أثير – د. سعيد السيابي كاتب وباحث أكاديمي في جامعة السلطان قابوس
إن الأزمات الصحية والاقتصادية والمالية المتلاحقة تنعكس سلبا على الأوضاع الثقافية والإعلامية، فقد واجه المشرّعون في الحكومة العُمانية في العقود المنصرمة عدداً من التقلبات وبدورها خلقت عددا من التحديات بما في ذلك القضايا المتعلقة بالقيادة ونمو التراتبية فيها بشكل سلس، فهناك بعض المقترحات والمبادرات التي تم تفعيل بعضها والبعض الآخر لم يرى النور، ومع ذلك نستعرض هنا بعض المؤثرات في أزمة القيادة الثقافية والإعلامية وهي كما يلي:
الموارد المجففة: فقد عانت المؤسسات العامة والخاصة كغيرها من القطاعات بمحدودية الموارد وقضية شد الأحزمة مع تقلبات الأسواق وانخفاض الدخل العام، وهذه الموارد تشمل محدودية البنية الأساسية والتوظيف والتمويل للمشاريع الجديدة، مما خلق صعوبات على قادة المؤسسات الثقافية والإعلامية في إدارة وتحسين مؤسساتهم بشكل فعال ومتناسب مع التطورات العالمية المستقرة التي لا تعتمد على موارد محدودة بل مواردها ينتجها القطاع ويطورها الاستمرار في تقديم المشاريع الثقافية والإعلامية.
نقص التدريب والتأهيل للقيادات الثقافية والإعلامية: وهذا بدوره سينعكس سلباً على سير العمل بمهنية وبتصاعد مطلوب في قطاع متسارع، فبدون التأهيل الجيد سيكون التراكم ضعيف وتنقصه الخبرة اللازمة لإدارة المؤسسات وقطاعاتها المتشعبة منها. فعدم ظهور أكاديمية الفنون التي أُعلن عنها، وعدم ظهور نتائج لجنة تطوير الدراما والمسرح منذ العام 2008م، وتجميد القبول بقسم الفنون المسرحية بجامعة السلطان قابوس وغيرها من مشاريع التدريب الإعلامية والإبداعية التي قام بها القطاع الخاص وأغلقت سريعا، وهنا المحدودية ستنعكس بدورها على تطور السلم الوظيفي الأقل تراتبية ولا يعين ذلك على المزيد من الابتكارات في الأنشطة والبرامج والتفاعل معها وتقيمها واختيار الأنسب منها وخصوصا الفعاليات والبرامج ذات التوجهات والموجات العالمية في قطاع الثقافة والإعلام التي تكبر وتتصارع بين مد وجزر.
محدودية توزيع الجهد الجيد بين مناطق السلطنة في قطاع الثقافة والإعلام: فهناك تفاوت كبير في توفر الإمكانيات بين المركز والأطراف، وذلك ينعكس بدوره على قطاعات كثيرة لا يمكن خدمتها بنفس السرعة والتقانة وتوفر الأماكن المهيئة لتقديم المشاريع الثقافية والنقل الإعلامي واللقاءات المهيئة لها كالأستوديوهات الثابتة والقاعات والمسارح المجهزة والذي بدوره يصعب على القادة اتخاذ القرارات المناسبة وتنفيذ التغييرات المطلوبة.
بشكل عام، هناك تحدٍ يواجه قادة القطاع الثقافي والإعلامي بسلطنة عمان، وهذا الأمر يحتاج لجهودٍ متضافرة ومعالجته لا تتم بالأماني وحدها أو التخطيط على الورق، ولكن بجلوس الأطراف جميعها التي تخدم هذا القطاع من أصحاب المصلحة بما في ذلك الحكومة والمشتغلين بالثقافة والإعلام وأطراف المجتمع الفاعلة في تنمية ودعم هذا القطاع الحيوي.