أثير- تاريخ عمان
إعداد: د. محمد بن حمد العريمي
حظيت سلطنة عمان نظرًا لموقعها المهم، وتاريخها الحضاري العريق، والأحداث السياسية والاقتصادية المختلفة التي ارتبطت بها، باهتمام العديد من الكتّاب، والرحّالة وأرباب الصحافة العرب والأجانب.
ومع ظهور بواكير الصحافة الحديثة لم تغب عُمان عن أخبار الصحف والمجلات، ولعلّ المُطالِع للأراشيف الصحفيّة العالمية يجد أن أخبار عمان لها حضورٌ دائم بين جنبات أوراق تلك الصحف ومانشيتاتها (عناوينها) العريضة، ولعل من الصعوبة تتبع تلك الأخبار ورصدها وتحليلها، ذلك أن هذا الأمر بحاجة إلى مساحة بحثية تتجاوز التقارير الصحفية لتصل إلى المجلدات الكاملة.
“أثير” انتقت في هذا التقرير بعضًا من الأخبار الخاصة بعمان التي نُشِرت في عددٍ من الصحف، خلال شهر يوليو في عددٍ من السنوات المختلفة وبالأخص خلال فترة منتصف القرن العشرين وما قبلها.
في عددها الصادر يوم الأربعاء 29 يوليو 1931م تطالعنا جريدة (الشورى) بمجموعةٍ من الأخبار حول عمان من بينها: سفر السيد سعيد بن تيمور ولي العهد وقتها إلى كراتشي من أجل الالتقاء بوالده السلطان تيمور، وقد رافقه سكرتير السلطان السيد أحمد بن محمد الشبيلي، وكذلك خبرًا عن عدم رضا السيد حمد بن فيصل والي صحار السابق عن نقله واليًا على مطرح، وإنشاء (النادي الحر السعيدي) في مسقط والذي كان يتكون من عدد من أفراد الأسرة الحاكمة، وخبرا رابعا عن رغبة الأساتذة الفلسطينيين في تأسيس نادي أدبي وفرقة كشفية، وذلك بعد عودتهم من الإجازة الصيفية.

وعند اطلاعنا على بعض أعداد جريدة (الجامعة العربية) التي كانت تصدر من القدس يطالَعَنا مقال منشور في أربعة أعمدة موزعة على صفحتين في عدد يوليو 1931م، يحمل عنوان (سلطنة مسقط وعمان واكتشاف الربع الخالي) بقلم (أحد الفضلاء المطّلعين)، ويتناول رحلات وزير المالية في مجلس الوزراء العماني وقتها، والرحّالة المعروف برترام توماس، في الصحراء العمانية ووصوله إلى الربع الخالي.
وعلى الرغم من المقال ذيّل بكلمة (مطّلع)، إلا أن المتابع للأحداث وقتها، يكاد يدرك أن صاحب المقال هو الأستاذ إسماعيل بن خليل الرصاصي مدير المدرسة السلطانية الأولى وقتها.

وحمل عدد جريدة (الشباب) - التي كانت تصدر في القاهرة بعد إيقاف السلطات لجريدتي الشورى ثم العَلَم المصري لصاحبهما الصحفي محمد بن علي الطاهر- في 2 يوليو 1937م عددًا من الأخبار عن عمان في إطار متابعة الطاهر المستمرة لأخبار عمان وعلاقته بعددٍ من الشخصيات الفكرية فيها، ومن بين تلك الأخبار: خبر عن رحلة السلطان سعيد إلى ظفار، وخبر آخر عن مجموعة من التنظيمات البلدية والعمرانية والاقتصادية التي أمر بها السلطان أثناء وجوده في ظفار، وخبر عن وصول السلطان سعيد إلى مسقط عائدًا من ظفار والاحتفالات التي أقيمت لاستقباله، وخبر عن إنشاء مدرسة جديدة في ظفار (المدرسة السعيدية) ووضع السلطان لحجر الأساس الخاص بها، والتفكير في إنشاء مدرستين أخريين في كلٍ من مطرح وجوادر، وخبر آخر عن تأسيس دائرة خاصة بالأوقاف، وتفكير السلطان سعيد في تأسيس مدرسة دينية لتدريس الشؤون الشرعية على اختلاف أنواعها، وخبر عن الاعتناء بمباني المحاكم وترميمها ومن بينها المحكمة العدلية التي افتتح مبناها خلال ذلك العام بحضور السيد شهاب بن فيصل ناظر الشؤون الخارجية، واهتمام الحكومة بالتنقيب عن المعادن ومن بينها النفط، والرغبة في إيصال الخدمة الكهربائية إلى جميع أرجاء مدينتي مسقط ومطرح، واختتمت الجريدة أخبارها عن عمان بخبر عن رحلة السلطان سعيد بن تيمور إلى عدد من الأقطار العربية والعالمية، وإرسال بعثة علمية إلى بغداد تتكون من عدد من الطلاب من بينهم أخوه السيد فهر بن تيمور.

وأوردت جريدة (الشباب) خبرًا في عددها الصادر يوم 27 يوليو 1938م، عن وصول السلطان سعيد خلال بضعة أيام إلى مسقط عائدًا من رحلته الكبرى إلى أمريكا وأوروبا، وهي الرحلة الطويلة التي زار خلالها السلطان عددًا من الدول من بينها الهند، واليابان، والولايات المتحدة، ومصر، وعدد من دول أوروبا، رافقه خلالها كلٌ من السيد هلال بن بدر البوسعيدي سكرتير السلطان وقتها، والسيد عبد المنعم بن يوسف الزواوي.

أما جريدة الفلق التي كانت تصدر في زنجبار وتناوب على رئاسة تحريرها والكتابة فيها عدد من الشخصيات الفكرية البارزة، فقد أوردت العديد من الأخبار الثابتة عن عمان في أعدادها المختلفة، ومن بينها خبران في عددها الصادر بتاريخ 3 يوليو 1939م، يتناول الأول الحركة الإصلاحية التي يجريها السلطان سعيد بن تيمور في مختلف المجالات ومن بينها تعيين الشيخ ناصر بن راشد الخروصي قاضيًا في السويق، وخبر آخر عن جهود الأميرين عيسى بن صالح الحارثي وسليمان بن حمير الهنائي في تهدئة الاضطرابات الحاصلة داخل عمان وإقناع الإمام بالتهدئة في بعض القضايا القبلية.

وفي عددها بتاريخ 29 يوليو 1939م أشارت جريدة (الفلق) إلى عددٍ من الأخبار عن عمان من بينها استعفاء الزعيم سليمان الباروني عن وظيفته لأنه أعلن سابقًا بأنه مستشار لحكومة مسقط ثم أصبح رئيسًا لإدارة الأوقاف، وأنه مقيم الآن بصحبة عائلته في بيت ملحق بإحدى حدائق السلطان في مدينة السيب.
كما أشارت الجريدة إلى أن حكومة مسقط أعلنت أنه لا يباح لأحد دخول زنجبار بأي سلاح أبيض إلا بعد أخذ الإذن من رئيس الشرطة. كما أنه لا يباح بحمل أكثر من واحد من كل جنس.
وذكرت الجريدة أن السلطان قد عيّن والي الإمام السابق على إزكي الشيخ سيف بن حمد الأغبري، قاضيًا في مسقط، وأن لعظمة السلطان عزمًا في تأليف وزارة، وأنه قد ألغيت الامتيازات السابقة التي كانت لرعايا بريطانيا العظمى وذلك بعد إلغاء المحكمة العدلية.

ونقلت جريدة (النهضة) التي كانت تصدر في زنجبار وتولى رئاسة تحريرها السيد سيف بن حمود بن فيصل، خبرًا عن بعض المصادر في عددها بتاريخ 5 يوليو 1951م يشير إلى حالة الخصب التي عمّت عمان خلال ذلك العام من جرّاء هطول الأمطار وسيلان الأودية، ونشاط حركة الأفلاج. غير أن الجريدة أوردت أن الغلاء في التمر كبير، وأن الجراب الواحد من تمر الفرض قد وصل سعره (22) ريالًا، وارتفاع أسعار البن، وبلغ صرف المائة ريال عن (295) روبية.

وفي عددها بتاريخ الأول من يوليو 1954م أوردت جريدة (النهضة) خبرًا عن تولية الشيخ غالب بن علي الهنائي الإمامة بعد وفاة الإمام السابق محمد بن عبدالله الخليلي. كما أشارت إلى تأثر شرقية عمان بأمطار غزيرة خلال شهريّ رمضان وشوّال، وسالت على إثرها الأودية، وأن حركة طناء النخيل قد بدأت من ظهور القيض في أواخر رمضان، حيث وصل طناء أجود التمور حوالي (16) قرش للنخلة الواحدة، وأن أسعار القهوة (البن) قد تحركت حيث وصل سعر المن الواحد عن 15-18 قرشا، وبلغ سعر صرف المائة ريال حوالي 345-349 روبية.

وفي عددها الصادر بتاريخ 15 يوليو 1954م ذكرت جريدة (النهضة) أن الأخبار تفيد بانتشار المحل بالرستاق والمعاول ونواحيها، وأنه وقع بنزوى وأطرافها جراد ولم يُذكر عنه تأثير، وأنه بأواسط شهر شوّال أصابها مطر، وأن أسعار طناء النخل قد وصلت إلى مستويات عليا من الارتفاع.
كما أشارت الجريدة إلى أن الإمام الجديد قد حكم برد بيع الأموال (بيت مال المسلمين) التي ابتيعت زمن الإمام الخليلي من سنة 1370هـ، وأن الشيخ سليمان بن حمير قد وافقه على ذلك، وأنه قد أعان خزينة بيت مال المسلمين بمبلغ عشرين ألف ريال، وأن الإمام سيتوجه إلى سمائل لبعض المصالح.

وأشارت جريدة (النهضة) في عددها الصادر بتاريخ 29 يوليو 1954م إلى خبر وفاة الشيخ علي بن هلال بن زاهر الهنائي والد الإمام غالب بن علي، وكان قد تولى للإمام الخليلي عددًا من الولايات من بينها الرستاق، وله أدوار سياسية عديدة من بينها دوره في قيام الإمامة عام 1913م ومساندته لها وقيادته لبعض الجيوش والسرايا خلال مرحلة توسيع النفوذ.

وخلال الفترة من الثالث من يوليو وحتى السادس من أغسطس عام 1955م قام السلطان سعيد بن تيمور بزيارة إلى بريطانيا وذلك بغرض تلقي العناية الطبية، والتعرف إلى الأوضاع المختلفة في بريطانيا، والسياحة، وقد رافقه خلال الزيارة الوالي إسماعيل بن خليل الرصاصي واثنان من الخدم، حيث وصل إلى تيلبري على متن السفينة أركيديا يوم الأحد الثالث من يوليو.
وقد قام العديد من الصحف البريطانية الصادرة وقتها بتغطية هذه الزيارة وتتبع جولات السلطان وزياراته المختلفة بناءً على جدول الزيارة المعد له:
