أثير - ريما الشيخ
تُسجَّل بين حين وآخر في مختلف محافظات سلطنة عُمان بلاغات لحوادث الغرق في البحر والأودية والأفلاج والسدود، نظرًا لاتساع المسطحات المائية وتنوعها، ورغم التحذيرات المستمرة، تبقى هذه الحوادث مصدر قلق مجتمعي يستدعي الالتزام التام بإجراءات الوقاية والسلامة.
حاورت “أثير” النقيب الجلندى بن محمد البلوشي رئيس قسم العلاقات العامة في هيئة الدفاع المدني والإسعاف، لمعرفة تفاصيل هذه الحوادث وأسبابها والتحديات المرتبطة بها.
ارتفاع البلاغات بشكل ملحوظ
قال النقيب الجلندى إن من بين أكثر البلاغات التي تستجيب لها الهيئة هي حوادث الغرق، وهو أمر طبيعي مع امتداد المسطحات المائية في السلطنة، من البحر إلى الأودية والأفلاج ومصادر المياه الأخرى، وأكد أن الهيئة تعاملت في عام 2024 مع 639 بلاغ غرق، مقارنة بـ 166 بلاغًا فقط في عام 2023، وهو ما يشكل ارتفاعًا كبيرًا.
وبيّن أن هذا الارتفاع يُفسر بالظروف المناخية، ففي عام 2024 مثلًا شهدت السلطنة حالات جوية وأمطارًا غزيرة صاحبتها حالات غرق كثيرة، بينما كانت الحالات الجوية في عام 2023 أقل، وبالتالي انخفضت المخاطر وقل عدد البلاغات.
تحديات سرعة الاستجابة
أوضح النقيب أن من أبرز التحديات التي تواجه الهيئة أن الفترة الزمنية الفاصلة بين لحظة الغرق وحدوث الوفاة لا تتجاوز خمس دقائق، ما يجعل الاستجابة السريعة أمرًا مصيريًا، مشيرًا إلى أن سرعة وصول الفرق مرتبطة بعدة عوامل مثل بُعد المسافة بين مركز الدفاع المدني والإسعاف وموقع البلاغ، وحالة الطريق، وسرعة إيصال البلاغ.
وأضاف أن الهيئة وزعت فرق الإنقاذ المائي على مختلف مراكز السلطنة، وتم تدريبها وتجهيزها بمعدات وأجهزة تتناسب مع طبيعة الأماكن المائية في عُمان لضمان التدخل الفوري والفعال.
مسببات حوادث الغرق
بيّن النقيب الجلندى أن من أبرز مسببات الغرق عدم اختيار المكان المناسب للسباحة، حيث يلجأ البعض إلى مصبات الأودية ذات الأرضيات الطينية والتيارات البحرية القوية، وهي أماكن تشكل خطورة كبيرة، كما تُسجّل حوادث بسبب المجازفة بعبور الأودية، أو السباحة في السدود والمستنقعات المائية.
وأشار أيضًا إلى أن إهمال مراقبة الأطفال أثناء السباحة من أكثر المشكلات التي تؤدي إلى الغرق، مؤكدًا أن هذه السلوكيات تكررها الهيئة في بياناتها كأسباب رئيسية للحوادث.
خطورة محاولات الإنقاذ الفردية
شدد النقيب على أهمية عدم القيام بمحاولات الإنقاذ إذا لم يكن الشخص مؤهلًا أو ملمًا بالسباحة، موضحًا أن بعض الأشخاص يفقدون حياتهم أثناء محاولة إنقاذ آخرين، لتتحول الحادثة من حالة واحدة إلى أكثر من حالة وفاة.
وأكد أن الأفضل هو إبلاغ الهيئة أو ترك الأمر لشخص لديه القدرة والخبرة الكافية لحين وصول فرق الإنقاذ.
وعي متزايد في المجتمع
أشار النقيب إلى أن المجتمع بدأ يزداد وعيًا بأهمية تدريب الأطفال والشباب على السباحة، لافتًا إلى أن الفترة الأخيرة شهدت إنشاء مراكز لتعليم السباحة سواء في الأندية والمجمعات الرياضية أو عبر القطاع الخاص، وهو ما يعد عاملًا مهمًا في رفع مستوى الوقاية والحد من الحوادث.
الوقاية مسؤولية
وأكد النقيب الجلندى بن محمد البلوشي في ختام حديث لـ “أثير”، أن حوادث الغرق ستظل مرتبطة بوجود المسطحات المائية، لكن يمكن الحد منها عبر الالتزام بالإرشادات الوقائية، واختيار أماكن آمنة للسباحة، وعدم ترك الأطفال دون متابعة، مشددًا على أن مسؤولية الوقاية مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع، وأن فرق الدفاع المدني والإسعاف ستواصل جهودها في التوعية والتدخل لإنقاذ الأرواح