أثير - ريما الشيخ
أكدت مريم الهاشمية، مديرة الكهرباء والطاقة وسياسات وإستراتيجيات كفاءة الطاقة بوزارة الطاقة والمعادن، أن سلطنة عمان تشهد تطورات نوعية في قطاع الكهرباء تتماشى مع الأهداف الوطنية لتنويع الاقتصاد وبناء اقتصاد مستدام، مشيرة إلى أن هذه التطورات تمثل جزءًا من رحلة أوسع نحو قطاع طاقة أنظف وأكثر كفاءة ومرونة.
وأشارت في عرضها المرئيّ إلى أبرز التحديات التي يواجهها قطاع الكهرباء، وما يقابلها من فرص واعدة، ثم استعرضت أحدث التطورات في السياسات خلال العامين الماضيين.
وبيّنت أن التحدي الأول يتمثل في الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية، والذي تحركه التوسعات الصناعية وازدياد الاعتماد على الكهرباء في قطاع النقل والقطاعات الأخرى، الأمر الذي يفرض ضغطًا متواصلًا على البنية الأساسية وقدرات التوليد.
وأضافت: الاعتماد المتزايد على مصادر الطاقة المتجددة يمثل تحديًا آخر، حيث تبذل جهود كبيرة لموازنة الطاقة المتقطعة الناتجة عنها مع الطلب الذي تكون ذروته في أوقات مختلفة.
كما أشارت إلى أن ارتفاع الطلب على الكهرباء يستلزم إدارة دقيقة للدعم الحكومي وإيجاد طرق أكثر كفاءة للتعامل معه، إلى جانب أن استقرار الشبكة الكهربائية يمثل تحديًا آخر، نظرًا لكون السلطنة ما تزال في المراحل الأولى من تطبيق تقنيات التخزين الذكي وبناء المباني الذكية، وأكدت أن هذه التحديات يمكن تحويلها إلى فرص مستقبلية واعدة.
وأضافت أن أولى هذه الفرص تتمثل في تعزيز الترابط الكهربائي المحلي والإقليمي، ما يتيح تجارة الطاقة ويحسن استقرار النظام الكهربائي ويقلل الحاجة إلى زيادة قدرات التوليد، كما أن وفرة الموارد المتجددة تجعل عُمان وجهة جاذبة للمشاريع الكبرى في هذا القطاع، إضافة إلى فرص تطوير مشاريع التخزين قصيرة وطويلة الأمد، التي من شأنها تعزيز موثوقية النظام الكهربائي وتوفير طاقة متواصلة على مدار الساعة لمراكز البيانات والاستخدامات الصناعية.
وذكرت أن هناك كذلك فرصًا مهمة في مجال كفاءة الطاقة وإدارة جانب الطلب بما يسهم في تحسين الاستهلاك ومطابقته مع العرض.
وأكدت الهاشمية أن التطورات الأخيرة في القطاع تتماشى مع رؤية عُمان 2040 والأهداف الوطنية، وتركز على تحرير السوق وزيادة مساهمة الطاقة المتجددة لتصل إلى 30% إلى 40% بحلول عام 2030، و60% إلى 70% بحلول عام 2040، و90% إلى 100% طاقة نظيفة بحلول عام 2050.
وأوضحت أن هذه السياسات تمكن القطاع من تحقيق أهداف خفض الانبعاثات والانتقال إلى الطاقة النظيفة، كما تسهم في تسريع الاقتصاد الكربوني العالمي عبر مشاريع تعتمد على مصادر طاقة نظيفة.
ثم تناولت الهاشمية ثلاث سياسات رئيسية اعتمدها القطاع خلال العامين الماضيين:
• سياسة التوليد الذاتي: تتيح للمستهلكين الكبار توليد الكهرباء بأنفسهم من مصادر متجددة وتقليل اعتمادهم على الشبكة، بشرط الحصول على ترخيص من هيئة تنظيم الخدمات العامة بالتنسيق مع وزارة الطاقة والمعادن، مع إعفاء المشاريع التي تقل عن 25 ميجاواط من بعض الإجراءات. كما تفرض رسومًا تعكس تأثير المشروع على الشبكة وتحدد سقفًا سنويًا يتماشى مع أهداف الطاقة المتجددة.
• سياسة البيع المباشر: تمكّن منتجي الكهرباء من بيع الطاقة المتجددة مباشرة للمستهلكين المؤهلين وفق شروط منظمة تضمن استقرار السوق وإعادة توزيع القدرات لتفادي الأصول العالقة. كما تشمل هذه السياسة رسومًا دورية وأخرى لتغطية استخدام الشبكة عند الحاجة.
• سياسة وحدة الكهرباء: ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالبيع المباشر، وتنظم نقل الطاقة من موقع التوليد إلى موقع الاستهلاك، مع قصر تشغيل الشبكات على شركات النقل والتوزيع الوطنية، ومنع إنشاء الشبكات الخاصة.
كما أوضحت الهاشمية أن وزارة الطاقة والمعادن أصدرت ضوابط وشروطًا جديدة لتمكين شركة “أوكيو للطاقة البديلة” لتكون الشركة الوطنية الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، وتهدف هذه الضوابط إلى تعزيز مساهمة الشركات الوطنية في مشاريع الطاقة النظيفة، وتشجيع استثمارات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير التصنيع المحلي في مكونات مشاريع الطاقة.
وأضافت أن الشركة منحت حقوق تطوير حصرية للمشاريع التي تتجاوز 50 ميجاواط في مجالي التوليد الذاتي والبيع المباشر، مع إمكانية امتلاك حصص تتراوح بين 5% و25% من المشاريع الكبرى للطاقة المتجددة قبل طرحها في المناقصات، بما يضمن مشاركتها الفاعلة في المشاريع الاستراتيجية مع الحفاظ على بيئة سوق تنافسية مفتوحة.
واختتمت مريم الهاشمية حديثها بالتأكيد على أن جميع هذه التغييرات تدعم تحرير سوق الكهرباء وتعزيز مرونة النظام وزيادة حصة الطاقة المتجددة، مؤكدة أن المرحلة المقبلة تتطلب تنسيقًا وتعاونًا مشتركًا بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والهيئات التنظيمية لتحقيق الأهداف الوطنية في التحول نحو الطاقة النظيفة.
جاء ذلك خلال فعاليات مؤتمر عمان للكهرباء والطاقة #IEEEPowerTalks2025، تحت شعار
“تسريع تحول الطاقة في عمان” بمشاركة 55 متحدثًا وأكثر من 750 خبيرًا من 30 دولة، في حدث يسلط الضوء على مستقبل الطاقة المستدامة.