مسقط-أثير
من منطلق التعاون القائم بين “أثير” وجمعية الرحمة؛ تُعيد الصحيفة نشر 25 حوارًا أعدتها الجمعية من قبل وأصدرتها في كتاب تمت طباعته سلفًا.
فإلى تفاصيل الحوار الثاني:
واجه “فريق حفظ النعمة بالبريمي” بولاية البريمي الكثير من الانتقادات في بداية نشأته والتي كانت نشأة مختلفة لم يعتدها المجتمع العماني بسبب معتقد أن هذا العمل “منقود”؛ لأنك تعطي الناس من باقي الطعام، ولكن وبقيادة امرأة عمانية صاخبة في الخطوات، وواسعة في أفق استغلال المتوفر من الطعام استطاع هذا الفريق أن ينطلق بكل مثابرة وجدية، لأن نظرته العميقة جعلته يدرك أن هناك “هدر للطعام” لا بد من حفظه كنعمة، ولا يجب أن ترمى نعمة في حاويات القمامة .
لقاؤنا الآتي مع رئيسة الفريق ومؤسسته أحلام بنت راشد المقبالية، ستقلب معنا صفحات فريقها، وإنجازاته، ومسار آلية عمله، وأهم التحديات التي واجهتهم قبل أن يتم اعتماده كفريق ثقة من قبل أفراد المجتمع في ولايته.
الانطلاقة الحقيقية
# كيف جاءت فكرة فريق “حفظ النعمة”؟ ومتى كانت نشأته؟
# ربما بدأ العمر الحقيقي لي كمؤسسة للفريق في عام التطوع منذ العام 2009م، عندما انتسبت للشبكة الدولية لتثقيف الأقران التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان، حينها وحسب ما أذكر تجرأت ورحبت بالجميع قائلة : أهلا بكم جميعا، ليوجه لي سؤالا عن نشأة الفريق الذي أنتسب إليه وبداياته ومسماه وأجابت بأنه فريق “حفظ النعمة “كمجرد فكرة مقترح للفريق لا أكثر. نعم.. كبرت الفكرة بعد ذلك عندما زارت الشبكة العمانية للمتطوعين # تعاون ولاية البريمي في العام 2012م، حيث كانت الورشة من تقديم الأستاذ/ يحيى راهي، هذه الورشة كانت دافعا لاجتماع الشباب الشغوفين بالعمل التطوعي الذين عقدوا اجتماعا، وخرجوا منه بمشكلة مهمة جدا وهي #هدر الغذاء. وكانت الانطلاقة الحقيقة في شهر رمضان، حيث عملنا يوميًا لتجميع فائض الطعام وهكذا كانت البداية رغم التحديات الكثيرة.
# كم عدد أعضاء الفريق، وهل يوجد هيكل إداري للفريق؟
# لا يوجد لدينا هيكل إداري فلقد تعلمت من شبكة الواييبر(شبكة تثقيف الأقران ) أن يتم اختيار منسقين للفريق وبناء عليهم يتم توزيع المهام ، علما بأن عدد الأعضاء قد يصل في شهر رمضان من ٥٠ إلى١٠٠ متطوع.
لعمل أكثر مرونة
# هل لك أن تطلعينا على آلية العمل في فريق حفظ النعمة بالبريمي؟
الحقيقة آلية العمل في الفريق تتبع تقسيمات متفق عليها بين الأعضاء حيث يتم تقسيم العمل عن طريق اختيار مشرفين لكل أسبوع ولدى كل مشرف مجموعة من المتطوعين يستطيع من خلالهم تشكيل ديناميكية عمل منظمة وذات خطوات مدروسة وهذا بالتأكيد يجعل العمل أكثر مرونة.
وأضافت: علما أن الفريق يستقبل فائض كل أنواع الطعام ، ويوفر عددا من البرادات الخاصة بالطعام، وبما أن الكثير من المناسبات تقام ليلا، فإننا لا ندخر جهدا بعد التواصل معنا حول الفائض في الذهاب مباشرة للمكان المحدد، وتوزيع الطعام في ذات الليلة لأماكن ومنازل محدودة جدا.
خلق قيادات جديدة
# وما تأثير هذه الآلية على عمل الفريق، بخاصة مع الحجم الكبير لعدد الأعضاء؟
هذه الآلية تعمل على تنشئة جيل من القيادات الجديدة في الفريق، فالثقة التي توليها لأي عضو منتسب للفريق تمنحه الكفاءة المطلوبة التي نحتاجها لتسيير العمل والذي لا يتحدد بوقت بعينه، وإنما حسب المناسبات والتي قد تزدحم في بعض الأحيان وعلى الفريق أن يكون مستعدا لتغطية كل العمل بالقدر المستطاع.
(منقود)!؟
# ما مدى تجاوب المجتمع في ولاية البريمي وأهم الصعوبات التي واجهت الفريق في بداياته؟
كلنا يعلم أن المجتمع العماني لا يحبذ أن تعطي الناس من الأكل المتبقي، ويعتبرونه في عرفهم أنه أمر( منقود) ، علما أن هناك فارقا كبيرا بين الطعام المتبقي، وبين الطعام الزائد عن الحاجة (الفائض)!؟ وحتى تصل المعلومة للمجتمع كنا تحتاج للوقت، وقوة الصبر، والمثابرة.
وأضافت: وفي بداياتنا انهالت علينا الانتقادات القاسية والتي جعلتني لا أرغب في تكملة المشوار الذي كان لا يزال في بدايته، إلا أن همة المتطوعين والأعضاء في الفريق، وثقتهم في أهمية آلية عمل الفريق وإيمانهم برسالته، جعلتني أغير تفكيري وأتحلى بذات الهمة، والإيمان. بخاصة والبداية كانت في شهر رمضان، وهذا الإصرار جعلهم ينتظرون الموسم القادم من شهر رمضان بلهفة أكبر، وبروح معنوية أكثر إصرارا. وبصراحة الفريق بالفعل يضم مجموعة رائعة من الطموحين، وأصحاب الهمة العالية والمسؤولية والتي حملوها على أكتفاهم بلا كلل، أو ملل.
أعضاء يتمتعون بالوعي
# بعد مرور عدد من السنوات منذ نشأة الفريق، كيف تجدين همة الفريق ونشاطه؟
أكدت المقبالية: أن منتسبي الفريق واقعيون، ومدركون أن الخطوة الواحدة لا بد وأن تتبعها خطوات عديدة حتى يتم إقناع المجتمع بالشكل المطلوب، ونحن لا نزال مستمرين في توصيل فكرة أن الطعام الزائد (الفائض) عن الحاجة يفضل التبرع به كحفظ للنعمة بدلا من رميه في القمامة، كما نعمل على أيصال نقطة أن الطعام الغير صالح لا بد وأن نستفيد منه “كعلف” للحيوانات، ولذا فالفريق يعمل على موضوع غاية في الأهمية وهو “نشر الثقافة” بأهمية حفظ النعمة، والتي نسد بها حاجة المستحق لها، ونتعلم أيضا عدم الهدر في الطعام حتى في المناسبات. وهذا معناه أننا نحارب في أكثر من اتجاه: تثقيفي، توعوي، ومجتمعي.
سبل مختلفة
# هل هناك سبل معينة اتبعها الفريق لتحريك الماء الراكد خلال مسيرته؟
وقالت: ١/ التذكير بالجانب الديني ومساوئ الإسراف ( محاضرات ومسابقات).
٢/ عمل ورش عمل توعوية في المدارس.
٣/ ملصقات علقت على البيوت تشير إلى أنه سيتم أخذ النعمة الفائضة حتى لو كان الوقت متأخر.
٤/ البحث عن مقر مفتوح يقصده الناس في شهر رمضان وهو استغلال حضانة وسط البريمي.
٥/ اختيار ٤ مواقع وتعريف الناس بها لتوزيع الفائض من الطعام حتى يقصدها المحتاج.
٦/ تخصيص سيارة تم تثبيت ملصق إعلاني عليها عن الفريق.
٧/ عملنا عدة جلسات خاصة مع بعض النساء، وخرجنا بأفكار استفاد منها الفريق
٩/ عمل وصفات طبخ من فائض أو بقايا الأكل.
شكر لأصحاب المبادرات
# هل لامستم أي دعم من المؤسسات المختلفة (العام والخاص)؟
لا شيء يذكر في البدايات ربما في الموسم الثالث كان هناك دور ملموس من قبل البلدية والبيئة يتمثل في التبرع بأكياس وصحون وحاويات وتكريم للمشاركين، ومن هذا المنبر لا بد لي من تقديم الشكر لصاحب حضانة الأجيال الأستاذ خليفه البادي كونه أكبر داعم للمشروع ومديرة الحضانة الأستاذة فاخرة البادي ، حيث كانت الحضانة سببا كبيرا في استمرار ونجاح الفريق ،راجية أن يتم استغلال مثل هذه المرافق بالمفيد كما فعل صاحب الحضانة مع الفريق . كما أن بعض الأفراد في المجتمع كانوا أيضًا هم من أسباب النجاح الذي حالفنا، حيث شهدنا ملحمة مجتمعية للبعض من المتبرعين في المجتمع بجهودهم ومساعداتهم الذاتية.
مراكز متقدمة
# ما أهم الإنجازات التي تحسب لفريق “حفظ النعمة بالبريمي”؟ وأهم الخطط المستقبلية؟
الحمد لله، بعد البحث وجدنا مقرا ثابتا، ونعمل حاليا على تجهيز المقر بالمعدات اللازمة، وهذا سيكون له دور كبير في دعم الفريق وتنظيم آلية العمل؛ لأن هدفنا في الأساس أن يكون في كل بيت في ولاية البريمي، فريق لحفظ النعمة، يكون صمام تعاون لبث الوعي في هذا الجانب.
أما عن أهم إنجازات الفريق، فقد حققنا: المركز الأول على مستوى المحافظة في “مبادرون” في ٢٠١٦م. والمركز الأول على مستوى السلطنة في مسابقة وياكم ٢٠١٦. وحققنا المركز الثاني في جائزة الرؤية للمبادرات الشبابية، ونلنا المركز الأول في جائزة البريمي للتميز المجتمعي.
# منذ التأسيس إلى الآن هل زاد عدد المستفيدين؟
نشعر بعد مرور هذه السنوات من تأسيس الفريق بأن جهدنا “لم يذهب هباء منثورا”، فمن هاجم الفكرة بالأمس أصبح اليوم سندا لنا، ومقر الفريق في الوقت الراهن يستقبل بشكل شبه يومي مستفيدين. نعم.. أعترف في بداياتنا المجتمع هاجم الفكرة، ولكن اليوم لدينا من العمانيين شبه يومي يحضرون إلينا لأخذ كميات من الطعام، وأما العمالة الوافدة فقمنا بعمل نظام للحجز حتى نضمن آلية جيدة في التوزيع للمستحقين.
# ذكرتِ أن الفريق فاز بالعديد من الجوائز في المسابقات، كيف تسهم هذه الجوائز في دعم مسيرة الفريق؟
قلت لدينا سياسة وهي أن تخصيص الجائزة لدعم الشباب العماني المكافح لا للفريق، ولذا بالإضافة إلى ما حققنا من جوائز انعكس ذلك على نهج الفريق فقمنا بدعم شباب أسسوا مشروعا تجاري في المرة الأولى. وفي المرة الثانية قمنا بدعم طالبة ماجيستير.
نحتاج للجادين
# بعد نجاح تجربتكم في محافظة البريمي هل توجد نية لتوسعة الفريق ليشمل باقي المحافظات؟
حتى نكون واقعيين، دعونا نعترف أن التحديات كثيرة، والأحلام تحتاج إلى أفراد يتمتعون بالشغف والمثابرة لتحقيق أي فكرة، والتجربة الحقيقة علمتنا أن العمل ليس بالكم وإنما بالكيف وأي عمل إن لم يحض بالمخلصين فيه يصبح في “خبر كان”، لأن المصلحة العامة تضيع وسط المصالح الأخرى. فإن قررنا ذات يوم التوسعة فنحتاج إلى أشخاص جاديين.
دعم عيني
# وأما عن مصادر دعم الفريق المادية، فقالت؟
الحمد لله، دعم المجتمع يظهر لنا جليا من خلال الدعم العيني، فنحن على سبيل المثال نقوم بنشر إعلان للجمهور الكريم نحتاج لتوفير غرض ما، فنرى الدعم قادما بخاصة ونحن نحرص حرصا تاما على استخدام صحون صحية ( الصحن الصحي هو شعارنا وهو أهم شيء)، والجمهور يدرك ذلك وهذا أمر يدعم ثقة الناس فينا أيضا. وغير ذلك فهناك تبرعات كثيرة تأتينا من بعض الأفراد مشكورين، إلى غير ذلك أن صاحب المقر الذي نستخدمه لا يدخر جهدا في دعمنا بكل الاحتياجات “جزاه عنا كل الخير”. بجانب أننا نعقد اتفاقيات مع بعض المصانع والتي تبيع منجاتها من الأدوات الخاصة بالتعليب بأسعار مناسبة جدا لنا.
جزءٌ لا يتجزأ
# ما هي المستجدات التي تقلقون منها لاستمرارية مشروع الفريق في البريمي؟
بصراحة، الفريق يضم طاقات شابة من المتطوعين، وبعضها صغير السن، ولكن الحياة من يوم ليوم تتغير فهؤلاء المتطوعون قد يشغلون عملا ما بعيدا عن ولاية البريمي، أو يكونون أسر ويعيشون في أماكن بعيدة عن الولاية وبالتالي فالفريق يفقد همم من المخلصين بخاصة والفريق أصبح جزء لا يتجزأ من الولاية، ولذا فنحن نعمل على تأسيس طاقات قيادية نستطيع الاعتماد عليها.