أخبار

“المغبور” عادة اجتماعية تواجه تحديات للاستمرار

“المغبور” عادة اجتماعية تواجه تحديات للاستمرار
“المغبور” عادة اجتماعية تواجه تحديات للاستمرار “المغبور” عادة اجتماعية تواجه تحديات للاستمرار

أثير – مكتب صلالة
إعداد: سهيل العوائد


تُعّد عادة المغبور من أهم أشكال التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع المحلي بظفار، وهي عادة توارثتها الأجيال المتعاقبة جيلاً بعد جيل، حيث ما يزال هذا الموروث التكافلي الشعبي متواجداً في مجتمعنا إلى هذا اليوم.

و”المغبور” عبارة عن مبلغ نقدي أو عيني يُقدمه أفراد المجتمع، من أقارب وأصدقاء ومعارف، إلى العريس؛ لتيسير تكاليف الزواج، كنوع من الدعم والتكافل والتراحم الأخوي بين أبناء المجتمع.

ولقد كان الناس قديماً يدفعون مشاركتهم حسب قدراتهم المادية، فتجد هناك من يُقدم المبالغ النقدية، وهناك من يُقدم الذبائح، وهناك من لم يتمكن من المشاركة مادياً فتجده يُشارك معنوياً في إعداد الوليمة أو الترحيب بالضيوف، أما اليوم وفي ظل توفر الكثير من الخدمات والخيارات لهذه المناسبات الاجتماعية ،فقد اقتصرت المشاركة إلى حد كبير على المبالغ النقدية، حيث تختلف المبالغ المقدمة من شخص إلى آخر حسب العلاقة والمعرفة والتواصل.

يُخصص العريس، عادةً، طاولة وكاتب في مكان مُعين من خيمة العرس؛ لاستقبال المهنئين والمشاركين وتسجيل أسمائهم وقيمة مشاركتهم، وذلك لحفظ جميلهم في سجلات الجميل، ليتسنى له أو لأحد من أقربائه مشاركتهم ورد الجميل لهم في أفراحهم ومناسباتهم الإجتماعية.

وبالرغم من الالتزامات المادية والاجتماعية، التي أصبحت تُثقل كاهل الأفراد والأُسر اليوم؛ إلا أن عادة المغبور ما تزال حاضرة في الكثير من المناسبات الاجتماعية بظفار، وحول التحديات التي تواجه هذه العادة، يتحدث البعض عن عدم قدرته على مواصلة المغبور، نظراً لزيادة المناسبات الاجتماعية التي أصبحت تستنزف الكثير من ميزانيته المادية، إضافة إلى عامل الوقت وبُعد المسافة، بينما يرى البعض أن الأمر مُتاحًا، والجود بالموجود، والمغبور عادة اجتماعية متواصلة ومستمرة ويجب الحفاظ عليها.

وهذا بدوره ينعكس بشكل إيجابي على ثقافة المجتمع، ويُقرب الناس من بعضها البعض، ويُوطِد العلاقات الاجتماعية بينها، ويُحافظ على أجيالٍ أكثر قرباً وتراحماً وتلاحمًا، ويُساعد على بناء مجتمع متآلف ومتكافل ومتعاون.

ولا تنحصر عادةَ المغبور على مناسبات الأعراس فقط، بل تجد الناس تُشارك بالمغبور لأهل الميت؛ لتخفيف تكاليف العزاء أو لتعزيز الجانب المادي لديهم، خصوصاً إذا كان الميت هو المُعيل الوحيد للأسرة أو ظروفهم المادية لا تغطي احتياجاتهم المعيشية، كما أن المغبور يمكن أن يكون لحالات الأمراض المستعصية أو قضاء الديون أو بناء المساجد، وغيرها العديد من صُور المغبور المختلفة في المجتمع.

ولا تنحصر

ومع انتشار وتزايد المناسبات الاجتماعية المتنوعة اليوم؛ إلا أننا ما زلنا نلاحظ توافد الناس بشكل كبير للحضور، وتقديم واجب المشاركة “المغبور” في مناسباتهم الاجتماعية، إضافة إلى توجيه وتثقيف أبنائهم وأجيالهم، بأهمية المحافظة على عاداتهم وأعرافهم وتراثهم.

ويعمل المغبور على دفع الحركة الاقتصادية في المحافظة، إذ تصل المبالغ أحياناً إلى مئات الآلاف من الريالات في اليوم الواحد، تتوزع على مختلف الأعراس المنتشرة في مختلف الولايات بالمحافظة.

وما تزال هذه العادة منتشرة بين أبناء المجتمع المحلي، مع وجود بعض الناس الذين يتركونها في مناسباتهم، بالرغم من ممارستهم لهذه العادة ومشاركتهم الآخرين أفراحهم، إما لظروفهم المادية الجيّدة أو تسهيلاً منهم على أقاربهم وضيوفهم وأبناء مجتمعهم.

ومع ذلك تبقى المغبور عادةَ اجتماعية إيجابية، يسعى أبناء ظفار للحفاظ عليها والتمسك بها وتعزيزها، وذلك لِما لها من أبعاد أخلاقية واجتماعية إيجابية على المجتمع والوطن.

Your Page Title