أخبار

لماذا يسعى الاحتلال إلى تدمير منشأة ”فوردو“ الإيرانية؟

منشأة ”فوردو“ النووية

رصد – أثير

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية الناتجة عن الهجمات الاستباقية التي نفّذها الاحتلال الإسرائيلي ضد إيران، عادت منشأة ”فوردو“ النووية إلى صدارة المشهد، بعدما استُهدفت في يونيو 2025م ضمن هجوم جوي واسع شنّه الاحتلال على عدد من المواقع النووية والعسكرية داخل الأراضي الإيرانية.

وتُعد منشأة ”فوردو“، المحصّنة داخل الجبال والمحمية بأنظمة دفاع جوي متقدمة، تحديًا حقيقيًا أمام أي هجوم جوي تقليدي. لهذا السبب، يُعوّل الاحتلال الإسرائيلي بشكل كبير على دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة عسكريًا.

أين تقع ”فوردو“؟ ولماذا يصعب استهدافها؟

تقع منشأة فوردو على بُعد نحو 95 كيلومترًا جنوب غرب العاصمة طهران، داخل مجمع أنفاق محفور في أحد جبال محافظة قُم، على عمق يُقدّر بنحو 800 متر تحت سطح الأرض. وقد شُيّدت في موقع عسكري تابع للحرس الثوري الإيراني، ما يمنحها حصانة إضافية.

هذا الموقع الجيولوجي المعقد، إلى جانب أنظمة الدفاع الجوي المتطورة، يجعل من استهداف المنشأة عملية بالغة الصعوبة، وتتطلب قدرات استخباراتية وتقنية متقدمة، لا تتوفر عادة دون دعم من قوى دولية كبرى مثل الولايات المتحدة.

لماذا اختارت إيران هذا الموقع المحصّن؟

بحسب الرواية الرسمية الإيرانية، فإن بناء المنشأة داخل جبل يأتي في إطار تدابير الحماية من أي تهديد عسكري محتمل، وليس بهدف إخفاء الأنشطة النووية، لا سيما وأن فوردو تخضع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ إنشائها.

ما أهمية ”فوردو“ في المشروع النووي الإيراني؟

تُعد فوردو ثاني أهم منشأة نووية في إيران، وتُستخدم في تخصيب اليورانيوم بدرجات نقاء مرتفعة تقترب من المستوى المستخدم عسكريًا. وتشير بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن المنشأة تضم نحو 3 آلاف جهاز طرد مركزي من طراز (IR-1)، موزعة على قاعتين، صُمّمتا لاستيعاب 16 سلسلة تشغيلية.

هذا يجعل ”فوردو“ بمثابة العمود الفقري لأي خطة مستقبلية قد تهدف إلى إنتاج سلاح نووي، في حال قررت طهران المضي في هذا المسار.

ما طبيعة التخصيب الذي يجري داخل المنشأة؟

تعمل فوردو حاليًا على تخصيب اليورانيوم حتى نسبة 60%، وهي درجة تُستخدم في التطبيقات المدنية عالية الكفاءة، مثل إنتاج النظائر الطبية والطاقة النووية. وتؤكد طهران أن هذه الأنشطة قانونية وتتم ضمن السيادة الوطنية، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 2018.

كيف تحوّل الموقع العسكري إلى منشأة نووية؟

قبل أن تتحول إلى منشأة نووية، كان موقع ”فوردو“ عبارة عن مجمع أنفاق تابع للحرس الثوري الإيراني. وفي مرحلة لاحقة، وُضع تحت إشراف منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، وتم تطويره ليصبح منشأة متخصصة في تركيب وتشغيل أجهزة الطرد المركزي، ضمن ما يُعتقد أنه جزء من مشروع سري يُعرف باسم ”خطة عماد“.

ما المراحل التي مرّت بها المنشأة؟

في ديسمبر 2011، بدأت إيران رسميًا تشغيل المنشأة وشرعت في عمليات تخصيب اليورانيوم، كما منحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية حق الوصول الكامل إلى الموقع. وأكدت تقارير الوكالة لعامي 2011 و2012 أن نتائج عمليات التفتيش كانت إيجابية، وأظهرت أن المنشأة تتوافق مع التصميم الذي قدّمته إيران، دون وجود مؤشرات على تحويل المواد النووية لأغراض عسكرية.

وفي نوفمبر 2013، توصّلت إيران ومجموعة الدول الست إلى اتفاق عُرف باسم ”خطة العمل المشتركة“، التزمت إيران بموجبه بعدم تخصيب اليورانيوم في المنشأة بنسبة تتجاوز 5% لمدة 6 أشهر. وفي عام 2014، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية امتثال طهران الكامل للتدابير المنصوص عليها في الاتفاق.

وفي صيف عام 2015، تم توقيع الاتفاق النووي الشامل المعروف بـ”خطة العمل الشاملة المشتركة”، والذي وافقت إيران بموجبه على وقف أنشطة تخصيب الوقود في فوردو لمدة 15 عامًا، باستثناء إنتاج كميات محدودة من النظائر المستقرة. وتمّت إعادة هيكلة المنشأة وتحويلها إلى مركز أبحاث خاضع لإشراف الوكالة.

وقد دخل الاتفاق حيّز التنفيذ في أكتوبر 2015، وفي عام 2017 أكدت الوكالة التزام إيران الكامل ببنوده. إلا أن الانسحاب الأميركي من الاتفاق في 8 مايو 2018، الذي أعلنه الرئيس دونالد ترامب، أعاد فرض العقوبات على طهران، ما دفعها إلى استئناف أنشطتها النووية تدريجيًا، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم في فوردو.

مصدر المعلومات: الجزيرة

مصدر الصورة: التلفزيون العربي

Your Page Title