المكرّم السيد نوح بن محمد البوسعيدي
عضو مجلس الدولة، رئيس الجمعية التاريخية العمانية
المكرّم السيد نوح بن محمد البوسعيدي
عضو مجلس الدولة، رئيس الجمعية التاريخية العمانية
الحمدلله حّق حمده لن تضيق على عمان الأرض بما رحبت، ” ُفَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ”.
فعلاً بدا واضحًا أن السلطنة في حاجة إلى حاضرة مّدنية نموذجية حديثة، ذات معايير نوعية مبتكرة، تجذب إليها الأعداد المتزايدة من السكان والأعمال وتستوعب متطلبات المستقبل وتكون حاضرة إسكانية واقتصادية وترفيهية حيوية.
الأسباب لذلك عدة أولّها تكرر الأعاصير التي تضرب المدن العمانية، حيث أصبحت مسقط وصلالة معرضّتان للأنواء المناخية الشديدة والتي تعصف بالبنية التحتية وتسبب خسائر باهضة لإعادة إصلاحها.
ثانيا: شّح الأراضي السكنية في مسقط وصلالة، المدينتان الأكثر تفضيلاً للمواطنين للإقامة والعمل بهما، واستمرار الجدل حول استحقاقات منح كل مواطن ومواطنة لقطعة أرض مناسبة ليؤسسوا بها سقف أحلامهم.

ثالثا: الاعتبارات الهندسية في كل من المدن القائمة حالياً حيث تتكرر الملاحظات بشأن عدم وجود حدائق واسعة حديثة وصرف صحي فاعل وتوصيلات غاز وارتفاع كلفة توصيل المياه والكهرباء والخدمات، وأيضا ما يشار بافتقار مسقط وصلالة وبعض المدن الأخرى لمركز مدينة Town Center بالمعايير المعروفة عالميا والذي هو في العادة قلب المدينة النابض المفعم بالحياة والذي يطيب له الشباب.
رابعاً: الازدحامات والاختناقات المرورية التي تسبب كلفة كربونية كبيرة إضافة إلى استنزاف وقود السيارات في فترة الازدحام وما تسببه أيضا من عوامل نفسية وتأخير الأعمال. وفي هذا السياق أيضًا يمكن أن نضيف شّح المواقف للسيارات حيث أصبح من الصعوبة الحصول على موقف في العديد من الأماكن بمسقط.

المكان الأنسب لهذه الحاضرة المستقبلية الكبيرة هو في الوسطى بحيث تكون في منتصف المسافة بين مسقط وصلالة وأن تُربط بخطوط مواصلات مع اليمن والمملكة العربيه السعودية والدقم وبالطبع مع مسقط مع تفريع مباشر لرأس الحّد، منفذ المستقبل إلى آسيا.
هذه المدينة يجب أن تكون بنظام المناطق السياحية المدمجة المطوّرة ويسمح للأجانب بالإقامة والتملّك والاستثمار فيها وأن تتوسطها حديقة كبيرة تحيط بها ناطحات سحاب وتقّسم إلى أحياء حديثة مؤنسنة وأن تزوّد بالطاقة النظيفة وتجذب لها استثمارات في مجالات اقتصاد المستقبل كمصنع للسيارات الكهربائية ومشاغل في التقنيات الدقيقة والطاقة النظيفة.
تسعى وزارة الإسكان والتخطيط العمراني حالياً لإيجاد حلول للسكن المناسب واقترحت عدداً من المواقع لإقامة أحياء سكنية وهذه خطوة طيّبة مشكورة، إلا أن عمان بحاجة إلى حلّ ابتكاري جديد والحّل هو في مدينة كبرى جديدة Metropolis في وسط البلاد تقدم إغراءات معيشية جاذبة تخفف من التزاحم السكاني في سهل الباطنة وسهل ظفار وتؤسس لحركة اقتصادية كبيرة.
إن تجربة المملكة العربية السعودية الشقيقة في نيوم وتجربة جمهورية مصر العربية الشقيقة في المدينة الإدارية الجديدة والعلمين وتجربة تركيا وتجربة ماليزيا أثبتت فوائد الخروج من الحوش القديم.
بالطبع سيكون الجدل من أين المال؟
و الجواب: “لعمرك ما ضاقت بلاد بمالها.. ولكن جيوب الكانزين تضيق”