أثير - ريما الشيخ
تسببت الإبادة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في غزة منذ أكثر من 20 شهرًا في ظهور عدد من حملات التبرع على وسائل التواصل الاجتماعي، بعضها يُنشر من حسابات شخصية أو أرقام غير موثوقة المصدر.
”أثير“ نقلت تساؤلات حول طبيعة هذه الحملات إلى حمود بن مرداد الشبيبي المتحدث الرسمي باسم وزارة التنمية الاجتماعية، لتوضيح كيفية التعامل مع الحملات غير المرخصة، وآليات الرقابة، ودور المؤسسات الرسمية في حفظ مسار العمل الخيري.
أكد الشبيبي لـ”أثير“ بأن الوزارة قد تلقت عددًا من البلاغات بشأن حملات غير مرخصة لجمع التبرعات، إلى جانب رصدها لعدد من الحملات المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتم تسجيل 5 جمعيات ومؤسسات خيرية من خارج سلطنة عمان، و 36 شخصًا لقيامهم بجمع المال من المواطنين لصالح أهالي قطاع غزة وذلك خلال الفترة من يناير 2024م وحتى 10 يوليو من عام 2025م، وبعد التحقق من عدم وجود أي تراخيص رسمية لهذه الحملات، باشرت الوزارة باتخاذ الإجراءات القانونية المنصوص عليها في اللائحة التنظيمية لتراخيص جمع المال من الجمهور، والتي تضمنت استدعاء القائمين على هذه الحملات لمن يوجد بداخل سلطنة عمان وتوعيتهم بالإجراءات القانونية الصحيحة والتحفظ على الأموال المرصودة. كما يتم التنسيق بشكل مستمر مع الهيئة العمانية للأعمال الخيرية بهدف تنظيم جهود جمع التبرعات والحد من المبادرات غير المرخصة.
حملات التبرعات غير المرخصة
أوضح الشبيبي بأن وزارة التنمية الاجتماعية تُعنى بتنظيم عملية جمع المال من الجمهور وفق ما نصّت عليه اللائحة التنظيمية لتراخيص جمع المال من الجمهور، والصادرة بالقرار الوزاري رقم (336/2024)؛ حيث يعد جمع المال من الجمهور لأي غرض كان مخالفا للقانون ما لم يتم الحصول على تصريح بذلك من قبل الوزارة، فقد نصت المادة السادسة من اللائحة على أنه ”يحظر على الأشخاص الطبيعيين جمع المال من الجمهور أو الإعلان عن جمع المال لأي هدف وبأي وسيلة من وسائل جمع المال“؛ عليه فإن جمع التبرعات للحالات الإغاثية بخارج سلطنة عمان أو بداخلها لا يجوز دون الحصول على التراخيص الرسمية من الوزارة، وتتعامل الوزارة مع الطلبات الواردة لغرض جمع مال من الجمهور لدعم وتقديم المساعدات الخارجية بالتنسيق مع الهيئة العمانية للأعمال الخيرية.
وأكد الشبيبي لـ ”أثير“ بأن الإجراءات المتبعة للتعامل مع حملات جمع المال غير المرخصة، لا تهدف إلى الحد من فعل الخير والتبرع للحالات المحتاجة، وإنما تهدف إلى ضمان وصول التبرعات إلى مستحقيها عبر القنوات الرسمية والموثوقة المعتمدة داخل سلطنة عُمان:
أولاً: استدعاء الجهة أو الشخص جامع المال وتعريفه بالإجراءات القانونية المتبعة، والتعرف إلى الأسباب التي دعته للقيام بجمع المال.
ثانياً: التنسيق مع البنوك في سلطنة عمان، وإذا ثبت وجود أموال خلال فترة جمع المال يتم مصادرتها وإحالتها للفريق التطوعي أو الجمعية الخيرية في الولاية التي توجد بها الحالة.
ثالثاً: توقيع من قام بجمع المال (إقرار وتعهد) بعدم تكرار عملية جمع المال بدون الحصول على ترخيص، وفي حال عدم تجاوب الشخص مع الإجراءات، يتم إحالته إلى الادعاء العام لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
كما أوضح بأنه إذا كانت حملات جمع المال من الجمهور تتم للمساعدات الخارجية وثبت وجود الشخص أو الجهة بداخل سلطنة عمان فإنها تسلك المسار ذاته، مع مصادرة المال الذي تم جمعه خلال تلك الفترة وإحالته إلى الهيئة العمانية للأعمال الخيرية وتوقيع الشخص تعهدا بعدم التكرار، وفي حال عدم التجاوب مع الإجراءات يتم إحالته إلى الجرائم الإلكترونية.
وأشار خلال حديثه لـ ”أثير“ إلى أن الوزارة تبذل جهدًا كبيرًا في تنظيم عملية جمع المال من الجمهور من خلال عضويتها في اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك عبر وضع الضوابط والإجراءات التي تضمن شفافية جمع التبرعات وسلامة مصادرها، وتعزيز الرقابة على الجهات المصرح لها بجمع الأموال، مثل الفرق التطوعية والجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية، وذلك لضمان عدم استغلالها في تمويل أنشطة مشبوهة وغير مشروعة. كما تعمل على التنسيق مع الجهات المختصة لضمان الالتزام بالقوانين ومكافحة أي ممارسات قد تسهم في غسل الأموال أو تمويل الإرهاب؛ ما يعكس ذلك يعكس التزام الوزارة بدعم بيئة شفافة وآمنة لتمويل الأنشطة الخيرية والإنسانية.
تصاريح الوزارة للحملات الإعلانية المتداولة على مواقع التواصل
أكد حمود خلال حديثه لـ ”أثير“ بأن وزارة التنمية الاجتماعية تمنح التراخيص فقط للجهات التي حددتها اللائحة التنظيمية لجمع المال من الجمهور بداخل سلطنة عُمان، وهذه الجهات تشمل الجمعيات والفرق التطوعية المرخصة رسميًا في سلطنة عمان والتي يمكن الوصول إليها من خلال ”منصة جود“. أما الجمعيات والمؤسسات الخارجية وغير المسجلة بسلطنة عمان، فإن الوزارة لا تمنحها أي تراخيص لجمع المال.
أما فيما يتعلق بالمساعدات الخارجية، أكد الشبيبي بأن الهيئة العمانية للأعمال الخيرية هي الجهة الرسمية المعنية بتقديم المساعدات وجمع المال للحالات الإغاثية بالخارج.
طرق التحقق من الجهات المصرح لها بجمع التبرعات
أكد الشبيبي بأنه يمكن التحقق من مصداقية الجهات الجامعة للتبرعات عبر عدة طرق:
- أولها بأن عملية جمع التبرعات لخارج سلطنة عمان تتم فقط من خلال الهيئة العمانية للأعمال الخيرية.
- جمع المال من الجمهور داخل سلطنة عُمان بغرض التبرع بها للحالات بداخل سلطنة عُمان يتم من خلال منصة جود ”www.jood.om“ التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية وهي منصة رقمية رسمية ، تُعنى باستقبال التبرعات وتقديم المساعدات النقـدية لمستـحـقيها، وتضم المـنصة تحـت مظلتـها كافـة الجمعيات والفرق الخـيرية التطوعية في سلطنة عُمان المرخص لها بجمع المال، وذلك بهدف ضمان إيصال تبرعاتهم لمستحقيها بكل ثقة وأمان عبر قنوات الدفع الآمنة، مما يسهم ذلك في التحقق من قانونية ومشروعية أي حملات لجمع المال من الجمهور.
كما تتيح المنصة للأفراد والمؤسسات إمكانـية التبرع رقميًا بسهولة ويسر، مع إمكانيه الاطلاع على كافة الحملات الإغاثية التي يتم إنشاؤها من قبل الفرق التطوعية والجمعيات والمؤسسات الخيرية.
آلية رصد الحملات الفردية والحسابات غير الرسمية
تُشرف وزارة التنمية الاجتماعية على متابعة حملات جمع التبرعات، وفي حال رصد أي حملة لجمع المال موجهة إلى خارج سلطنة عُمان دون الحصول على الترخيص الرسمي، تبادر الوزارة إلى التدخل الفوري عبر استدعاء الجهة أو الشخص المعني داخل سلطنة عُمان، وتعريفه بالإجراءات القانونية المتبعة، مع التأكيد على أن ما يقوم به يُعد مخالفة تستوجب الحصول على ترخيص من الجهات المختصة. كما يتم التنسيق مع شرطة عُمان السلطانية للتحقق من الحسابات المستخدمة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط مثل هذه الممارسات المخالفة للقوانين واللوائح وضمان عدم تكرارها.
التنسيق مع الأطراف المعنية
وقال حمود الشبيبي في ختام حديثه لـ ”أثير“ بأن الوزارة تُنسق بشكل مستمر مع الجهات المعنية، وبشكل خاص مع المركز الوطني للمعلومات المالية التابع لشرطة عُمان السلطانية والبنك المركزي العماني، للتحري عن أي حسابات مشبوهة أو أنشطة غير قانونية مرتبطة بجمع الأموال. ويتم اتخاذ الإجراءات المناسبة بالتعاون مع الجهات المختصة، بما يضمن التعامل الآمن والسليم مع مثل هذه الحالات، ويعزز من جهود الرقابة والتنظيم في هذا المجال.