أثير- مازن بن سعيد بن سليمان الغشري
كأنك قادمٌ من السماء – عليك هالات نورانيّة – إلى “مطار بيت الفلج” فهناك استقبلتك عاصمة عُمان الطيبة، واحتضنك أهلها الأوفياء كما ناديتهم في خطابك الأول، وتقف أعلى مدرج الطائرة لتتفحص المكان والإنسان، وتنزل من السلالم بخطوات واثقة، وبعزيمة شابة، وبرباطة جأش؛ فالتكليف الممزوج بالتشريف مليء بالتحديات والعقبات إلا أنك كنت أهلًا لكلِ أمرٍ عظيم.
ولقد كان خطابك الأول خارطةً لطريق شاق وطويل والذي ابتدأته من “مسقط” ثم إلى بيضة الإسلام الحاضرة “نزوى” مرورًا إلى الواعدة “عبري” وصولًا إلى الشامخة “تنعم”، وبجلد كبير إلى “البريمي” ثم محارة الشمال “صحار” وصِلتّ وجِلتَ في “الغبيراء” لتضرب مثلًا أسمى للديموقراطية المتزنة المليئة بالقيم الجمّة، والمعتدلة مع الجميع، فناديت الشعب بنداء الأب الحاني، وخاطبته بخطاب الأخ المعين، وكنت المواطن المخلص الذي يعمل بكل جد دون أي تواكل أو تخاذل.
ولم تكن بدايتك الماجدة سهلة، ولم تتأتَ لك على طبق مسجّى بل كانت محفوفة بالمخاطر ومشوبة بالصعاب، فتوسطت الصفوف وقدت الجنود، وسطرت ملحمةً يشهد بها تاريخ العسكر في الحروب البطولية، وكل هذا وذاك كان من أجل عُمان وإنسانها النبيل، وما كانت تكافئك النياشين إلا أن عُمان قلدتك وسامها الأوحد فكنت قائدها الذي تباهي به العالمين.
ولأنك تؤمن بالإنسان العماني وتسعى إلى تمكينه أوليته العناية والرعاية، فخرج أبناء عُمان من عتمة الليل إلى وضح النهار، وكأن النقلة النوعية هذه كانت بسرعة الضوء وفي غضون عقد من الزمن كانت عُمان خلاف عُمان إبّان الثالث والعشرين من يوليو، فنورك الممتد من أقصى جبال سمحان إلى أعلى جبال مسندم قد نشر الانشراح على عمان وأهلها، وتبدد الظلم والظلام وحلّ السلام والوئام.
ومن أجل تنمية شاملة سخرت السبل لبناء دولة عصرية يشار إليها بالبنان في كل محفل وميدان، فسابقت الزمن وتمر العقود وعمان في تنامٍ مستمر، وأبهرت العالم في تطورها، حتى أصبحت أيقونة يشهد لها القاصي والداني، وحديث الأمصار فاحتلت مكانتها بين سائر الدول، وأصبح العُماني يرتبط بهويته أينما كان، ويذكر باسمك فشخصيتك الفذة كانت ذا “كاريزما” عجيبة لها تأثير عجيب، وهكذا هم العظماء يحضرون في الذاكرة والتاريخ بالأرواح والأسماء.
ومن أجل دولة القانون والمؤسسات كانت الخطوات مدروسة بعناية فائقة، فشهدنا معك جولات طالت البلاد التقيت فيها بالمواطنين، وبات صوت المواطن يتردد في آذان القائد؛ فيا للحنو الآسر، ويا للرحابة السمحة، وتذكر ذلك “سيح المحامد” وتخلد “سيح المسرات” بسطتك السّارة، ولا تنسى “أم الزمايم” أبوتك الحانية، وفي سجلات تاريخك الزاهر ستشهد “سيح الرخاء” أن الرخاء في عهدك عمّ ربوع الوطن، وفي “سيح الطيبات” يتذكر المواطن طيبة قلبك وسعة صدرك وأنت تصغي لهذا وذاك، وتناقش وتحاور في الصغيرة والكبيرة من أجل عُمان ومن عليها، وسيشهد رجالك الأوفياء أن جولاتك التفقدية كانت رسالة سامية يقرأها المواطن عن قرب.
واليوم ونحن نستذكر كل هذه الأحداث التي مرت على أجيال وأجيال من أبناء هذا الوطن المعطاء، فإننا بعين الرضا نستعظم عطاءك الذي حق لنا أن نمجده، وجديرٌ بنا الابتهاج به، فأنت القائد المتفرد، والسلطان الأوحد، الذي تجلى مع وضح الشمس بعد السُبات، فحاز المكرمات، وحقق المنجزات، وخلدّ اسمه في التاريخ فلم تفِ حقه الصفحات، فسلاطين عُمان ظواهر تاريخية لا يوازيها التاريخ.
سلطاننا الماجد لقد كنت آية النهضة، وها هو يوليو يستذكرك هذا – مجددًا – العام بعبرات آسرة، وأبناء شعبك يجددون الوفاء لذلك العطاء، ويهدونك مع السلام والتحايا صادق الدعاء وخالص الرجاء، طبتَ وطاب مرقدك أيها الخالد فينا.