أخبار محلية

باحثة عمانية توضح واقع النشاط الإشعاعي في السلطنة

أثير- المختار الهنائي

 

موضوع فريد، ربما تغيب الكثير من تفاصيله عنا جميعًا، تبنته إحدى الباحثات في السلطنة، وقدمت نماذج واختبارات كثيرة حوله، لتخرج بمادة علمية رصينة، بلا شك ستكون فائدتها عظيمة سواء للمطلعين أو الباحثين أو حتى صناع القرار، فكما تقول بأن جميع البشر يتعرضون إلى النشاط الإشعاعي الطبيعي بصورة أو بأخرى.

 

“أثير” اقتربت من باحثة الدكتوراه أمل بنت عبدالله الحرملية، للحديث حول بحثها في مجال النشاط الإشعاعي حيث أكدت بأن الناس يتعرضون للعديد من المصادر الطبيعية التي يصدر عنها نشاط إشعاعي، ومن تلك المصادر ما يوجد في التربة أو الماء أو النبات، ومنها ما ينبعث نتيجة ما صنعته يد الإنسان مثل محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالطاقة النووية وأجهزة الأشعة السينية والأجهزة الطبية. كما قد يتعرض الناس للإشعاع الطبيعي أيضًا عن طريق الأشعة الكونية كذلك، وبخاصة في المناطق شاهقة الارتفاع.

“أثير” طرحت على الباحثة سؤالًا حول النشاط الإشعاعي في السلطنة وبماذا خرج بحثها في هذا الجانب، فأجابت: “نظرا للموقع الإستراتيجي الذي تحتله السلطنة هناك إمكانية لتأثرها بالتلوث الإشعاعي الناجم عن الأنشطة النووية المختلفة، والمعروف أنه على الصعيد العالمي وفي ظل الظروف العادية، يكون للنشاط الإشعاعي المنبعث من محطات الطاقة النووية والمنشآت الصناعية ومراكز الأبحاث تأثير محدود ضمن معدل الانبعاثات الإشعاعية الكلية، وذلك مقابل مستويات النشاط الإشعاعي المنبعث أو الناشئ عن البيئة الطبيعية والذي ينتج عن نظائر ومواد مشعة موجودة في الطبيعة كما اتضح من النسب والمعدلات السابقة التي تم التعرض لها.

 

فالانبعاثات الإشعاعية الناتجة عن مئات العناصر المشعة أهمها البوتاسيوم ﻭﺍﻟـﺭﺍﺩﻭﻥ ﻭﺍﻟﺭﺍﺩﻴﻭﻡ ﻭﺍﻟﺜﻭﺭﻴﻭﻡ تنتج القدر الأكبر من النشاط الإشعاعي في المحيط الحيوي والجغرافي المحيط بالإنسان، وللاعتبارات العلمية السابقة صار من المهم ومن الضروري تتبع وقياس وتقدير مستويات تركيز هذا النشاط الإشعاعي بأشكاله وأنواعه المختلفة، كما يكشف عن حجم وكم الجرعة الإشعاعية التي يتلقاها البشر في إطار محيطهم الحيوي في البيئة العمانية”.

وأضافت: “لذلك فمن شأن إجراء عمليات تقييم وتقدير لمستويات النشاط الإشعاعي في شمال السلطنة أن يؤدي إلى تحديد طبيعة مخاطر الإشعاع على البشر والحيوانات الذين يعيشون في هذه المناطق، كما يمكن للنتائج التي يتم الحصول عليها أن توظف كخلفية أساسية وأرضية تنطلق منها دراسات مستقبلية تهتم بدراسة وقياس ظاهرة النشاط الإشعاعي”.

وعن اختيارها للجزء الشمالي من السلطنة في بحثها أوضحت الحرملية: “جاء ذلك بسبب قلة الدراسات المعنية بتقييم سابق للنشاط الإشعاعي في الجزء الشمالي من عمان-عدا مسندم-، فقمنا باختيار المناطق التي خضعت للدراسة طبقا لأهميتها في مجالات الزراعة والصناعة، حيث بدأنا البحث بتحديد المناطق الأكثر قابلية للوصول إليها في شمال عمان وجمع العينات منها، وتم اتخاذ قرار بأن يتم جمع العينات من المنابع ومصبات الأودية بمسافة تقريبية تصل إلى عشرات الكيلومترات بين كل من منبع ومصب”.

وذكرت أيضا: “تم جمع 43 عينة من التربة والمياه والأعشاب من 15 موقعا مختلفا شملت 8 ولايات هي: صحار، شناص، والبريمي، السنينة، وضنك، وينقل، عبري والرستاق، ثم تم بعد ذلك جلب العينات إلى المختبر حيث تم إعدادها وتهيئتها لقياسات التحليل الطيفي لأشعة جاما”.

وحول نتائج البحث قالت الباحثة: بالنسبة لنتائج عينات التربة، وجدت تراكيز العناصر المشعة طبيعيا أقل من المتوسط العالمي الآمن عدا عنصر الراديوم-226 حيث ظهر أعلى من المتوسط في 6 عينات ولكن عند حساب معاملات الخطر كانت جميعها أقل من الحد العالمي المسموح وبالتالي لا تزال هذه المناطق آمنة للأنشطة البشرية والزراعية، ووجدت العنصر المشع صناعيا السيزيوم-137 في جميع العينات وكانت التراكيز أعلى من المتوسط الذي تم رصده بدراسات أجريت في دول مجاورة في معظم العينات ويتطلب القيام ببحث لمعرفة الأسباب. أما بالنسبة لعينات الماء، فظهرت النتائج منسجمة مع نتائج التربة حيث جاء تركيز الراديوم-226 أعلى من المتوسط العالمي في المواقع نفسها التي جمع منها عينات التربة ذات تراكيز الراديوم الأعلى وجاءت معاملات الخطر منخفضة جدا مقارنة بالقيم العالمية المسموحة، ولم يظهر السيزيوم في كل عينات المياه.

وبالنسبة للعشب فإن تراكيز العناصر الطبيعية كانت متفاوتة لكنها بقيت أقل من المتوسط العالمي الآمن وبقيت معاملات الخطر أقل بكثير من الحدود العالمية المسموحة، وظهر السيزيوم-137 المصنع في جميع العينات وهذا ينسجم مع النتيجة ذاتها بالنسبة لعينات التربة.

وأشارت الباحثة إلى أن البحث خرج بتوصيات من بينها توصية بإجراء الدراسة على باقي محافظات السلطنة لتدشين قاعدة بيانات إشعاعية لعموم السلطنة وكذلك البحث في أسباب ظهور السيزيوم وهو عنصر صناعي مشع بجميع عينات التربة والعشب التي تم جمعها من منطقة الدراسة وفيما إذا كانت إشعاعات تسربت عن طريق الجو من دول مجاورة أو ناتج مخلفات صناعية طبية محلية، مضيفةً بأن الدراسة لم تكتفِ بالكشف عن تراكيز العناصر المشعة بل تم حساب معاملات الخطر ومعدل الجرعة السنوية التي يتعرض لها الفرد ومقارنتها بالمتوسط العالمي الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة العلمية المعنية بآثار الإشعاع الذري UNSCEAR.

Your Page Title