مسقط-أثير
تُعدّ جمعيات الصداقة رابطا بين الدول، وتُنشأ بطلب من قيادات المجتمع المدني بهدف تنمية أواصر التعاون والصداقة في مجالات مختلفة، ويعتمد ذلك على طبيعة كل بلد، حيث تشرف وزارة الخارجية في سلطنة عمان على إنشاء الجمعيات وفقا لقرار وزاري يصدر بعد موافقة مجلس الوزراء.
ومؤخرًا أُعلِن عن إنشاء جمعية الصداقة المغربية العمانية في المغرب الشقيق؛ فتواصلت “أثير” مع الدكتور عبدالفتاح الزين رئيس الجمعية وحاورته عن أهدافها وأعمالها المستقبلية.
مسيرة إنشاء الجمعية
يقول د. عبدالفتاح الزين في بداية حديثه: “جاءت فكرة تأسيس الجمعية، بالنسبة لي وكما عايشت تطوراتها، في سياق رغبة مغربية-عمانية برزت من خلال إقامتي في سلطنة عمان خلال الفترة الممتدة ما بين سنتي 2002 و 2006، والتي كنت أشغل فيها خبيرًا بمكتب معالي مستشار جلالة السلطان لشؤون التخطيط الاقتصادي قادما كإطار مُلحَق من المعهد الجامعي للبحث العلمي بجامعة محمد الخامس بالمغرب؛ حيث كنت أشتغل كأستاذ باحث”.
مسيرة إنشاء الجمعية
وأضاف: “كانت هذه أول زيارة لي لسلطنة عمان والتي أقمت فيها بمسقط، وربطت بسرعة كبيرة وسلاسة علاقات أخوية وصداقات مع عدد من المثقفين والمبدعين والأطر والتي ما تزال ممتدة إلى يومنا هذا، ولم تنفرط باعتبارهم أصبحوا جزءا من العائلة، وهكذا توالت الزيارات بعد عودتي، وهو الأمر نفسه الذي عاشته مجموعة كبيرة من المغاربة الذين اشتغلوا بسلطنة عمان والذين ارتبطوا مثلي بالبلاد وبأهلها، وهذه المجموعة التي كنت أسميها “مغاربة عُمان”، ارتبطت بوشائج الصداقة في حياض الأرض العُمانية، ظهرت فكرة تأسيس إطار بينهم كأطر، وأساتذة ومعلمين”.
وأشار الدكتور إلى أن فكرة تأسيس هذا الإطار تأتي بدافع الحفاظ على ذاكرتهم الجماعية كتجربة تدعمها هذه الوشائج الإنسانية، والتجارب المهنية والمعيشية، و من أجل إغنائها عبر الأجيال بالنظر للمشترك المغربي-العماني، وإجلالا للحفاوة التي تم استقبالهم بها.
مضيفا: “ظلت هذه الفكرة تُناقش وتختمر بين أفراد ومكونات “مغاربة عُمان” عبر الأجيال المتوالية إلى أن بدأت تتحقق بمبادرة من ثلة ظلت مؤمنة بالحفاظ على هذه الذاكرة وإغنائها بما ينهض بالعلاقات بين البلدين الشقيقين ويوطّدها خاصة مع تزايد أعداد المغاربة العاملين بسلطنة عمان ومن العمانيين الوافدين على المغرب سواء في إطار التكوين والدراسة أو الإقامة أو السياحة”.
وتحدث د. عبد الفتاح الزين عن إعلان تأسيس الجمعية بقولة: “تم الإعلان عن تأسيس جمعية الصداقة المغربية العمانية في إطار حوار مغربي-عماني بين هذه الثلة المغربية وفي انفتاح على مجموعة من الإخوة العمانيين الذين تربطنا بهم صداقات وعلاقات أخوية لعلهم يقدمون على تأسيس إطار مشابه يمكن أن يتولى هذا الموضوع ويشتغل في هذا الإطار، أيضا كان ذلك انفتاح على سفارة سلطنة عمان بالمغرب من خلال سفيرها الذي نكن له كل الود والتقدير والاحترام، حيث تم إخباره بنية التأسيس إلى جانب مدّه بتطورات هذا التأسيس، كذلك التواصل مع سفارة المملكة المغربية من خلال سفيرها ومع باقي الهيئات الرسمية في المغرب، واستمر النقاش حوالي السنة لخروج هذه الهيئة المدنية للوجود، والتي حصلت على الاعتراف الرسمي بالمغرب وفق القانون المؤسس للجمعيات”.
اسم الجمعية وشعارها
وعن اختيار اسم “جمعية الصداقة المغربية العمانية” أوضح د.عبدالفتاح الزين لـ”أثير”: “كان موضوع اختيار اسم للجمعية به نقاش غني ومثمر على اعتبار أن مفهوم الأخوة يعني “من جمعك وإياه صلب أو بطن” بالمعنى السُّلالي والفقهي، وهو واقع كل مجتمعاتنا العربية والتي تنحدر من بعضها البعض أو تربطها أواصر سلالية متنوعة ومختلفة إلا أنه مفهوم قبلي ومعطى بمعنى أنه تحصيل حاصل، ولهذا اختيارنا لمفهوم الصداقة يتأسس على علاقات تقوم على الصدق الذي هو نقيض الكذب والبهتان والزيف، كما أنه يتضمن معاني الموافقة والتوافق إلى جانب معاني المودة والإخاء والإخلاص، وكذلك الهبة والعطاء، وغيرها من المعاني التي يجب بناؤها والعمل سويّا من أجل تحقيقها”.
اسم الجمعية وشعارها
مضيفا: “لقد اخترنا لهذه الجمعية شعارا نضعه على كل وثائقنا الرسمية (بطاقة الانخراط، المراسلات، مطويات الجمعية، ومختلف ملفات الأنشطة التي قد ننظمها)”.
أهداف الجمعية
وعن أهداف الجمعية قال د. عبد الفتاح الزين: “يسعى هذا الإطار المدني بالاشتغال ضمن هذه القيمة التي أصبحت عملة نادرة في عالمنا اليوم، وهي قيمة القيم في العلاقات الإنسانية وحتى الدولية. ومن المفيد الإشارة إلى أن الجمعية تنأى بنفسها عن العمل السياسي تنفيذا للقوانين الجاري بها العمل، وفي احترام لطبيعة العمل الاجتماعي المدني”.
أهداف الجمعية
موضحًا: “هذا الإطار المدني سيشتغل ضمن ما أصبح يعرف اليوم بالدبلوماسية العامة كهيئة مدنية غير حكومية، كذلك ستعمل الجمعية من أجل النهوض بالتفاهم والتقارب بين البلدين، وتشجيع التبادل الثقافي والأنشطة التنموية في مختلف القطاعات، وتقوية أواصر الأخوة والتضامن بين الشعبين المغربي والعماني من خلال التحسيس والتوعية والترافع عبر تنظيم أنشطة في مختلف المجالات وبمختلف الطرق المعمول بها في أنشطة الجمعيات المدنية، وستسعى إلى تحقيق أهدافها العامة، والتي سيقوم أعضاؤها بالعمل على تجسيدها في أنشطتهم المختلفة بكل من المغرب أو عمان”، وهي كالآتي:
1. توثيق أواصر الأخوة المغربية العمانية من خلال النهوض بما هو مشترك بين البلدين من تاريخ وحضارة وثقافة.
2. تشجيع وتعميق العلاقات في مجالات التربية، والتعليم، والبحث العلمي، والإبداع في مختلف المناحي.
3. تعريف مواطني البلدين بما يزخر به البلدان من تاريخ وحضارة مشتركين، ومن موارد وفرص للتعاون والاستثمار لما فيه المصلحة المشتركة.
4. توسيع ودعم العلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية المتبادلة؛ وفي المقام الأول الاشتغال ضمن مشاريع التعاون الإنمائي المشتركة بين الدولتين، وفي احترام للقوانين الجاري بها العمل في كلا البلدين.
5. مساعدة ورعاية المواطنين من البلدين المقيمين سواء بالمغرب أو بسلطنة عمان أو حتى خارجهما، وبخاصة ممن يمكن أن يوجدوا في وضعية صعبة.
6. العمل بشراكة على إشعاع ثقافة البلدين والتعريف بها على الصعيد العالمي في إطار من الدعم المتبادل والورش المشتركة من خلال معارض وأنشطة مشتركة عملا بقيم وقواعد التعاون والشراكة.
وسنعمل سويا مع الإخوة العمانيين بما يضمن تحقيق الأهداف العامة لما فيه خير المغاربة والعمانيين الذين نتمنى أن تكون لهم هيئة مماثلة تكون مخاطب مدني إسوة بالمجموعات الرسمية التي قد تدعونا للاشتغال تحت مظلتها وفي إطار برامجها وتوجيهاتها ضمن قواعد الديبلوماسية العامة التي ما فتئت أهميتها تتزايد في العلاقات الدولية.
العضوية
وفيما يتعلق بالعضوية أوضح د. عبدالفتاح الزين بأن العضوية في الجمعية اختيارية، ومفتوحة في وجه كل مغربي مقيم في سلطنة عمان أو سبق له أن أقام بها، كما أنها مفتوحة أمام الراغبين في الاشتغال ضمن أهدافها من بين المغاربة الراشدين ذكورا وإناثا. وعضويتها متاحة للأشخاص الذاتيين والمعنويين الذين يكفل لهم القانون المغربي الأهلية والأحقية في ذلك”.
العضوية
وأضاف: “فيما يتعلق بالإخوة العمانيين، فإنهم كذلك مرحب بهم ضمن هيئات الجمعية، وأنشطتها سواء عبر الاستفادة منها أو المشاركة فيها أو حتى اقتراح وإنجاز ما يرونه مناسبا ضمن قوانين الجمعية التي تعتبر بيتهم وإطارهم إسوة بالأعضاء المغاربة، وهذا في إطار الأهداف التي تم إقرارها وفق القانون الأساسي لجمعية الصداقة المغربية العمانية، فالقانون يسري على الجميع مع احترام لخصوصيات كل عضو من أعضاء جمعيتنا”.
التواصل
وحول طرق التواصل في الجمعية قال د. عبدالفتاح الزين لـ”أثير” ” الجمعية تدير مجموعة واتساب تحت مسمى “الصداقة المغربية العمانية”، وهي مجموعة نشيطة في تبادل الأخبار والمعلومات المتنوعة والعامة من إدارية، وثقافية، واجتماعية، وتعريفية بتاريخ وجغرافية وحضارة البلدين بكل أريحية وفي حميمية واحترام لبعضنا البعض، والمجموعة مفتوحة لكل من يرغب في الالتحاق بها، فما عليه إلا أن يخبر عضوا من العمانيين أو المغاربة ليلتحق بها”.
التواصل
مضيفاً: ” توجد صفحة فيسبوك Facebook خاصة بالجمعية والتي هي بوابة افتراضية للتبادل الحر والجماهيري مع أصدقائها ومتابعيها، ويسهر على تدبيرها الكاتب العام لجمعيتنا، وستحتضن قريبا أنشطة مختلفة متنوعة تغطي المجالات التي نشتغل فيها، ويمكن لكل راغب التسجيل لمتابعة الجديد وتبادل الأخبار عبر الرابط الآتي لهذه الصفحة”:
https://www.facebook.com/groups/2529476377190911
وسيكون للجمعية قريبا موقع إلكتروني، فالجمعية في طور البناء والتعريف بنفسها وبأهدافها، وهذا عمل ليس بالهين، غير أن هذا يدفعنا للمزيد من العمل لكسب الرهان ورفع التحدي”.
أعمال مستقبلية
وتحدث د. عبدالفتاح الزين عن أعمال الجمعية المستقبلية قائلاً: “كما تعلمون، ما زالت ظروف جائحة كوفيد19 تلقي بكلكلها على كافة المجتمعات والدول، ونحن الآن كمكتب، وبعد الانتهاء من مرحلة التأسيس القانوني مقبلون على تحضير برنامج سنوي يتضمن الأنشطة التي يمكن لجمعيتنا القيام بها بما يتماشى مع طبيعتها وقوانينها وأهدافها المسطرة، وسنعمل جاهدين وبكل عزم على إنجازها في تعاون مع المؤسسات الرسمية والمدنية بالبلدين، وتتوزع على محورين”:
أعمال مستقبلية
• المحور الأول:
القيام بزيارة لسلطنة عمان بهدف التعريف بجمعيتنا لدى السلطات الرسمية العمانية ولدى العمانيين أولا ثم لدى عموم الجمهور. غير أن هذه الزيارة التي ستكون عبارة عن رحلة ثقافية، سنسعى فيها بالمناسبة إلى تنظيم أنشطة ثقافية وفكرية تعرّف بالمغرب، كما أنها ستلقي الضوء على المشترك بين المملكة المغربية وسلطنة عمان سواء كدولتين أو كمجتمعين، نعتبرهما جناحا الوطن العربي، ونحن نعمل على أن تتم هذه الأنشطة بتعاون مع هيئات مدنية ثقافية وفكرية وفنية عمانية تغطي بعضا من أوجه الفكر والثقافة والفنون بالمغرب، وستكون هذه الأنشطة مفتوحة للعموم، وفرصة لتبادل التجارب والأفكار”.
• المحور الأول
وأضاف: “ستكون هذه الزيارة مناسبة للقاء مع مؤسسات تم الاشتغال فيها وزيارات لأماكن ومدن لها في ذاكرة أعضاء الجمعية مكانة وقيمة بهدف تجديد الروابط وتمتينها، ناهيك عن الاطلاع على ما قطعته السلطنة من تطور وتقدم، وذلك بما تسمح به الإمكانيات والفرص وفق برنامج مضبوط نحن عاكفون على تحضيره، وفي تواصل مع مختلف الأطراف التي نتمنى أن توفر لهذا اللقاء والأنشطة التي سنبرمجها كل فرص النجاح”.
• المحور الثاني:
وتحدث الدكتور عن المحور الثاني بقوله: “نحن كذلك على استعداد لاحتضان أنشطة عمانية بالمغرب والمساعدة في تنظيمها ونجاحها من خلال العمل مع مختلف المؤسسات الرسمية والمدنية. كما أننا سنكون كجمعية حاضرين في مختلف الأنشطة العمانية التي قد تنظم في المغرب كلما كان ذلك ممكنا أو تمت دعوتنا، وهذه الملامح العامة لبرنامجنا لسنة 2023 الذي هو قيد التحضير والذي نعمل على تدقيقه وضبطه، غير أننا بدأنا في فتح باب العضوية أمام “مغاربة عُمان” أي الذين سبق لهم العمل والإقامة في عمان من بين المغاربة. كما أننا بدأنا كذلك في تقديم خدمات دعم ومساعدة للعمانيين الذين تواصلوا معنا عبر تقديم معلومات يرغبون فيها أو توجيههم الإداري فيما يتعلق بمعاملاتهم”.
• المحور الثاني:
طموحات
وعن الطموحات المستقبلية للجمعية أوضح رئيس الجمعية بقوله: “بطبيعة الحال، يأتي إقدام مجموعتنا على تأسيس جمعية الصداقة المغربية العمانية لتحقيق طموحات راودت المؤسسين منذ إقامتهم السعيدة بالسلطنة والتعرف على أهلها ومؤسساتها، والإسهام في القطاعات التي اشتغلوا فيها إلى جانب إخوتهم العمانيين، فهذه الشعلة الإنسانية التي أدفأتنا خلال وجودنا بسلطنة عمان وطننا الثاني والذي ازداد للبعض منّا أبناء وبنات فيه، هي التي نطمح للإبقاء عليها متقدة ليستدفئ بها آخرونا، وهذه الحفاوة التي وجدناها لدى الإخوة العمانيين، والذكريات التي لا زلنا نحتفظ بها هي التي نريدها أن تكون جسرا ممتدا بين البلدين والمجتمعين”. ولهذا:
طموحات
1. سنعمل على نشر المعلومات التعريفية بالبلدين فيما يتعلق بالتاريخ، والمجتمع، والثقافة، والمؤسسات، والقوانين التنظيمية، وكل ما يفيد المُتَلَقّي العماني والمغربي ويقدم له معلومات تُفيدُه في التعرف على العيش بالبلدين وعلاقاتهما الإقليمية والدولية.
2. سنسعى إلى إقامة وتنظيم التظاهرات العلمية والثقافية والفنية، والمعارض العلمية والتجارية والسياحية، وتنظيم الزيارات والرحلات وغيرها من أجل دعم كل أوجه النشاط العلمي والثقافي والفني والاقتصادي أو المساهمة في تنشيطها، مع إمكانية الشراكة مع مختلف الفاعلين في هذه المجالات.
3. سنسهم وسنشارك في إنشاء فضاءات لتقديم الإرشاد والمشورة لمواطني البلدين حول الإقامة أو العمل أو القيام بمشاريع في مختلف المجالات.
4. كما تسعى الجمعية أيضا إلى التعاون مع مختلف الفاعلين، ومع كل الهيئات بالبلدين سواء الحكومية منها أو الدبلوماسية أو التمثيلية وحتى المدنية، ومع كل من تراه يفيد في هذا الصدد باستشارة مع الهيئات الرسمية، وذلك من أجل كل ما من شأنه أن يسهم في تحقيق أهدافها ويعمل على النهوض بأواصر الأخوة والصداقة بين البلدين.
وآمل ولربما هو أيضا أمل أعضاء المكتب وحتى مختلف مكونات الجمعية، هو إنشاء متحف للذاكرة المغربية العمانية والذي يمكن أن يضم كل ما له علاقة بتاريخ البلدين المشترك والعلاقات الإنسانية من خلال ذاكرة الذين أقاموا بالمغرب أو عمان من مغاربة وعمانيين حتى يظل هذا التاريخ الغني نبراسا للأجيال المقبلة، ويكون نموذجا كممارسة جيدة لباقي الدول والمجتمعات والشعوب، ومكتب الجمعية سيعمل جاهدا على تحقيق كل البرامج المسطرة والأفكار المشتركة بين أعضاء الجمعية من مغاربة وعمانيين.
شكر
واختتم د.عبدالفتاح الزين حواره مع “أثير” بتوجيه الشكر قائلا: “شكرا على هذا الاستجواب الذي أود أن يكون مشجعا للجميع مغاربة وعمانيين على الانخراط في هذا الورش حتى نقدم للعالم النموذجين المغربي والعماني في التعايش والنهوض بالتنوع الذي يزخر به مجتمعانا.
شكر