محمد بن علي الوهيبي- كاتب مقالات
لأن الزمن القادم مختلف عما عشناه وألفناه يجب علينا أن نعد أبناءنا باستراتيجيات وخطط وأساليب ومناهج تتناسب والزمن المقبل، والذي بدأت معالمه تتضح ودلالاته ومؤشراته تقترب شيئًا فشيئًا.
علموهم أن يأخذوا من جبال بلادهم الصلبة والشاهقة حق الصعود إلى الأعلى، وأن يكتسبوا منها الشموخ والأنفة والكبرياء، كما يقتبسوا منها روح التحدي، ورفض الخنوع والخضوع والاستسلام.
علموهم كيف يرمون باليأس والخيبات المتتالية وراء ظهورهم، علموهم أن يقرأوا في بحار بلادهم العميقة الصبر وقوة التحمل والمجالدة في مواجهة الأعاصير وتقلبات الأيام. علموهم كيف يجعلون أمواج البحر والمد والجزر تجري لتنفِّذ ما يريدون. علموهم أن أرضهم ظاهرها وباطنها مكتنز بالخير الكثير وعليهم أن يبادروا بالسعي فيها؛ لتكون لهم وحدهم، وهم أولى بها من غيرهم. علموهم أن يلقوا بحجر الخوف والفزع والذعر من المجهول بعيدًا عنهم. علموهم ألا يديروا خدهم الأيسر لمن صفعهم على خدهم الأيمن. علموهم أن يطالبوا بحقوقهم وألا تقر لهم أعين حتى يحصلوا على حقوقهم كاملة غير منقوصة، وأنها فعلًا حق لهم وليست مِنّة من أحد.
علموهم أن الوطن هو المكان الذي ولدوا فيه وعاش عليه آباؤهم وأجدادهم، وعليهم أن يتمسكوا بالأوطان ويحافظوا عليها ويدافعوا عنها بأرواحهم، ويجب عليهم ألا يتهاونوا في أداء واجباتهم وعهودهم تجاه الوطن.
علموهم أنهم أبناء كرام خلق الله وأنهم شعب طيب صافي القلب وصادق النية وحسن الطبع، لمن يحترمهم ويعرف مكانهم ومكانتهم، وأن هذه الصفات ليست مرادفة للسذاجة والبلادة والبلاهة، بل هي صفات خيّرة توارثوها كابرعن كابر.
علموهم أن يكونوا صادقين مع أنفسهم قبل الآخرين، وأن المدح يكون فقط لمن يستحقه وبعد تحقيق الإنجاز الذي يفتخر به جميع الوطن، وأن النقد يكون لاستعادة التوازن ووضع الأمور في مسارها الصحيح، ولا يكون النقد بغرض التجريح أو التخوين، ولا يكون النقد لشخص وذات من تم نقده وإنما يكون لعدم الالتزام والتهاون في أداء ما ينبغي القيام به من مهام وأعمال كُلف بها، ويكون النقد كذلك لمن قدم الصالح الخاص على الصالح العام.
علموهم ألا يطبّلوا ويزمّروا للوعود البراقة والكلام المنمّق والمزخرف، وأن الأفعال والأعمال التي تلبي حاجاتهم ومطالبهم وأمنياتهم هي فقط من يجب أن يبتهجوا ويفرحوا لها.
