الأولى

إرادة أضاءت طريق العلم رغم فقدان البصر: نورة الخليلية تتحدث عن تكريم السيدة الجليلة لها

تكريم السيدة الجليلة لنورة الخليلية

أثير – ريما الشيخ

حازت الدكتورة نورة بنت سالم بن عبدالله الخليلية على الثقة السامية بتكريمها من قبل السيدة الجليلة حرم حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظهما الله ورعاهما –، تقديرًا لعطائها العلمي ومسيرتها الأكاديمية المشرّفة التي جمعت بين التميز الأكاديمي والإرادة القوية والعطاء الإنساني اللامحدود، لتكون مثالًا مشرقًا للإصرار الذي يرى بنور الإرادة ما قد تعجز العيون عن رؤيته.

التكريم

وصفت الدكتورة نورة خلال حديثها مع ”أثير“، تكريم السيدة الجليلة لها بأنه كالشهد الذي أتى بعد إبر النحل، وكالعبق الذي انتظر جمال الربيع، مؤكدة أنه تاج عز وفخار لرحلة كفاح قطعت على نفسها عهدًا ألّا تتوقف إلى أن يأذن الله.

وقالت: اعتدت الصعود وكرم الله يغمرني، ورحمته تحفني، وألطافه تحيط بي؛ فالسير قدمًا دون التفات، والمضي صدقًا بعزم وثبات؛ نتيجته مفرحة، وخاتمته مشرفة؛ فكان تلقي الخبر السار، والجبر البار، كرمًا من العزيز الجبار؛ أن أذن لي جل في علاه بلقاء صاحبة الهمم المتوقدة والعزائم المتأججة (السيدة الجليلة)، ملهمة نساء هذا الوطن الغالي، والدافعة إلى الرقي والمعالي .

وأضافت أن لقاءها ومثولها بين يدي السيدة الجليلة المباركة كان أمنية تحققت، وتكريمها شهادة عز أبرمت، قائلة:

«أمانينا لها رب كريم، إذا أعطى سيدهشنا العطاء.
(عهدنا الجليلة) ماذا لعلي أن أقول يا ندية الكفين، وضاءة الوجنتين، ريحانة العينين:
عيون العهد بين الواحات والقصر…
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري.
وأشرقت الأرجاء ببهائها وجمالها وجلالها:
وكأن رجع حديثها…
قطع الرياض كسين زهرًا».

وأشارت الدكتورة نورة إلى أن وقوفها أمام السيدة الجليلة كان مصدر فخر واعتزاز وتشريف وامتياز، وإحساس عميق بالمسؤولية، وثبات في تحقيق الرسالة الإنسانية من أجل كرامة وعزة عماننا الحبيبة خاصة والأمة الإسلامية عامة، فقالت: كرّم الله وجه سيدة الوطن وجعلها والأسرة الكريمة فيمن أعز الله وجوههم: (وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة).

التعليم والبحث العلمي

وبيّنت الدكتورة نورة أن التعليم والبحث العلمي هو الأساس الفعلي للنهوض والرقي بهذا الوطن الغالي، مشيرة إلى أن تطوير مناهجه واجب على كل متخصص، وأن تكريم السيدة الجليلة لأصحاب الابتكارات والبحث العلمي يأتي إيمانًا منها بما يمثله هذا المجال من مظاهر عناية وتشجيع ينم عن نظرتها المستقبلية الثاقبة.

وأضافت أن كل مشروع بحثي قامت به يمثل لبنة أساسية في حقل الدراسات اللغوية، إلا أن مشروعها البحثي الأخير في مرحلة الدكتوراه كان الأهم، وهو بعنوان: «التلويح في الخطاب الأصولي في ضوء نظرية الصلة»، موضحة أن أهمية هذا المشروع تنبع من تطلعها الدائم إلى أفكار بحثية في ضوء التكامل المعرفي للعلوم، بما يسهم في البناء الكلي للغة العربية.

السيدة الجليلة تكرم نورة الخليلية

المرأة العُمانية

وأكدت الدكتورة نورة أن تخصيص يومٍ للاحتفاء بالمرأة ودورها الفاعل في المجتمع العُماني في مختلف القطاعات لا ريب يمثل تمكينًا لها واعترافًا بأثرها الواضح؛ فهي شريك حيوي في التنمية والازدهار، ويأتي هذا الاحتفاء تأكيدًا من القيادة الحكيمة – في ظل السلطان الراحل طيب الله ثراه، والآن في ظل السلطان هيثم بن طارق حفظه الله – للمكانة الرفيعة التي تحظى بها المرأة العُمانية.

وأضافت أن السيدة الجليلة تولت هذه المهمة بعناية سامية في العهد الجديد، فظهرت رعايتها واهتمامها بالمرأة في العديد من المناسبات الوطنية والمجتمعية، ومنها مناسبة يوم المرأة العُمانية التي تجلت فيها عنايتها الواضحة وتشجيعها المستمر وتحفيزها الدائم ومتابعتها الحثيثة للمرأة العُمانية في مختلف مواقعها، وهو أثر محسوس وواقع ملموس يعكس اهتمامها الكبير بتمكين المرأة ودعمها في مسيرتها.

وأكدت أن المرأة العُمانية اليوم شريكة في التطور الحضاري والرقي العلمي، وأن إقبالها على ميادين العطاء المتنوعة وخوضها في حقول العلم المختلفة يمثل خطوة حضارية مرموقة، ويُنبئ عن مستقبلٍ زاهر بإذن الله، مستشهدة بقول السلطان الراحل قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه –: «إن الوطن لا يحلق من دون المرأة».

الرسالة الإنسانية والمبادرات المستقبلية

وأشارت الدكتورة نورة إلى أن الإحساس بالمسؤولية وإدراك الرسالة الربانية العظيمة التي من أجلها خلق الإنسان يُعد مصدرًا رئيسًا للطاقة والتفاني في البذل والعطاء، مستشهدة بقوله تعالى: «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون»، وأن العبادة صورها كثيرة، وأن إعمار الأرض عبادة تكليفية، ومن هذا المنطلق فإننا مسؤولون جميعًا عن إعمار هذه الأرض الطيبة، بالعلم والعمل والإخلاص والتفاني في أداء الرسالة التي نُكلف بها في خدمة الوطن والإنسانية.

وأضافت الدكتورة نورة أنها تتطلع إلى إطلاق مبادرة بحثية جديدة تستهدف تعليم اللغة العربية، بالاستفادة من نظريات الحجاج والتأويل والتحليل وفق رؤية تجديدية وتكاملية للعلوم، مواكبة للتطور المعرفي المتسارع، وسيرًا في سبيل خدمة لغتنا الخالدة، إيمانًا منها بأن رقي الأمة يبدأ برقي لغتها ونهضتها العلمية والفكرية.

المسيرة العلمية

تُعد الدكتورة نورة بنت سالم بن عبدالله الخليلية من النماذج الأكاديمية المضيئة التي جمعت بين التفوق العلمي والعزيمة الإنسانية؛ فقد حصلت على درجة الدكتوراة في الفلسفة في اللغة العربية وآدابها، وكانت من العشرة الأوائل المكرمين بجامعة نزوى عام 2012، وتُعد من الباحثات المتميزات في مجال اللغة والدراسات البلاغية والأصولية.

لها مشاركات بحثية وأوراق علمية متعددة في مجالات اللغة والبحث والتعليم، كما أنها عضو في لجنة إصدارات المعهد العالي للقضاء منذ عام 2017، ومسهمة فعّالة في دعم المبادرات الأكاديمية التي تعنى بتمكين الكفاءات وبناء القدرات العلمية في المجتمع.

وفي مسيرتها، جمعت بين الإبداع الأكاديمي والإلهام الإنساني، لتكون بحق مثالًا يُحتذى به في الثبات والطموح والإصرار على تحقيق الأهداف رغم التحديات، وليظل عطاؤها شاهدًا على أن الإرادة تبصر ما قد تعجز العيون عن رؤيته.

Your Page Title