أثير – ريما الشيخ
إيمانًا بحق كل إنسان لبداية جديدة، وانطلاقًا من قناعة راسخة بأن طلب المساعدة قوة لا ضعف، دشنت وزارة التنمية الاجتماعية المنصة الوطنية للتوعية بمخاطر الإدمان والمؤثرات العقلية (حياة)، كأول منصة رقمية متخصصة في سلطنة عُمان. وتأتي هذه المبادرة الوطنية استجابةً للاهتمام السامي لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – بحماية الشباب من المخاطر الاجتماعية، وتجسيدًا لجهود السلطنة في التحول الرقمي وتبني وسائل مبتكرة في الوقاية والدعم والتأهيل.
دوافع الإطلاق
قال حمود بن مرداد الشبيبي، المتحدث الرسمي باسم وزارة التنمية الاجتماعية في تصريح خاص لـ”أثير”، إن قضية تعاطي المخدرات وتزايد أعداد المدمنين من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع العُماني والعربي، مشيرًا إلى أن تصميم منصة ”حياة“ جاء ليكون أداة عملية وفعالة توفر بيئة رقمية آمنة للوقاية والدعم والتوعية والإرشاد والعلاج والتأهيل.
وأوضح أن المنصة تمكّن الأفراد من الوصول إلى الرسائل الإعلامية التوعوية والموارد التعليمية حول أضرار المخدرات، وحماية الأجيال القادمة من خطر الإدمان، إلى جانب تقديم الدعم والاستشارات النفسية والاجتماعية بشكل مباشر وسهل، بما يسهم في خفض معدلات الإدمان على المدى المتوسط والبعيد.
تكامل مؤسسي
ذكر الشبيبي لـ ”أثير“ أن المنصة جاءت ثمرة تعاون مؤسسي واسع بين عدة وزارات وجهات حكومية، هي: وزارة الصحة، ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة الإعلام، ووزارة الثقافة والرياضة والشباب.
وقال : إن هذا التنسيق أسهم في إيجاد منصة وطنية متكاملة تُقدّم خدمات علاجية وتوعوية وإرشادية ونفسية تحت مظلة واحدة تخدم جميع فئات المجتمع.
خدمات ودعم مباشر
وبيّن أن “حياة” تقدم دعماً متنوعاً يشمل خدمات نفسية واجتماعية ودينية وصحية وقانونية، وذلك عبر مركز الاتصالات (1110) الذي يضم استشاريين متخصصين لخدمة الباحثين عن التغيير والمتعافين والأسر.
كما يمكن الحصول على الاستشارات من خلال الدردشة الفورية عبر الموقع الإلكتروني www.hayah.om وأن المنصة تجمع البرامج العلاجية والتثقيفية والداعمة المنفذة على مستوى المؤسسات الحكومية، فضلاً عن نشر مواد علمية وتوعوية لرفع مستوى الوعي العام.
سرية وخصوصية
أكد الشبيبي أن جوهر عمل المنصة قائم على مبدأ السرية واحترام الخصوصية، إذ لا تُحفظ أي بيانات شخصية إلا بموافقة صاحبها، مشيراً إلى أن مقدمي الخدمة تلقوا تدريبات متخصصة حول أخلاقيات التعامل المهني وضمان الخصوصية، مما يعزز الثقة لدى المستفيدين ويشجعهم على طلب المساعدة دون خوف من كشف هويتهم.
متابعة رحلة التعافي
أشار إلى أن دور المنصة لا يتوقف عند تقديم الاستشارة، بل يمتد ليشمل متابعة رحلة العلاج بالتنسيق مع المؤسسات المختصة، وتقديم خطط دعم، إلى جانب بناء شبكة دعم مجتمعية تساعد المستفيدين على الاستمرار في التعافي وتقليل احتمالية الانتكاسة.
الفئات المستهدفة
بيّن الشبيبي لـ ”أثير“ أن المنصة صممت لتلبي احتياجات ثلاث فئات رئيسية وهي: المتعافون، والباحثون عن التغيير، والأسر. حيث تُقدَّم لكل فئة رحلة استخدام خاصة تبدأ بسؤال “كيف يمكننا مساعدتك؟” وتُبنى التجربة على أساس الحالة النفسية والاجتماعية لكل مستخدم. فالمتعافون يحظون بمحتوى توعوي وقصص نجاح ومجموعات دعم، أما الباحثون عن التغيير فتُوفر لهم مساحة آمنة للتحدث مع المختصين واختبارات تفاعلية وخطط علاجية، في حين تُعطى الأسر محتويات تثقيفية وأدوات لتمكينهم من تقديم الدعم الذكي.
وأوضح أن التحدي الأكبر يتمثل في الخوف من الوصمة والإنكار، لذلك رُفعت رسالة “أهلاً بك كما أنت” شعاراً أساسياً للمنصة.
الشباب في الصدارة
أضاف أن الشباب هم الفئة الأكثر عرضة لمخاطر الإدمان، ولهذا صُممت مضامين المنصة بلغة قريبة من اهتماماتهم وبأسلوب تفاعلي جاذب، كما خُصص قسم للفعاليات والأنشطة الشبابية التي تُقام في مختلف محافظات السلطنة، ضمن جهود المؤسسات الشريكة لتعزيز الوعي الوقائي.
دور الإعلام
وأوضح أن الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي يُمثلان شريكاً أساسياً في نشر رسائل المنصة وتعزيز الوعي، مشيراً إلى أن التغطية المسؤولة تساهم في تقليل الوصمة وتعزيز فرص التعافي عبر تقديم الإدمان كقضية صحية قابلة للعلاج، مع التركيز على قصص الأمل والنجاح بدلاً من الجوانب العقابية، واحترام خصوصية المتعافين وتقديم معلومات موثوقة.
قياس الأثر
وختم الشبيبي حديثه لـ ”أثير“ بالإشارة إلى أن نجاح المنصة سيُقاس عبر مؤشرات أداء دقيقة، تشمل: معدل الوصول والتفاعل مع المنصة وقنواتها الرقمية، ومعدل استكمال الرحلة التفاعلية، وعدد التحويلات لطلب الخدمة، ومدة الجلسة داخل المنصة، ونسبة الانسحاب المبكر، وتقييم المستخدمين لتجربتهم، بما يضمن أن تحقق “حياة” الأثر المنشود في الوقاية والدعم والتأهيل