أثير – جميلة العبرية
كان القرآن الكريم رفيقًا ليونس المجرفي منذ الطفولة، وسببًا في تشكيل شخصيته، فاتحًا أمامه أبوابًا جديدة في حياته الشخصية والمهنية. من ولاية عبري، حيث يجتمع الإيمان بالعمل الجاد، نشأ يونس بن عبدالله بن سعيد المجرفي، حامل كتاب الله، والفائز بالمركز الأول (المستوى الأول: حفظ كتاب الله كاملًا) في مسابقة السلطان قابوس للقرآن الكريم.
نشأة في ظلال القرآن
يستذكر يونس بداياته مع القرآن قائلاً: “بدأت رحلتي منذ الطفولة، حيث كنت أرافق والدي إلى المسجد، وهو إمام أحد الجوامع التابعة لديوان البلاط السلطاني. كانت الإجازات الصيفية فرصة ذهبية لحضور حلقات تحفيظ القرآن، مما غرس في داخلي حب كتاب الله منذ سن مبكرة”.
طريق محفوف بالعقبات
لم تكن الرحلة سهلة، وهو ما يوضحه يونس قائلاً: “أكبر الصعوبات كانت الشعور بأن الحفظ صعب، وهو أمر شائع بين الناس؛ لكنني تعلمت أن التغلب على هذه العقبة يبدأ بتغيير طريقة التفكير، بالإضافة إلى البحث عن صحبة طيبة تعين على الحفظ والمراجعة”.
ويضيف: “الأسرة لها دور كبير في تسهيل الطريق. ساعدني والداي في تنظيم وقتي وتهيئة الأجواء المناسبة للحفظ، حيث وفرا لي بيئة محفزة ومريحة لمواصلة مشواري بتفانٍ وثبات”.
أثر القرآن في حياته
لم يكن القرآن الكريم مجرد نصوص يحفظها يونس، بل كان دليلًا لحياته اليومية. يقول: “غيّر القرآن طريقة تفكيري وتعاملي مع الناس؛ أصبحت أكثر هدوءًا ونضجًا، وعلاقاتي باتت مبنية على الاحترام والود. القرآن مصدر سكينة وتوازن في كل جانب من حياتي”.
التوازن بين الحفظ والمسؤوليات
وضع يونس جدولًا يوميًا يبدأ قبل صلاة الفجر وأحيانًا يستمر حتى بعد الشروق. يقول: “كنت أوازن بين حفظ القرآن ودراستي أو عملي بتنظيم أولوياتي. فعندما يكون وقتي ضيقًا، أركز على مراجعة المحفوظ القديم لتثبيته، وأقلل من كمية الحفظ الجديد”.
وأشار إلى أنه استغل أوقات الفراغ للمراجعة أثناء المشي أو السفر، مما ساعده على الحفاظ على مستوى ثابت من الحفظ.
القرآن وتحسين المهارات
يتحدث يونس عن تأثير القرآن الكريم على مهاراته الأخرى قائلاً: “القرآن ساعدني على تطوير مهارات التركيز والصبر. بفضل تكرار الآيات وتدبرها، أصبحت لغتي العربية أقوى وأكثر فصاحة، مما ساعدني أيضًا في تعلم لغات أجنبية مثل الفرنسية والإسبانية. الفهم العميق للغة العربية جعلني ألاحظ أوجه التشابه والاختلاف بين اللغات، مما سهّل عليّ تعلمها”.
دور التقنيات الحديثة
ساهمت التكنولوجيا في دعم رحلة يونس مع القرآن. استخدم تطبيقات أدوات التسميع الإلكترونية التي تختبر مواضع الحفظ بشكل عشوائي، مما عزز ثقته بحفظه. كما استعان بمواقع تقدم برامج لتصحيح التلاوة وإتقان النطق.
لحظة الفرح والمسؤولية
عندما أكمل يونس حفظ القرآن لأول مرة، كانت مشاعره مختلطة بين الفرح والإحساس بالمسؤولية. يقول: “شعرت بفرحة لا توصف، لكني أدركت أيضًا أنني أحمل أمانة عظيمة. المجتمع ينظر لحافظ القرآن كقدوة، مما يضع على عاتقي مسؤولية كبيرة في تمثيل القيم التي علمها لنا القرآن”.
تعليم الآخرين: نقل الأثر
يرى يونس أن حامل القرآن يجب أن يكون مصدر نور لمن حوله. يقول: “أعمل الآن على تعليم الآخرين من خلال تفعيل حلقات تحفيظ القرآن في المسجد، وأستخدم وسائل الاتصال المرئية للوصول إلى شريحة أكبر من المهتمين. أؤمن أن نشر القرآن وتعليمه هو أسمى ما يمكن أن يقدمه الإنسان”.
فتح أبواب جديدة
لم يفتح حفظ القرآن الكريم ليونس أبوابًا دينية فقط، بل اجتماعية ومهنية أيضًا. يقول: “بعد إتمام الحفظ، بدأت أُطلب لإمامة المصلين في صلاة التراويح، مما وسّع دائرة معارفي وخلق لي علاقات اجتماعية متنوعة”.
رسالة ختامية
يختم يونس حديثه قائلاً: “رسالتي لكل من يرغب في حفظ القرآن هي أن يستعين بالله، ويخلص النية، ويبتعد عن الملهيات. القرآن الكريم ليس مجرد نصوص تُحفظ، بل نور يضيء حياتك في الدنيا والآخرة”.
وعندما طلب منه تلخيص رحلته مع القرآن في جملة واحدة، أجاب: “القرآن لذته بالمداومة عليه تلاوة وحفظًا، فهو كنز لا ينتهي”.
يونس المجرفي، بتجربته وإنجازاته، يثبت أن القرآن الكريم ليس هدفًا فقط، بل طريق يفتح أبواب النجاح والسعادة في الدنيا والآخرة.