بالتدريس صرن يتذمرن من سوء الأحوال في المدارس، ومن زيادة عدد الحصص، وزيادة عدد الطلاب في الصفوف، فطول الدوام المدرسي يؤدي لزيادة عدد الحصص التي يدرسها المعلم مما يجعله منهكا دائما، وبالتأكيد المعلمة تبذل مجهودا أكبر لأنها حينما تعود لبيتها سيكون لديها مسؤوليات أخرى من تربية الأولاد وأعمال البيت، وكل ذلك يؤدي لكره التدريس الذي هو قبل كل شيء شغف، فإن انتهى الشغف فإن المعلم لن يعطي كالسابق، مما سيؤدي لضعف مخرجات التعليم، ومن زيادة مشكلة التسرب المدرسي، وخاصة في مدارس الأولاد، إن لم يتم تدارك الأمر، فلو أن وزارة التربية والتعليم استجابت لمطلب الأهالي والمعلمين بأن يكون الدوام المدرسي حتى الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق لطلاب الحلقة الأولى، وللساعة الثانية عشرة وخمس وأربعين دقيقة لطلاب الحلقة الثانية، وطلاب ما بعد التعليم الأساسي – وإذا تم التخفيض بحيث لا يدرس الطلاب أكثر من خمس أو ست حصص سيكون أفضل بكثير مثلما في فنلندا وفي بعض الدول الأوروبية- فإنه سوف يقل الضغط عليهم كثيرا، وسوف تقل معه معظم المشاكل الأخرى ومنها التسرب المدرسي، فالطالب منهكٌ أيضا، وكل ذلك سوف يصب لمصلحة التعليم، ومما لا شك فيه أن إصلاح التعليم يحتاج لوقت طويل، ولكن إن لم تتحرك وزارة التربية والتعليم بخطى سريعة فإن كل تأخير سوف يؤثر على الوطن؛ لأن التعليم هو عماد المستقبل، وطلاب اليوم هم بناة الغد، فتأخير الإصلاح والتطوير في مجال التعليم يشكل خطرا على الوطن، أكثر مما يشكله أي تأخير في مجال آخر.

الجزء الأول:

https://ath.re/2IshP6P

الجزء الثاني:

https://ath.re/2Iyvucz

الجزء الثالث:

https://ath.re/2P4KelM

الجزء الرابع:

https://ath.re/2ymY9fV

الجزء الخامس:

https://ath.re/2CiRsyY

الجزء السادس:

https://ath.re/2S6nDqM

Your Page Title