أخبار

دراسة لإعادة استخدام الطوب الطيني في البناء، فهل سنراه قريبًا في مشاريعنا السكنية؟

الطوب الطيني

أثير – محمد العريمي

في وقتٍ يتجه فيه العالم نحو الاقتصاد الأخضر والبناء المستدام، تبرز سلطنة عُمان بثرواتها الطبيعية كأحد أهم الموارد الواعدة في المنطقة، إذ تزخر سلطنة عُمان بأكثر من 18 مليون طن من الطين، إلى جانب الحجر الجيري والجبس والرخام، وهي ثروات لا تُعد مجرد أرقام في الدراسات الجيولوجية، بل مفاتيح حقيقية لبناء مستقبل مستدام واقتصاد متطور.

وفي هذا الصدد كشف يحيى الخروصي، مدير دائرة المحتوى المحلي وتطوير الأعمال بأكاديمية الابتكار الصناعي لـ “أثير” عن مشروع جديد بالتعاون مع وزارة الإسكان والتخطيط العمراني لإعادة إحياء استخدام الطوب الطيني، ضمن شراكة تجمع الأكاديمية بعدة جهات وطنية، بهدف تحويل الطين من مورد تقليدي إلى مادة معيارية حديثة قابلة للاستخدام في مشاريع البناء المستقبلية.

وأوضح أن المشروع يقوم على خطوات بحثية وعملية تبدأ بتحديد ودراسة المواقع والموارد الطينية في مختلف المحافظات، وإجراء اختبارات علمية دقيقة للتحقق من جاهزيتها للإنتاج التجريبي، يليها تنفيذ مرحلة الإنتاج الميداني واختبار الطوب في مشاريع حقيقية

وأشار إلى أن هذه الجهود ستُسهم في إعداد المواصفات والمعايير الخاصة بالطوب الطيني تمهيدًا لاعتمادها ضمن كود البناء العُماني، إلى جانب إعداد مواد علمية لتدريب المهندسين والحرفيين لضمان تطبيق سليم وواسع للاستخدام.

وأكد الخروصي خلال الجلسة الحوارية “إحياء العمارة الطينية: تحول الفكر في صياغة المستقبل” ضمن أعمال أكتوبر العمران، أن الاستثمار في الموارد الطينية العُمانية لا يرتبط فقط بالبعد البيئي، بل يتجاوز ذلك ليكون ركيزة من ركائز التنويع الاقتصادي، موضحًا أن هذه الموارد قادرة على خلق صناعات محلية متكاملة تقلل الاعتماد على الاستيراد، وتوفر فرص عمل نوعية، وتجذب استثمارات أجنبية مباشرة، بما يعزز تنافسية الاقتصاد الوطني.

ويشير الخروصي إلى أن الطين مادة صديقة للبيئة أثبتت الدراسات أنها تُسهم في خفض انبعاثات الكربون بنسبة تصل إلى ستين في المئة مقارنة بالمواد الخرسانية، وهو ما يجعلها جزءًا أساسيًا من توجه سلطنة عمان نحو تحقيق الحياد الصفري الكربوني، وترجمة عملية لأهداف رؤية عُمان 2040 في بناء صناعة خضراء ومستدامة.

ويضيف أن هذا التوجه لا يخدم البيئة فحسب، بل يعزز المحتوى المحلي من خلال إنشاء صناعات قائمة على الموارد الوطنية، بما يضمن بقاء العوائد داخل سلطنة عمان ويدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تمكين الكفاءات الوطنية وإرساء أسس اقتصاد معرفي يعتمد على البحث والابتكار.

ويستحضر الخروصي التراث العُماني في البناء بالطين والصاروج، مؤكدًا أن المباني العُمانية القديمة لا تزال شاهدة على جمال العمارة وملاءمتها للبيئة المحلية، وأن إعادة إحياء العمارة الطينية بأساليب علمية حديثة تمثل فرصة لإعادة توظيف هذا الإرث في مشاريع عصرية تخدم السوق المحلي وتلبي متطلبات المستقبل.

ويكشف الخروصي أن أكاديمية الابتكار الصناعي عملت بالتعاون مع وزارة التراث والسياحة وعدد من الجهات المعنية على تنفيذ أبحاث متخصصة حول مادة الصاروج العُماني، وهي الجهود التي أسفرت عن تأسيس مصنع الشرق الأوسط لتكلسين الطين، كأول مشروع من نوعه في سلطنة عمان والمنطقة لإنتاج مواد بناء حديثة مستندة إلى الموارد المحلية.

وأكّد الخروصي أن الأكاديمية تعمل على بناء منظومة استثمارية متكاملة تجمع بين الاستثمارات الكبرى والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتقليل التردد في السوق ودعم الابتكار في هذا القطاع.

Your Page Title