الأولى

قصة كفاح لأكثر من 80 عامًا: وفاة الشيخ سهيل بن سالم بهوان

الشيخ سهيل بن سالم بهوان

رصد - أثير

غيب الموت رجل الأعمال العماني سهيل بن سالم بهوان المخيني عن عمر يناهز ٨٨ عامًا.

ويعد سهيل بهوان مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة سهيل بهوان، إحدى أكبر المجموعات في السلطنة ومنتجًا رئيسيًا للأسمدة، إذ تنتج 1.3 مليون طن من اليوريا سنويًا. وكانت الموزع الحصري لسيارات نيسان في سلطنة عمان من عام 2004 حتى 2023.

بدأت مجموعة سهيل بهوان بيع البضائع العامة في سلطنة عُمان عام 1965. واليوم، تضم محفظتها أكثر من 40 شركة، موزعة أعمالها في أنحاء الخليج وشمال أفريقيا وجنوب آسيا. وتعمل المجموعة في قطاعات متنوعة، منها: نمط الحياة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والهندسة والبنية التحتية، والمواد الكيميائية والأسمدة، والطاقة والكهرباء، والرعاية الصحية والخدمات اللوجستية.

ولد سهيل بهوان في صور بمحافظة جنوب الشرقية، رافق والده مع أخيه سعود في رحلاته البحرية لمقايضة التمور والأسماك بالأرز والسكر، وغيرها من السلع.

تلقى تعليمه في المدرسة الابتدائية في الهند، لكنه تركها بعد الصف السادس، حين أوكل إليه والده مسؤولية الإبحار على متن قارب داو، فتعلم أول دروسه عن كيفية مساومة التجار من مختلف بقاع العالم، وتمييز الصفقات الجيدة من غيرها. آنذاك، كانت صور تشهد آخر أيام مجدها بوصفها مركزًا للمواصلات. فالعالم كان في طور التغير، وقناة السويس، التي افتتحت منذ عام 1869، غيرت مسار طرق التجارة التقليدية، كما كانت السفن الحديثة أسرع من قوارب داو، مما أضر بكثير من التجار.

لم يجنِ بهوان الكثير من الأموال من التجارة في صور، فاضطر إلى ابتداع أساليب أخرى. حصل على قروض من التجار الهنود، واستغلها لشراء الذهب، ثم بيعه لاحقًا في عُمان. إلا أن الأرباح كانت ضئيلة بعد تسديد أموال المقرضين. وفي ستينات القرن الماضي، كثيرًا ما خرج في رحلات بحرية من صور إلى العاصمة مسقط، بحثاً عن فرص لبيع سلعه. لكنه قرر وشقيقه في عام 1965 الانتقال إلى العاصمة بصفة دائمة، فافتتحا متجرًا في سوق مطرح ذي الأزقة والممرات الضيقة، لبيع شباك الصيد ومواد البناء.

كانت العاصمة مسقط تختلف اختلافاً كبيرًا عن صور الصغيرة، لكنها تميزت وقتها بميناء بحري هادئ. حينها حاول الشقيقان الدخول في مجتمع رجال الأعمال هناك، فعمد سهيل بهوان إلى التعرف على نظرائه من أصحاب المتاجر والشركات حول المدينة، بحثاً عن الفرص المناسبة. وشارك في المناسبات الاجتماعية، وصادق المسؤولين الحكوميين، وأقام الصلات والعلاقات الاجتماعية المتنوعة. فعادت عليه جهوده تلك بفوائد عظيمة.

لم يكتفِ الشقيقان ببيع شباك الصيد، بل كانا تواقين إلى الحصول على حقوق امتياز أجنبية. فحصلا فعلاً على أول امتياز لبيعمنتجات شركة صناعة الساعات اليابانية (Seiko) عام 1968 ، ثم مع شركة الصناعات الإلكترونية (Toshiba).

في عهد السلطان قابوس، فتح -طيب الله ثراه- أبواب بلده على العالم الخارجي بعد توليه مقاليد الحكم عام 1970، مطلقاً برنامج التحديث وتحرير الاقتصاد، مما أوجد مزيدًا من الفرص، وزاد من الإقبال على السلع الاستهلاكية والمشروعات الصناعية. في تلك الفترة، كانت شركة (Toyota) تبحث عن شركاء في منطقة الخليج العربي، فلاحت فرصة رائعة يصعب على الشقيقين التخلي عنها، سيما أنهما لم يكونا الوحيدين الذين ينافسون على هذه الصفقة، إذ كانت عائلة الفطيم العريقة في الإمارات تنافس للحصول عليها، ليس في موطنها فحسب، بل في عُمان أيضًا. فوجب على الشقيقين بهوان البرهنة على امتلاكهم الأموال الكافية لهذا الاستثمار، وعقدا في عام 1974 شراكة مع رجل الأعمال العماني عمر الزواوي، لتأسيس شركة صناعة الأنابيب (Amiantit Oman). وخلال عام واحد فقط، جمعا إيرادات كافية لرأس المال المطلوب.

كانت عائلة الفطيم الأقرب للفوز بالصفقة، لولا تدخل السلطان قابوس -طيب الله ثراه- الذي أراد شركة عُمانية لتمثيل علامة (Toyota) التجارية في بلده. وفي عام 1975 بدأت السفن تفرغ حمولتها من السيارات اليابانية في ميناء مسقط، وأصبح آل بهوان رائد سوق السيارات في السلطنة خلال 3 أعوام فقط. وعلى نحو متسارع، هبت الرياح بما تشتهي سفن الشقيقين بهوان؛ إذ حصلا خلال العقد التالي على العديد من حقوق امتيازات الشركات الأجنبية، بما فيها (Ford) وصانعو المعدات (Komatsu) و(Kubota) و(Bomag) .كما أسسا وكالة سفريات، وتعاونا مع (Thai Airways) و(Pan Am) و(Air France) وأطلقا شركة لتأجير السيارات. ثم باشرا عام 1977 بالعمل في مشروعات البنى التحتية في قطاعي الإنشاءات والطاقة، واستحوذا عام 1984 على شركة لتطوير محطات تحلية المياه وتوليد الكهرباء في أرجاء السلطنة جميعها. في نهاية الثمانينات، نمت الشركة مع نمو الأعمال، وتعددت نشاطاتها في قطاعات الاتصالات، والشحن والخدمات اللوجستية، والإلكترونيات، والأغذية، وغيرها.

المصدر: فوربس

Your Page Title