أثير-جميلة العبرية
في مسيرة كل من سعى إلى تحقيق هدفٍ كبير، تكمن لحظات من الشك، وأخرى من الأمل، تتوسطها محطات من الإصرار الذي لا يعرف التراجع، وطموح لا يرضى بأنصاف النجاحات.
تلك هي حكاية بطل الغوص الحر عمر بن عبدالله الغيلاني، الذي روى تجربته في مؤتمر أوشرم الثامن الذي انطلق اليوم الاثنين بلغة ملهمة، تفيض بالإرادة والتحدي.
”أثير “ كانت حاضرة وتسرد حديثه في السطور الآتية:
بدأ صاحب ٥٠ ميدالية حكايته في عام 2008م حين دخل عالم الغوص الحر كهواية، دون أن يعلم أن تلك البداية البسيطة ستقوده يومًا إلى قمم الإنجاز.
يحكي الغيلاني قائلًا: ”في عام 2011م شعرت بأن إمكانياتي تطورت، فقررت خوض أولى مشاركاتي في بطولة بدولة الإمارات حينها كانت البداية صعبة، وشاركت في أربع بطولات دون أن أحقق أي فوز، ولم يثنني ذلك عن الاستمرار.
وبعد ٤ سنوات من المشاركات دون تحقيق مراكز متقدمة في البطولة نفسها تأهل في عام 2015م إلى إحدى البطولات، لكنه حلّ في المركز العاشر، ولم يكن ذلك محبطًا له بقدر ما كان دافعًا لإعادة الحسابات، وفعلا، في العام التالي 2016م قرر تسخير كل إمكاناته لخوض تجربة مختلفة، ووجد نفسه – ولأول مرة – ينافس ضمن المراكز الثلاثة الأولى.
يتحدث عن تلك اللحظة التي سبقت الخروج إلى المشاركات الخارجية لتمثيل بلاده عالميًا فيقول: ”تساءلت حينها، هل هذه الخطوة صحيحة؟ خصوصًا أن هذا عالم جديد، ولم يعلم عن أحد سبقه في خوض التجربة، لكن هناك كانت مؤشرات بسيطة – واضحة – تشير إلى أن عليّ اتخاذ هذا القرار الصعب، خطوة ثقيلة لكن الطموح كان حافزي الأكبر“.
يضيف: التغيير الجذري حصل حين أصبحت كل خطوة في حياتي من أجل الغوص، وهذا التحول كان صعبًا للغاية.
لكن تلك التضحية آتت أُكلها؛ ففي عام 2018م شارك في أول بطولة خارجية له، وكانت النتيجة أنه حصل على المركز الأول.
يقول عمر: ”كنت أضع هدفًا كبيرًا وهو تحقيق رقم غير مسبوق، وفعلا، في عام 2020، أصبحت أعمق شخص في الغوص الحر، ثم جاء عام 2024 لأضيف لرصيدي إنجازًا جديدًا، بتحقيقي المركزين الأول والثاني في بطولة عالمية.
ويتحدث عن خصوصية بيئة الغوص قائلاً: ”هي بيئة صعبة ومختلفة، تحتاج إلى تكيف كامل بين الإنسان وجسده، وقدرته على الاستجابة لضغط الأعماق، فلم تخلُ رحلتي من الصعوبات، فقد مررت بإصابات وحوادث، لكني مؤمن أن كل سقوط هو دعوة للنهوض من جديد.
”هذا المستوى لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة 15 عامًا من الجهد والتدريب“، يقولها عمر بثقة، ويضيف: ”أؤمن بأن الإنسان يستطيع الوصول إلى المنصات، وعسى أن أكون سببًا في التغيير“.
ولأن لكل بطل داعم، يؤكد الغيلاني أن والده كان هو الداعم الأكبر في مجال الغوص، وبشكل مباشر، ويرى أن الطفولة تحمل سرًا كبيرًا في التعلم، ويقول: ”دائمًا نحاول إعادة تجربة تعلُّم المشي عند الصغر في تحقيق أهدافنا، فنسقط وننهض من جديد“.
أما عن خوف الأهل عليه، فيرى أنه يمكن تجاوزه بإشراك من نحبهم في تفاصيل الإنجاز، قائلاً: ”غيرت منظور أهلي عن الخوف بإدخالهم في باص الإنجاز معي“. واختتم الغيلاني عرضه بحكمة تلخّص رحلته كلها: ”لا يوجد شيء يمكن أن يجعلنا نتنازل عن أهدافنا“.