أثير- مكتب صلالة
كتب: محمد حاردان
“صلاة مودع على شاطئ أرض الفضل، وحفنة من رمال البحر، آخر تذاكر تبلل بالدمع قبل المغادرة . وداعًا يا أقدس بقعة على وجه الأرض وأطهر تربة وطئتها أقدام بشر. يلاطم الموج رأس “مسمات ” حدادًا على الإبحار ، ويهب الأزيب الظفاري بعنفوان ليعيق مسار السفينة ، التي تتهدد بالقرب من ساحل ” شغر جعليل ” ، ميممة دفتها لعبور الأطلسي”.

تعود فصول هذه الحكاية إلى القرن السادس قبل الميلاد، وتدور أحداثها في ركن قصي من جزيرة العرب.

حسب ما ورد في “كتاب المورمن” أن رجلًا اسمه ” لحي ” هرب من “أورشليم” مع أسرته بسبب خلافات مع أهله وطائفته وقطع صحراء الجزيرة العربية ،إلى أن وصل أرض الفضل.

وهناك أمر ابنه” نافي ” ببناء السفينة للإبحار بعيًدا عن الشرق.
نظر الابن إلى جبل ” خبنين آضيلوك ” الكثيف بأشجار الميطان و” السوغوت ” و” السير ” و “العقر ”
وشرع بتقطيع الأخشاب وجمعها على الشاطئ بمساعدة السكان ، وبدأ بتجميع الصمغ من أشجار ” الطيق” و ” العقر ” ، و من سعف النخيل صنع الأشرعة، وبعد أن اكتمل بناء السفينة للإبحار نقش على دفتيها بأبجديات شرقية وأحرف بالخط الثمودي الجنوبي .
هنا “خرفوت” الواحة الغناء المترعة بالنخيل والتين البري وأشجار التمر الهندي ، هنا جنة الله على الأرض ، وهنا تترامى الظلال من ” رأس ” مسمات وخبنين آضيلوك ” غربا إلى “أعيفيتا ” شرقا ومن الشمال تتدفق من جبلي ” آحشيب و كيرار ” عينا ماء عذب زلال ومعين غير آسٍ ، الكبرى تُسمى ” آغيران” والصغرى ” ثاحاك ” وتصبّان في الخور الذي يفصلها إلى نصفين ، ومنه إلى البحر .

وهنا ظفار مرقد الأنبياء والرسل والصالحين وأضرحة الأولياء الاتقياء وهنا مقابر الغزاة ونهاية مدنهم وامتدادهم.
تقع منطقة خرفوت التي زارتها “أثير” ووثقتها بالصور بين ولايتي رخيوت وضلكوت في المنطقة الغربية من محافظة ظفار ، وتقدر مساحتها بحوالي ١٢ كيلو مترا طولًا وكيلومترين اثنين عرضًا.
أعداد قليلة من السياح تصل إلى هذه المنطقة؛ لعدة أسباب أهمها عدم وجود طريق يربطها بأي من الولايات المجاورة ، وللوصول إليها على الزائر ركوب القارب أو يأتي ماشيًا على الإقدام ، وثانيا لعدم الترويج السياحي المطلوب للمنطقة والمقصود بذلك الترويج الموجه “لطائفة المورمن” أي السياحة الدينية الذين باتوا يُمثلون عددًا كبيرًا يبلغ حوالي ١٥ مليون شخص حول العالم ، ويتمركز ثقلهم في الولايات المتحدة الأمريكية وتحديدا في ولاية يوتا ، وهناك سبب آخر هو إهمال المنطقة واختصارها في محمية طبيعية وبيئية الأمر الذي زادها عزلة عن التوجه السياحي .
لكي ينتعش قطاع السياحة ينبغي على وزارة السياحة وضع استثناءات لفئة الشباب في كل من ضلكوت ورخيوت لإنشاء مكاتب سياحية ومنحهم تراخيص للإرشاد السياحي وتقديم الدعم والمساندة لهم لتمكينهم من خدمة مناطقهم ، وكذلك إلحاقهم بدورات تعليمية لمختلف اللغات ليسهل عليهم التعامل مع جنسيات مختلفة من السياح.
من هنا أبحر “المورمن” إلى مختلف أصقاع الأرض، وهم يُرددون ” يا أقدس بقعة على وجه الأرض وأطهر تربة وطئتها أقدام بشر”.