أخبار

ماذا “حدث في سوهو”؟ روايةٌ مبنيةٌ على أحداث واقعية

ماذا “حدث في سوهو”؟ روايةٌ مبنيةٌ على أحداث واقعية
ماذا “حدث في سوهو”؟ روايةٌ مبنيةٌ على أحداث واقعية ماذا “حدث في سوهو”؟ روايةٌ مبنيةٌ على أحداث واقعية

مسقط-أثير
إعداد: عهد الغابشية


“هل للأمل وجود في الحياة أم نحن من نختلقه؟ وإن كنا قد اختلقناه إذًا هل يعتبر موجودًا أم لا؟ وهل يمكن أن نتفاعل مع فكرة مختلقة لنحصل على نتائج حقيقية!”

عبارة سطّرتها الروائية الكويتية فدوى الطويل في روايتها الشهيرة “حدث في سوهو”، الرواية التي لاقت رواجًا هائلًا في الوطن العربي.

“حدث في سوهو” رواية بوليسية واقعية، بين ثناياها “112” مكالمة مسجلة حقيقةً لدى الشرطة في لندن، قامت فدوى الطويل بترجمتها وإعادة صياغتها.
تدور أحداث الرواية حول عائلة خليجية مغتربة في سوهو، خرجوا كأي عائلة في يوم عطلتهم للتنزه من أجل رسم الابتسامة على وجه ابنتهم الوحيدة البريئة. في تلك اللحظة تتراقص الطفلة في حي سوهو كفراشة متطايرة فرحًا وسعادة، لم تعلم أنها النهاية، إذ تحولت تلك السعادة إلى تعاسة، وذاقت العائلة مرارة اختطافها.


عندما تقرأ الرواية تشعُر وكأن الكاتبة متوسطة بين الأحداث، لم تدع موقفًا إلا ووصفته بإحكام بليغ، ودقة ترسل القارئ من واقعه الخاص إلى “سوهو” حيث الأحداث الحقيقية. لم يأت ذلك عبثًا؛ ففدوى الطويل استغرقت ثلاثة أشهر لزيارة لندن وتحديدًا “حي سوهو وهايد بارك”، والتقطت مئات الصور؛ لتزويد الوقائع بالتفاصيل اللازمة. بالإضافة إلى ذلك زيارتها للمشردين لأخذ الاعترافات، والذي يعد مكانًا خطرًا بالنسبة لها؛ لكن من أجل هدفها وإرادتها جازفت لتصل إلى نتيجة مرضية، وهذا ما يتميز به الكاتب البارع.

الأحداث والمواقف التي مرت بها العائلة من أجل البحث عن فلذة كبدهم أحداث سوداوية بحتة؛ تمس الجانب النفسي والشعوري للقارئ، وذلك يرجع أولًا إلى أن القصة تتحدث عن قضية إنسانية أساسها طفلة بريئة ذاقت ما ذاقته من وجع وألم، إلى جانب آخر الاغتراب لعب دورًا في ذلك، وكيف صارعت الأم التي تخلى عنها زوجها في منتصف الطريق ومغامرتها في عملية البحث. والكثير من الأحداث التي تبث في نفس القارئ شعور الحزن والحسرة؛ فالأحداث كالريح، لم تكن هادئةً قط فهي متصاعدة بين صدمات ومفاجآت لم تكن في الحسبان وهذا ما جعلها بعيدة عن الملل.

الجدير بالذكر أن نهاية الرواية تعد موضعًا مهمًا وجسيمًا لكل من القارئ والكاتب. وغالبًا ما نرى أن القارئ العربي كثيرًا ما يطلب أن تكون نهاية الرواية التي بين يديه نهاية سعيدة ومتوقعة، لكن “حدث في سوهو” مختلفة اختلافًا كبيرًا؛ حيث إن نهايتها مغايرة ولم تكن في الخيال بتاتًا، فعلى الرغم من كثرة تتالي الأحداث الكئيبة والحزينة يتوقع القارئ أن تكون النهاية عكس ذلك ولكن كانت نهايتها بحزن أشد.

مما لا شك فيه أن أي رواية وإن كانت مبنية على أحداث واقعية، لا تخلو من إضافة لمسة خيالية من الكاتب؛ حفاظًا على عنصر الإثارة والتشويق. إلى جانب آخر، بعض تفاصيل هذه الرواية جعلت القارئ في حيرة بين مصدق وعكس ذلك، على سبيل المثال كيف تخلى الأب في منتصف الطريق عن زوجته وابنته المخطوفة، وهذا غير مألوف في مجتمعنا العربي والإسلامي. كما أن القارئ ينتظر بين حدث وآخر دور أهل الزوجين أو سفارة بلدهم؛ لحل المشكلة أو مساعدتهم مساعدة معنوية إن لم تكن مادية.

وختامًا، تعد رواية”حدث في سوهو” من الروايات الواقعية التي يبحث عنها الكثيرون في وقتنا الحاضر؛ يرجع ذلك إلى أنامل فدوى الطويل التي خطت لنا هذه الأحداث المؤلمة بصيغة أدبية فصيحة بعيدة عن الألفاظ الغامضة، فكلماتها وعباراتها تجعل القارئ يختم الرواية في سويعات أو أيام قليلة.
سيُرجع القارئ الرواية في رف مكتبته بحكم انتهائه منها، لكن ستبقى الأحداث عالقة في ذهنه لا تفارقه.


Your Page Title