أخبار

الدكتور خالد عزب يتحدث لـ “أثير” عن واقع الثقافة العمانية ومستقبل الثقافة في مصر

الدكتور خالد عزب يتحدث لـ “أثير” عن واقع الثقافة العمانية ومستقبل الثقافة في مصر
الدكتور خالد عزب يتحدث لـ “أثير” عن واقع الثقافة العمانية ومستقبل الثقافة في مصر الدكتور خالد عزب يتحدث لـ “أثير” عن واقع الثقافة العمانية ومستقبل الثقافة في مصر

القاهرة – مكتب أثير في القاهرة
حاوره: محمد الحمامصي


يمثل الدكتور خالد عزب مرجعا للثقافة المصرية والعربية بعد أن شارك في الحياة الثقافية بقوة منذ ثلاثة عقود، فضلا عن دوره في مكتبة الإسكندرية الذي استمر لعشرين عاما، ومؤخرا طرح دراسة تحت عنوان “البحث عن الثقافة المصرية ومستقبلها” صدرت عن دار مركز دعم الإعلام في القاهرة، أثارت تساؤلات ونقد في الأوساط الثقافية العربية لذا جاء هذا الحوار.

انطلق عزب في دراسته مؤكدا أنه وإذا كان المصريون هم من بنوا الحياة الثقافية في الخليج العربي، فالآن الحياة الثقافية هناك يقودها المواطنون، ومن حق كل دولة أن تسعى إلى نشر ثقافتها بوصفها أداة من أدوات الهيمنة والتأثير وخدمة المصالح، وأن تبني الكوادر التي تتولى هذه المهمة.

وفي ضوء ذلك سألناه عن رؤيته للحركة الثقافية في سلطنة عمان، فقال: “تحظى سلطنة عمان منذ سنوات طويلة بحراك ثقافي وإبداعي يتميز بخطى هادئة وراسخة وقوية، ويحتفي بشكل خاص بالتراث، لقد أدركت مبكرا إن التراث مواز للثقافة ومكمل لها، فأعطت الوزارة المختصة اسم وزارة الثقافة والتراث سابقًا، ثم جاءت العناية من جلالة السلطان المعظم بالمتحف الوطني لتؤكد هذا البعد. إن عمان لها سماتها التي حافظت عليها من بينها الزي الوطني والعادات والتقاليد، لقد مزجت الماضي بالحاضر، وهذا ما تراه جليا بين العمارة العمانية القديمة التراثية والمعاصرة ممثلة في عمارة وزارة الخارجية في مسقط والتي تعد الأجمل في المنطقة العربية، كما أن اقتصاديات التراث أي مساهمة التراث في الاقتصاد الوطني العماني واعدة، فصناعة العطور الموروثة تعطي مثالا جيدا على ذلك.

** وماذا عن الإبداع والمبدعين؟

في كل مجالات الإبداع تملك عمان أسماء تجاوزت المحلية والعربية إلى العالمية، لديها شعراء وروائيون ومسرحيون مترجمون وفنانون تشكيليون وأعمالهم على أرفف المكتبة العربية والعالمية، ويمكن أن نرصد العديد من الأسماء، أيضا هناك نقاد وناقدات على مستوى عال من المتابعة للظواهر الإبداعية سواء في عمان أو الدول العربية. وهناك مجلات وأقسام ثقافية بالصحف والمواقع تحظى باهتمام بالغ من المثقفين العرب.

** كيف تنظر للثقافة في عمان خلال السنوات الأخيرة؟

كما أشرت آنفا أرى أن أسماء في فضاء الثقافة في عمان بدأت تحلق عربيا، وتكون صورة إيجابية عن عمان من بينها: محمد الرحبي وخلفان الزيدي والدكتور المبدع سالم البوسعيدي وغيرهم، وهذا شكل جانبا هاما في المشهد الثقافي في عمان الذي بدأ يتبلور مع صدور مجلة نزوى التي قدمت خدمات جليلة للثقافة العربية، فهي نوع خاص من المجلات تغطي مساحة مهمة بين المجلات العلمية والمجلات الثقافية العامة، ومن هنا تكمن صعوبة دور نزوى الذي أدته بمهارة.

** برأيك هل الأدب في عمان له حضور يمكن أن يعكس الحياة في عمان؟

كنا ننتظر هذا مع دار بيت الغشام التي سرعان ما قدمت أقلاما عمانية جديدة، لكن جاء إغلاقها مفاجئا، لكن أطلقت في عمان دور نشر جديدة يمكن أن تقوم بهذا الدور، ولذا فإن صوت عمان الأدبي في الرواية حاضر لكن لم يأخذ مكانه الحقيقي على الساحة الإبداعية العربية.

** الآن نأتي لدراستك وكيف قرأت فيها الوضع الراهن للثقافة في مصر؟

** كانت مصر إلى وقت قريب فاعلا ثقافيا ومعرفيا قويا في المنطقة العربية، وبصورة نسبية في الصعيد الأفريقي، وبصورة أقل على الصعيد الدولي، لكن هذا لم تواكبه برامج حقيقية لكي تزيد من مساحة الثقافة المصرية على هذه الأصعدة، بل حتى على الصعيد الوطني حيث تتراجع الثقافة الوطنية أمام سيل هادر كان قادما من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، ثم الآن أضف لهم الصين بمشروع ثقافي يخدم سياساتها واقتصادها، وروسيا عبر برامج تعزز من قوتها الناعمة، وألمانيا عبر نشر اللغة الألمانية والثقافة الألمانية بترجمة الفكر والأدب الألماني إلى العديد من اللغات.

** وما هي إشكالية الثقافة المصرية؟

علينا أن نقر أنه لكي نحافظ على الهوية الوطنية وتصبح لدينا قوة ناعمة تخدم الوطن أن نعيد صياغة وبناء الثقافة المصرية من جديد على مستوى الأفكار والقيم والفنون والمورثات من مختلف العصور.

** وكيف تخرج الفعل الثقافي إلى فضاء أوسع؟

الثقافة في مصر ملف تتقاطع فيه العديد من المؤسسات والوزارات، لذا فإن الشأن الثقافي تتقاطع فيه عدة مؤسسات مثل: الثقافة، التربية والتعليم والتعليم العالي والخارجية، لذا فإن الدول تعرف هذا تحت عنوان (الإستراتيجية الوطنية للثقافة) التي يجري صياغتها وتنفيذها عبر ما يسمى بالسياسات الثقافية الوطنية، ولابد من دعم المجتمع المدني ليكون فاعلا ثقافيا، لأن طبيعة الإبداع يتطلب أن تكون عبر المجتمع المدني وكذلك الأفراد المبدعين والشخصيات العامة، ولابد أن نقر أن الفعل الثقافي في مصر يرتكز على ثلاثة: الدولة، المجتمع المدني، والأفراد بحاجة إلى ما يحفزهم ولا يعوقهم، وأن يكون ذلك عبر برامج محددة في مدى زمني محدد بمخرجات واضحة. إذًا، ما هو مدلول الثقافة الذي سيجري من خلالها بناء إستراتيجية وطنية وبلورتها في سياسات ثقافية.

** هذا يعني أنك لديك تعريف مختلف للثقافة عما هو شائع؟

الثقافة هي أسلوب حياة ينغمس فيه كل مواطن بصورة قد تختلف من مكان لآخر داخل الوطن طبقا للعادات والموروثات والأعراف والتعليم الرسمي والشفهي الذي يتلقاه المواطن ليصيغ هذا كله الشخصية الثقافية للمواطن وتراكم المعرفة لديه، تظهر الثقافة في طريقة التفكير والسلوك الجماعي، ونظرة الأفراد لأنفسهم وللآخرين، وكيفية التعامل مع الممتلكات العامة والخاصة، والاستمتاع بالحياة، وطريقة الطهي والأزياء، وغير ذلك.

هذا يؤدي إلى تكوين ما يسمي الصورة الثقافية وهي المرآة التي يشاهد من خلالها أي بلد، فيجري الحكم عليه إن كان متقدما لديه أبعاد حضارية، وتظهر هذه الثقافة في الشوارع والميادين.. فأسوأ صورة هي ما تقوم به شركات المقاولات حين تقوم بتكسير الأرصفة أو الشوارع وترك المخلفات بها لتعيق حركة المارة، بل قد تترك لأسابيع، وفي وقت يرى الزائر لمصر من خارجها هذا باعتباره ثقافة إهمال وعدم نضوج، فإنه في بلده أن من يعملون في إصلاح الشوارع في الخارج يقومون بالعمل كما يقوم الجراح بعمله مع المريض في زمن قياسي وبدقة ويقوم بتضميد الجرح، ثقافة المقاولات والإهمال، هي ما دمر السينما المصرية كصناعة في السبعينيات وما تلاها، فثقافة المقاولات هي عنوان ثقافة “الفهلوة” و”تفتيح الدماغ” وغير ذلك، وهذا النوع من الثقافة سلب من الشخصية المصرية جديتها وما يعرف شعبيا بقيم “الجدعنة”، هنا تتقاطع الثقافة مع مخزون القيم الوطني، لنرى حاجة ماسة لمعالجة مشكلة في داخل الشخصية المصرية والمجتمع المصري لتقاطع الثقافة مع الحاجة لتدخل جراحي من علماء الاجتماع، هنا الثقافة تعكس أيضا كيفية تعامل أفراد المجتمع مع بعضهم، وهو ما يعني أن نوعية الحياة لابد أن ترتكز على معايير الجودة والقيم.

Your Page Title