خاص-أثير
تسع وثلاثون دقيقة مرّت كلمح البصر ونحن ننصت إلى كتاب مفتوح من الصدق والوضوح والسلاسة في توضيح الأمور، ووضع الحلول الناجعة للمشكلات أيسرها وأصعبها.
بلغة التفاؤل يُجيب عندما نوجّه له سؤالا فيه استصعابٌ للحلول، وبالدعوة إلى الخير والفرج يُعيد بوصلة تفكيرنا إذا نظرنا بأن هذه المشكلة كبيرة، أما دعواته ونصائحه فهي كلها تلهج بلسان الخير والإصلاح والدعوة إليه.

تطوافٌ لموضوعات عدة حملتها هذه الدقائق البسيطة عددًا، الكبيرة في الموضوعات المطروحة فيها، والتي لا يُمكن لنا تفريغها في سطور معدودة؛ فمعناها أعمق، ومبتغاها أصدق، وشرحها يحتاج إلى تأليف وليس إلى خبر.
بلسان العالم الجليل بدأ سماحة الشيخ أحمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان حديثه في برنامج “مع موسى الفرعي”، داعيًا للجميع بالصحة والعافية والتوفيق للعمل الصالح وحسن الخاتمة، مؤكدًا بلغة التواضع بأنه لم يتحوّل عما كان عليه، فهو لا يزال عبدا ضعيفا من عباد الله تعالى، مفتقرا إلى رحمته، راجيا فضله، وراجيا العفو عن السيئات، ومع ذلك فهو أخ لكل عماني، بل لكل مسلم، في أي بقعة من الأرض في مشارق الأرض ومغاربها.

يرى سماحته بأن الظروف تتشابه بين مجيء المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – للحكم في سبعينيات القرن الماضي، والفترة التي بدأ فيها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظّم -حفظه الله ورعاه- حكمه، ففي الأولى كان التحدي الأكبر في وجود الشيوعية وانسياق البعض إليها، فواجههم – رحمه الله- بيدين؛ الأولى ذهبية بسطت الخير وقضت على الفقر، والأخرى حديدية لطمت كل من خرج عن النهج القويم. أما في الثانية فإن التحدي هو ظهور الإلحاد بطريقة فلسفية، فيها فرض لسفاسف الأمور والترهات، وهنا يرى سماحته بأهمية ترسيخ الأخلاق الفاضلة والعقيدة الصحيحة، وكذلك حل مشكلات الناس جميعها الاجتماعية منها والاقتصادية، والانسجام بين القاعدة والقمة، راجيا من جلالة السلطان – أعزه الله- ” أن ينظر إلى الناس نظر الرحمة، وأن يُحسن إليهم ببسط يد المعروف” . وفي موضع آخر يدعو سماحته إلى النظر في مشكلات الناس، والإصغاء إليهم، وتقدير ما يقولونه.

وبنظرة المسلم المتفائل دومًا يرى سماحة الشيخ بأن هناك عقلاء من غير المسلمين يرنون إلى الإسلام، ويرجون منه حلولا للمشكلات العالمية، ضاربًا أمثلة كثيرة عايشها بنفسه أو اطلع عليها في الصحف والفضائيات عن كتّاب ودبلوماسيين وعلماء وقادة غربيين أشاروا في أحاديثهم إلى الأمل في الإسلام، والإعجاز في القرآن، ومن هؤلاء الأمير تشارلز الذي يركز على القرآن الكريم في حل مشكلة الفقر، وكذلك البيئة.

يؤكد سماحته بأن الآراء السياسية التي يطرحها في وسائل التواصل الاجتماعي لا تأتي بتوجيه من أحد فهي كلها في سياق ” أن عمان كلها تحمل الخير، وتتجه إلى اتجاه الخير من القاعدة إلى القمة”، لافتًا إلى أن قضية فلسطين بالنسبة إليه هي الأولى؛ لأنها قضية تتعلق بالعقيدة والدين والموروثات الإسلامية التي لا يُفرّط فيها، مع اعتنائه في الوقت نفسه بقضية كل مسلم عربيًا كان أو غير عربي في أي بقعة من العالم.

رغم عمره الكبير إلا أن سماحته يضرب نموذجًا ومثالا بالحرص على ترسيخ الفكر النير ما استطاع إليه سبيلا؛ فهو يقضي وقته بين التأليف والكتابة وبث الخير، وعندما سألناه عن كتابة سيرته الذاتية كونه قدوة تحتاج الأجيال إلى معرفة الكثير عنه أجاب ” أنا أرى بأن عملي وحياتي أقل من أن يُكتب عنها”.
وعند الدقيقة الـ 39 تعود اللحظات إلى البدايات، وكأن الزمن لا يريد الانتهاء في حضرة عالم جليلٍ تُختَم بعده اللقاءات، فيودعنا بدعاء كما استقبلنا، رجا فيه الأمة أن ترجع إلى الله، وتجمع شملها، وتوحّد كلمتها، وتستعدي جميع أسباب التفريق بينها.
تُختَم بعده اللقاءات

لمتابعة اللقاء كاملا من هنا: