فضاءات

محمد الوهيبي يكتب: كورونا يا ملك الزمان

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

محمد بن علي الوهيبي- كاتب عماني

قالها يوما الأديب والمسرحي السوري سعد الله ونوس (المرض يكسر الكبرياء وهذا أقسى ما فيه) وإلا من كان يتصور أن مجرد فيروس غير مرئي يحاول أن يسرق السنوات الجميلة من أعمارنا، وأن يكشف مدى هشاشة هذا العالم الذي نعيش فيه، ويمكنه أيضا أن يجمع كل مرادفات الخوف من ارْتِعَاب وارْتِيَاع وتَوَجُّس وجَزَع وذُعْر وهَلَع ووجَل في نفوس البشر، وفي عالم وصل فيه الإنسان من العلم والتطور المعرفي إلى مراحل متقدمة ومن الجبروت ما جعله يظن أنه لن يقف أمامه شيء، بينما تمكن هذا الفيروس من هز أركان الأرض، ومن إرباك العالم وتصدر كل نشرات الأخبار، بل وتمكن من اجتياح كافة أشكال الحياة بعد أن تحول إلى وباء عالمي جديد.

ووسط لجة هذه المخاوف عادت بي الذاكرة إلى ما قبل 29 عامًا تقريبا وأعني زمن صدور المرسوم السلطاني تحديدًا في العام الدراسي (1991/1992) حيث قضى ذلك المرسوم بإنشاء مسابقة للمحافظة على النظافة والصحة في البيئة المدرسية، وقامت وزارة التربية والتعليم بوضع الأطر العامة لهذه المسابقة والتعريف بها، ولتكون في مجملها مسابقة تتنافس فيها المدارس الحكومية التابعة لوزارة التربية والتعليم بالسلطنة على كأس السلطان قابوس -طيب الله ثراه- تحسبا وحكمة وإدراكا منه بأهمية غرس الوعي البيئي والصحي لدى الناشئة، وعملا بمقولة (درهم وقاية خير من قنطار علاج)، وانطلاقا من التكامل بين البيئة المدرسية للمتعلم وبين ممارسته للأنشطة الصفية واللاصفية عبر التطبيق والممارسة.

وكان أبرز أهدافها تطبيق الطلاب ما اكتسبوه من المعارف والحقائق العلمية المرتبطة بالنظافة والصحة بطريقة عملية في البيئة المدرسية وتنمية اتجاهاتهم الإيجابية نحو الصحة والنظافة، والعمل على تنمية قدرة الطلبة على تحمّل المسؤولية والاعتماد على الذات من خلال المشاركة الفعّالة في تنفيذ مختلف الأنشطة، وتنمية شعور الطلاب بأهمية نظافة البيئة المدرسية والعناية بمرافقها والمحافظة عليها، وإعدادهم لمواجهة التحديات المستقبلية في مجال نظافة البيئة وحمايتها من أخطار التلوث والأمراض.

وبعد مرور 27 عاما، وتحديدا في العام الدراسي 2018 / 2019 قامت وزراة التربية والتعليم بتطوير المسابقة بعد الإعلان عن جائزة السلطان قابوس للتنمية المستدامة في البيئة المدرسية بدلا من “النظافة المدرسية” وكان هدفها بناء الشخصية المتكاملة للطلاب، وإكسابهم مهارات التعامل الإيجابي مع القضايا المعاصرة، وغرس قيم المواطنة في نفوس الطلبة، وتعزيز الانتماء لديهم، وتفعيل دور التقنيات الحديثة والتكنولوجيا في خدمة قضايا التعليم والتنمية المستدامة، وغرس مفاهيم العمل التطوعي من خلال تنفيذهم لمشاريع اجتماعية وتطوعية تخدم قضايا المجتمع والبيئة المدرسية كما أعلن عنها.

وكل الغايات والمقاصد النبيلة التي رمت إليها هذه المسابقة يفترض أن تكون قد ترسخت فينا طوال العقود الثلاثة الماضية و نتوسل إليها أن تكون اليوم حاضرة بيننا لتصبح سفينة وطوق النجاة لعبور هذه الجائحة.

وكما بدأت بقول سعد الله ونوس أختم بقوله أيضا:

( إننا محكومون بالأمل وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ).

Your Page Title