أثير - محمد العريمي
اختُتمت اليوم أعمال وفعاليات المؤتمر الدولي ”المتاحف ودورها في التنمية السياحية“ الذي احتضنه متحف عُمان عبر الزمان بولاية منح، بتنظيم من المتحف، وبالتعاون مع هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ووزارة التراث والسياحة، واستمر من 17 حتى 20 مايو الجاري.
وركّزت جلسات اليوم الثالث والأخير - التي حضرتها “أثير” - على محورَي الدور الثقافي والتعليمي للمتاحف، والتقنيات الرقمية في العرض المتحفي ودورها في السياحة، من خلال 15 ورقة عمل قدّمها عدد من الباحثين والأكاديميين، وتناولت المحاور الآتية:


أكدت الجلسات أهمية دعم التعاون بين خبراء التقنية والتاريخ والمتاحف، عبر دمج الشخصيات الرقمية في البرامج التعليمية والعروض المتحفية، واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الحالات التي يصعب فيها الاعتماد على مؤدّين بشريين.
كما طُرحت مبادرة لتشكيل فريق من الآثاريين العُمانيين والدوليين لتأسيس مفهوم “المتاحف الأثرية المفتوحة”، نظرًا لدورها الفاعل في تعزيز السياحة الثقافية، وشددت التوصيات على ضرورة توفير صيانة دورية للمعالم الأثرية، وترميم المقتنيات وفق أعلى المعايير الدولية، بالإضافة إلى إبراز متاحف المواقع الأثرية إعلامياً، وتفعيل تقنيات العالم الرقمي عبر منصات التواصل الاجتماعي.


وقال الدكتور هاشل بن عبيد المحروقي، الرئيس التنفيذي لمجموعة عمران، في تصريح خاص لـ ”أثير“ بأن المتاحف تُعد عنصرًا جوهريًا في جذب الزوار، مشيرًا إلى أنها تسهم بنسبة 40% من أسباب زيارة المدن والدول حول العالم، وأضاف أن السلطنة تمتلك فرصة ذهبية لاستثمار تراثها الثقافي الغني عبر المتاحف، للوصول إلى مستهدف 11 مليون زائر بحلول عام 2040 ضمن رؤية عُمان.

وأوضح المحروقي أن المتاحف ليست مباني تستهلك الميزانيات، بل أدوات فاعلة تعزز الاقتصاد الوطني من خلال تحفيز السياحة وتنمية فرص العمل.
وأشار إلى أن الاتفاقيات التي تم توقيعها مؤخرًا تجسّد تكامل التجارب الثقافية مع أنماط سياحية متنوعة، كالمغامرات، والتاريخ، والدين، مما يعزز جاذبية الوجهات العُمانية.
وفي ختام تصريحه، أعلن التوجه نحو تطوير متحف رأس الجنز، حيث تم طرح المناقصة رسميًا، مؤكدًا ضرورة مواكبة التحولات العالمية في أساليب العرض المتحفي، بما يجعل التجربة تفاعلية وتعليمية في آنٍ واحد.
من جانبه، أكد الدكتور محمد أبو الفتوح، المختص في علوم الآثار، أن استخدام الليزر في تنظيف القطع الأثرية يُعد من أبرز الابتكارات في مجال الحفظ والصيانة، مشيرًا إلى أن هذه التقنية ما تزال قيد الاستخدام المحدود، وتخضع لاعتبارات دقيقة وفقًا لطبيعة القطعة الأثرية ودرجة تلفها ومادتها الأصلية.
كما تم خلال الجلسات استعراض “الدليل العُماني”، وهو تطبيق ذكي أطلقه فريق من الأكاديميين الجزائريين المتخصصين في الذكاء الاصطناعي، صُمّم خصيصًا لزوار سلطنة عُمان، بهدف إثراء تجربتهم السياحية والتراثية.
وأوضح الدكتور وليد لعياضي، أحد المساهمين في تطوير التطبيق، أن المشروع يعتمد على خوارزميات ذكية تقدم تجربة مخصصة لكل زائر، مع الأخذ في الاعتبار اهتماماته، وموقعه الجغرافي، والوقت المتاح لديه.
وشهد المؤتمر على هامشه ورشتين عمليتين من أصل ست ورش أقيمت على مدار ثلاثة أيام، حيث ركزت ورشتا اليوم الأخير على المبادئ الأخلاقية في العمل المتحفي، استنادًا إلى مدونة أخلاقيات المجلس الدولي للمتاحف (ICOM)، إلى جانب تفعيل الشراكات لحماية التراث غير المادي وتنشيط السياحة الريفية بين المتاحف والمجتمعات المحلية.


وخرج المؤتمر بـ 12 توصية موزعة على 4 محاور:
محور المؤسسات المتحفية والتراثية
1. تعزيز الإدارة المتكاملة للتراث الثقافي من خلال التوثيق الرقمي، والرواية الشفهية، والشراكات المؤسسية، لترسيخ المتحف كذاكرة حية ومحرك للتنمية المستدامة.
2. تفعيل البرامج المتحفية متعددة اللغات والوسائط لتوسيع المشاركة في المسارات السياحية.
3. دمج المتاحف ضمن السياسات السياحية عبر نماذج مبتكرة (كمتاحف المواقع والمتحف غير المادي) لتعزيز الاقتصاد المجتمعي.
محور الاقتصاد والسياحة المتحفية
1. ترسيخ دور المتاحف في التخطيط الحضري والسياحي باعتبارها مراكز إبداعية تعليمية وتجريبية.
2. تطوير متاحف ذكية عبر ريادة الأعمال الثقافية والتحول الرقمي لدعم الدخل المستدام والتنويع الاقتصادي.
3. تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمجتمع من خلال نماذج حوكمة تشاركية لرفع كفاءة الاستثمار المتحفي.
محور الدور الثقافي والتعليمي للمتاحف
1. تحويل المتحف إلى مساحة تعليمية تفاعلية تُعزز المواطنة الثقافية وتتكامل مع المناهج الدراسية.
2. دعم المتاحف المتنقلة والعلمية كوسيلة تعليمية في المجتمعات المهمشة ومتعددة الثقافات.
3. بناء شراكات بين المتاحف والمؤسسات التعليمية لإنتاج محتوى ثقافي نوعي وبناء القدرات الفنية.
محور التقنيات الرقمية في العرض المتحفي ودورها السياحي
1. تبني إستراتيجيات رقمية شاملة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعميق تجربة الزائر وتعزيز التأثير الثقافي.
2. توظيف أدوات التوثيق غير المتلفة مثل التصوير متعدد الأطياف والنمذجة الرقمية لصون المجموعات.
3. دمج السرد الرقمي والتفاعلي لتسويق المتاحف وتحويل الشخصيات التاريخية إلى رموز رقمية موجهة لجمهور الأجيال الجديدة عالميًا.
في ختام المؤتمر، تم تكريم المشاركين بأوراق العمل، والمشاركين واللجان.
وكان المؤتمر قد ناقش خلال يوميه الأول والثاني 27 ورقة عمل، إضافة إلى أربع ورش عمل تناولت موضوعات مثل التسويق السياحي للمتاحف الخاصة عبر الوسائط الرقمية، واستخدام التقنيات الحديثة لحماية الآثار، وبناء الشراكات بين المتاحف الخاصة والمؤسسات السياحية، وتوظيف الشخصيات التاريخية التفاعلية.
- منها أفاتار بهوية عُمانية والسياحة المتحفية: أبرز ما جاء في اليوم الثاني من المؤتمر الدولي للمتاحف
يذكر أن أعمال المؤتمر انطلقت في 17 مايو الجاري، واستمرت على مدى 3 أيام في ولاية منح، وشهدت تقديم 42 ورقة عمل، موزعة على أربعة محاور رئيسية: المؤسسات المتحفية والتراثية، الاقتصاد والسياحة المتحفية، الدور الثقافي والتعليمي، والتقنيات الرقمية في العرض المتحفي ودورها السياحي.
كما صاحب الفعاليات معرض للملصقات البحثية والتعريفية، إضافة إلى 6 ورش تدريبية تخصصية قدمها خبراء من داخل سلطنة عُمان وخارجها، واستهدفت العاملين في قطاع المتاحف.
ويهدف المؤتمر إلى إبراز دور المتاحف والمواقع الأثرية في دعم التنمية السياحية، ونشر الوعي المجتمعي بأهمية المتاحف، وتفعيل التعاون بين المتاحف العُمانية ونظيراتها في العالم العربي والدولي، إلى جانب إبراز الجوانب الحضارية لعُمان، وتوظيف التقنيات الرقمية في العرض والترويج المتحفي، وتسويق السلطنة كوجهة ثقافية رائدة، مع التركيز على واقع ومستقبل السياحة الأثرية والتعليمية.