أثير- تاريخ عمان
إعداد: د. محمد بن حمد العريمي
لعل العديد من أبناء جيل السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين يحملون كثيرًا من الذكريات الجميلة تجاه عددٍ من المزارات والمتنزهات التي كانت بالنسبة لهم بمثابة عالمٍ رائع من الألعاب والترفيه في وقتٍ لم تكن ألعاب الفيديو الحديثة، واليوتيوب، ومواقع التواصل الاجتماعي قد عرفت طريقها إلى أذهانهم بعد، ولعل من بين أسماء تلك المتنزهات التي ما تزال خالدة في ذاكرة كثيرٍ من أبناء ذلك الجيل: حديقة ريام، والوادي الكبير، والخوض، والنسيم.
“أثير” تقترب في هذا التقرير من إحدى تلك المتنزهات ألا وهي حديقة النسيم العامة في بركاء، وذلك اعتمادًا على تقرير كان قد أعدّه الصحفي عبدالله حسن لجريدة عمان في الأسبوع الذي صادف افتتاح الحديقة فيه، إضافةً إلى كتاب “ملامح عمانية” للصحفي المصري يوسف الشاروني.
افتتاح الحديقة
حديقة النسيم، الواقعة في ولاية بركاء بسلطنة عمان افتتحت في عام 1985م. كانت الحديقة في الأصل موقعًا زراعيًا، لكن تم تطويرها لتصبح متنزهًا عامًا يضم مرافق ترفيهية وخدمات متنوعة.
تم افتتاح المرحلة الأولى من مشروع حديقة النسيم العامة بولاية بركاء، يوم السبت الموافق 16 نوفمبر 1985م تحت رعاية السيد سلطان بن حمد بن فيصل آل سعيد وكيل وزارة شؤون الديوان السلطاني وقتها، وذلك في إطار احتفالات البلاد بالعيد الوطني الخامس عشر.
بلغت مساحة المرحلة الأولى من الحديقة 250 ألف متر مربع، وهي في الأصل مزرعة خاصة للسلطان قابوس بن سعيد طيّب الله ثراه، ثم قدّمها جلالته لتكون هدية لشعبه، وأمر بأن تتحول إلى حديقة عامّة للمواطنين تقام على أحدث طراز وتزود بكافة وسائل الترفيه للصغار والكبار، وتم إيكال المهمة إلى وزارة شؤون الديوان السلطاني لإنجاز المهمة في أسرع وقت.
مدخل الحديقة الرئيس
مرافق الحديقة
بجوار المدخل الرئيس الداخلي للحديقة أقيم مسجد بناءً على التوجيهات السامية وقتها. كما أقيم مصلّى خاص للنساء بمنطقة نزهة العائلات، وتم تخصيص محطة للباصات أمام الحديقة تتوقف فيها الحافلة القادمة من مطرح إلى بركاء وبالعكس.
مسجد الحديقة
عند مدخل الحديقة تم وضع خريطة إيضاحية توضح المعالم الرئيسة للحديقة. كما تم وضع علامات إرشادية على رؤوس الممرات وجوانبها توضح الجهات المختلفة التي يمكن للزائر مشاهدتها.
لافتات توضيحية في مدخل الحديقة
واشتمل الجانب الشمالي من الحديقة على بيت النبات، وحديقة الأطفال، ومنصة للتلفزيون، ومركز للإذاعة والاستعلامات، ومركز للإسعاف، وملاعب كرة القدم وكرة الطائرة، بينما اشتملت منطقة الوسط على استراحة للأدباء، وركن السفينة صحار، والكافتيريا، ودورة المياه الرئيسة، وجبل السلام، وجبل الصبّار، والجبل الصغير، وبيت جحا، والحديقة العربية، والحديقة اليابانية، وملعب التنس، وركن الهوايات، وملاعب الريشة والكرة السابحة.
أما الجانب الجنوبي من الحديقة فقد اشتمل على محطة القطار، ومشتل النسيم، ومحطة الضخ الأوتوماتيكي، ووادي البشاير، ومنطقة نزهة العائلات، واستراحة النساء، ومصلى النساء، ومنصة التلفزيون.
إحدى ألعاب الأطفال في الحديقة
استراحة الأدباء
ضمت حديقة النسيم العامة لأول مرة في الحدائق العامة وقتها، استراحة للأدباء، وهي عبارة عن مكتبة في الهواء الطلق داخل غرفة زجاجية يمكن لمن يجلس فيها أن يقرأ الصحف والمجلات، كما تم تزويدها بالعديد من الكتب في مختلف مجالات المعرفة ووضعت خارجها الكراسي التي يمكن أن تكون ملتقى للأدباء والشعراء من روّاد الحديقة.
قطار الأطفال
من بين الأشياء التي ميّزت حديقة النسيم العامة، وجود قطار للأطفال كان ينساب في أرجاء الحديقة كل (25) دقيقة، وكانت محطته الرئيسة في الجهة اليسرى من المدخل الرئيس للحديقة حيث يجد الزائر علامة إرشادية تدل على محطة القطار.
قطار الأطفال في الحديقة
وقد تم تخصيص باب للدخول إلى القطار وباب آخر للخروج لزيادة الأمان عند ركوب القطار والنزول منه خاصةً بالنسبة للأطفال. كما تم وضع سور مرتفع على طول طريق القطار لمزيد من الأمان ولمنع وقوع الحوادث.
وقد كُتب على سور الأمان الموجود في مواجهة المحطة بالطوب البارز (محطة النهضة المباركة)، تيمنًا بافتتاح الحديقة في إطار احتفالات البلاد بالعيد الوطني الخامس عشر.
مشتل وفلج وجبل ووادٍ
ضمّت حديقة النسيم مشتلًا حديثًا تولى إنتاج معظم النباتات المطلوبة للحديقة. كما أضاف مساحة من الخضرة والزهور، وإلى اليسار منه توجد محطة الضخ الأوتوماتيكي التي تستخدم في ريّ الحديقة وفقًا لنظام ريّ عالي المستوى لضمان السيطرة الكاملة على نظام الري بالحديقة، ولترشيد استخدام المياه من الآبار الموجودة بها.
كما أنشئ في الحديقة فلج أطلق عليه اسم (فلج البركة) لإظهار الطابع العماني المميز للأفلاج، ويصب الفلج في وادٍ أطلق عليه اسم (وادي البشاير)، ويوجد أيضًا الجبل الأخضر بالإضافة لبحيرة صناعية جميلة عليها جسر معلّق، وفي نهاية الطريق يوجد (بيت جحا) المعروف بطرقه الملتوية والمتعددة.
منطقة العائلات
ضمّت حديقة النسيم منطقة مخصصة لنزهة العائلات بحيث يمكن قضاء يوم بأكمله في الحديقة لجميع أفراد الأسرة، وهي عبارة عن عرشان عمانية تقليدية أقيمت من سعف النخيل، ويسع الواحد منها أسرة أو أسرتين، وتم تزويدها بكافة احتياجات الأسرة والإضاءة اللازمة، وأدوات النظافة، وغيرها من وسائل الراحة وأماكن الجلوس ولعب الأطفال، وبها مصلى خاص بالنساء، وصندقة كبيرة لبيع المواد الغذائية.
المراجع
- الشاروني، يوسف. ملامح عمانية، دار رياض الريس، لندن، 1990
- حسن، عبدالله. تقرير عن حديقة النسيم، جريدة عمان، الأربعاء 13 نوفمبر 1985
