الأولى

أحمد الحارثي يكتب: الطموح يتقدم.. لكن الأرض ما تزال رخوة

كرة القدم

أثير - أحمد الحارثي

بينما أعلن الاتحاد العماني لكرة القدم عن قراره برفع عدد أندية دوري النخبة إلى 14 ناديا بدءا من الموسم الرياضي 2025–2026، انقسمت الساحة الكروية بين من يرى في الخطوة إعلانا عن نية التقدم، ومن يتوجس من أن تكون الأرض التي ستُبنى عليها الخطوة، لم تُمهد بعد.

فالقرارات لا تُقاس بما تعلنه من نوايا فقط، بل بمدى توافقها مع شروط الزمان، واستعداد المكان. والنية الطيبة لا تُغني عن البنية الصلبة. وبين الرغبة في التطوير، وواقع تتعثر فيه الأندية، تتشكل معضلة لا يحلها التصور وحده، بل التنفيذ الواعي بأعماق الواقع.

من جهة، لا شك أن توسيع رقعة التنافس يفتح نوافذ جديدة أمام اللاعبين والمواهب، ويعيد توزيع الضوء على خارطة الأندية. لكن، ما لم تتغير قواعد البيئة الحاضنة، فإن الاتساع الكمي قد يتحول إلى عبء نوعي. فالتطور لا يُقاس بعدد المشاركين، بل بجودة التجربة، واستدامة النمو.

وفيما عبّر مجلس الإدارة الجديد عن قناعته بأن الزيادة تخدم كرة القدم العمانية، كانت المفارقة أن ردة الفعل جاءت عكسية، 25 ناديا تعلن تجميد نشاطها. ليس عن موقف شخصي أو تنافسي، بل لأن سؤال الاستمرارية بات يسبق حتى فكرة المشاركة.

إن الأزمة التي تواجه الأندية —خاصة في الدرجتين الأولى والثانية— ليست أزمة قرار مفاجئ، بل تراكم أوجاع قديمة. دعم لا يكفي، موارد محدودة، حوكمة غائبة، وغياب إستراتيجيات استثمار حقيقية. في ظل ذلك، لم تكن ردة الفعل سوى صرخة تقول إن الجسم لم يعد قادرا على تلقي جرعة أكبر من ما يحتمله.

الإعلام، الاستثمار، التسويق، حتى البنية التحتية لبعض الاندية، كلها حلقات في سلسلة لم تُشد بعد. والتغطية الإعلامية مهما حسُنت نواياها، لا تستطيع أن تخلق واقعا غير موجود، حين تكون هي نفسها محكومة بإمكانات شحيحة.

فالمعضلة هنا ليست في نُبل الطموح، بل في مدى جهوزية الواقع لاستيعابه. البنية الإدارية للأندية ما تزال مترهلة، والاستدامة المالية حلم أكثر من انها خطة، والموارد تُدار في أغلبها بمنطق الترقيع لا التأسيس. أما المنظومة الكروية الأشمل، فبحاجة إلى إعادة بناء تضمن أن التوسعة لا تصبح اكثر اتساعاً في الهشاشة.

وهنا، لا يكفي السؤال عن الخطوة القادمة، بل عن الأرض التي تقف عليها هذه الخطوة. هل هناك من يملك الخطة؟ من يعيد ترتيب الأولويات قبل أن تتزاحم الأعباء فوق طموحات لم تجد بعد موطئ قدم؟ فهل نمتلك ما يكفي من الرؤية لنعرف أن بعض الأحلام تحتاج أن تُزرع في تربة أصلب؟

Your Page Title