رصد-أثير
نشر البنك الدولي تقريرًا عن قطاع الحماية الاجتماعية وأهميته خصوصًا بعد جائحة كورونا (كوفيد-19) وتأثيراتها على اقتصادات الدول والجوانب الصحية والاجتماعية فيها، ناصحًا واضعي السياسات في البلدان بتبني أنظمة للحماية الاجتماعية تشمل برامج للمساعدات الاجتماعية، والتأمينات الاجتماعية، وسوق العمل.
وأكد البنك في التقرير الذي حصلت “أثير” على نسخة منه أهمية تقييم تداعيات الاستجابة للتصدي للجائحة على قطاع الحماية الاجتماعية، وتحديد الأولويات الإستراتيجية الجديدة، حيث أشار البنك إلى أن دروس التاريخ تُنبئ بأن الأزمات غالبا ما تؤدي إلى تسريع وتيرة النهوض بالحماية الاجتماعية بفضل زيادة التقدير لأهميتها، والدروس المستفادة بشأن أوجه النقص في الأنظمة التي تتكشَّف بين ثنايا الأزمة.
وأوضح البنك أنه قام بتحديث إستراتيجيته لتكون دليلًا تسترشد به البلدان لبناء أنظمة للحماية الاجتماعية الشاملة تساعدها على تحسين الحماية والمساندة لشعوبها في المستقبل، والبدء دائما بأشد الناس فقرا والأكثر احتياجًا، حيث تضمنت الإستراتيجية خمسة مجالات رئيسية تمثلت في الآتي:
1- رسم رؤية أطول لوضع أنظمة للحماية الاجتماعية شاملة وتتسم بالاستدامة من الناحيتين المالية والسياسية.
2- تحقيق توسعة كبيرة للتغطية الفعالة لبرامج الحماية الاجتماعية من أجل تلبية الاحتياجات المختلفة لجميع السكان.
3- وضع برامج تتسم بقدر أكبر من القدرة على الصمود في وجه الصدمات والأزمات خصوصًا التي تؤثر على الأفراد.
4- تحقيق زيادة كبيرة لنطاق وجودة برامج الشمول الاقتصادي وسوق العمل، خصوصًا للعاملين في وظائف منخفضة الإنتاجية وليس لديهم سوى القليل من سبل الحماية.
5- توفير حيز مالي أوسع للإنفاق على الحماية الاجتماعية، وتعزيز المزيد من الموارد المحلية.
الحماية الاجتماعية في سلطنة عمان
التقرير الذي نشره البنك الدولي جعلنا نبحث عن منظومة الحماية الاجتماعية في سلطنة عمان، حيث لم تألُ الحكومة جهدًا في تقديم أشكال متنوعة من البرامج للحماية المجتمعية على مدى أكثر من 50 عامًا، وتمثّل ذلك في الضمان الاجتماعي، ومكافآت التقاعد، والتأمينات الاجتماعية إضافة إلى دعومات الإسكان الاجتماعي وتعرفة الماء والكهرباء والوقود وغيرها من أشكال الدعم.
لكن الأوضاع الاقتصادية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة كشفت أهمية أن تكون هناك منظومة للحماية الاجتماعية يستفيد منها المواطن منذ طفولته حتى شيخوخته من جهة، وتكون لديها القدرة على الاستدامة المالية من جهة أخرى. وبالعودة إلى الرؤية المستقبلية عمان 2040 فإن تحقيق الرفاه والحماية الاجتماعية جاء ضمن أهم الأولويات الوطنية، بحيث يكون المجتمع مغطى تأمينيا بشبكة أمان اجتماعية فاعلة ومستدامة وعادلة.
فكيف يتم تطبيق ذلك؟
الإجابة تقودنا إلى المرسوم السلطاني رقم ٣٣ / ٢٠٢١ الذي قضى بإنشاء صندوق يُسمّى “صندوق الحماية الاجتماعية”، تكون له الشخصية الاعتبارية، ويتمتع بالاستقلال المالي والإداري، يتبع مجلس الوزراء، ويصدر نظامه بمرسوم سلطاني، حيث ستتضمن منظومة الحماية الاجتماعية عدة برامج تم تصميمها على أساس المستهدفات الوطنية وأفضل الممارسات، وتعالج الكثير من الإشكالات مثل ضم سنوات الخدمة وعقود العمل المؤقتة وبرامج الضمان الاجتماعي.
إذًا متى سيُعلن عنها؟
في شهر أبريل من العام الحالي 2022م أعلنت اللجنة المشرفة على المشروع أن مسودة قانون أنظمة التقاعد والحماية الاجتماعية ستُرفع إلى مجلس الوزراء خلال ذلك الشهر، حيث سيُعلن عنها بعد اكتمال دورتها التشريعية بمرورها على مجلس عمان، ثم رفعها للمقام السامي لجلالة السلطان حفظه الله، وانتهاءً بصدور قانون الحماية الاجتماعية.
وطمأنت اللجنة حينها بأن القانون سيعالج إشكالات ضم مدد الخدمة بين القطاعات المختلفة واستيعاب عقود العمل المؤقتة والدائمة والعمل لبعض الوقت والعاملين لحسابهم الخاص، مؤكدة السعي إلى كل ما من شأنه استقرار العمل وإيجاد حماية للمواطنين منذ الطفولة حتى الشيخوخة ضمن منظومة الحماية.
لماذا هذه المنظومة؟
بالقراءة عن التجارب الناجحة لمنظومة الحماية الاجتماعية في بعض الدول، وبالربط مع رؤية عمان 2040 التي تستهدف استدامة خدمات الرفاه الاجتماعي وجودتها، كالخدمات الصحية والتعليمية، وتوفير شبكات الأمان الاجتماعي التي توفر استدامة سبل العيش الكريم للأجيال الحالية والقادمة على حد سواء، فإن المؤمل أن تُسهم هذه المنظومة التي تتضمن أيضا دمج صناديق التقاعد في الكثير من الفوائد منها:
– حماية اجتماعية متكاملة موجهة للفئات الأكثر احتياجا.
– تعزيز كفاءة الاستثمارات وضمان الاستدامة المالية.
– تحسين بيئة العمل بتقريب المزايا التقاعدية.
– تحقيق التكافل المجتمعي والعدالة بين الأجيال.
– إيجاد كيانات استثمارية قوية إداريًا وماليًا.