رصد - أثير
إعداد: ريما الشيخ
شهدت السنوات الأخيرة انتشارًا لافتًا لاستخدام الكفوف البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في عدد من المطاعم، حيث باتت هذه القفازات مرتبطة في أذهان كثير من الزبائن بمفهوم النظافة والوقاية. كما يلجأ البعض لارتدائها لتجنب تعلق الروائح القوية باليدين أو تأثر الجلد والظفر بالبهارات الملونة الموجودة في الطعام، إلا أن خبراء سلامة الغذاء يحذرون من سوء استخدام هذه الكفوف، ويؤكدون أنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية في حال الاعتماد عليها بدل غسل اليدين بصورة صحيحة.
انتشار الفكرة وأسباب تبنيها في المطاعم
بدأت هذه الظاهرة بالانتشار الواسع بعد جائحة كورونا، حين تصاعدت المخاوف الصحية لدى الزبائن، فتبنت بعض المطاعم فكرة تقديم القفازات كخدمة تمنح الزائر شعورًا أكبر بالنظافة والاطمئنان، ومع الوقت، تأثرت مطاعم أخرى بنماذج عالمية تعتمد القفازات بهدف الحد من اتساخ اليدين، الأمر الذي عزز انتشارها أكثر.
ومع ذلك، يوضح مختصون في مجال سلامة الغذاء أن هذا الاستخدام – رغم أنه قد يبدو مريحًا للبعض – يستند في جوهره إلى اعتقاد غير دقيق بأن القفاز يوفر حماية مطلقة، بينما تعتمد فعاليته على نوعيته وطريقة استخدامه ومدى نظافة اليد قبل ارتدائه.
هل هذه الكفوف معقمة؟
تشير المواصفات الفنية لمعظم القفازات البلاستيكية المستخدمة في المطاعم إلى أنها غير معقّمة، إذ توصف بأنها مخصصة للتلامس الآمن مع الطعام، لكنها لم تخضع لعمليات تعقيم كاملة مثل القفازات الجراحية.
وتبين الجهات المختصة بالغذاء أن هذه القفازات قد تفتح عبوتها وتلمس بالأيدي قبل توزيعها، وقد تخزن في أماكن غير ملائمة؛ ما يعني أنها ليست خالية من الميكروبات بالضرورة، ولا يمكن اعتبارها معقمة أو بديلًا عن غسل اليدين.
مخاطر الأكل بالكفوف البلاستيكية
- مخاطر تتعلق بسلامة الغذاء
أظهرت دراسات عدة في مجال سلامة الغذاء أن الاعتماد على القفازات دون غسل اليدين جيدًا قد يؤدي إلى نقل البكتيريا بدل منعها، لأن القفاز يصبح يدًا مغطاة بطبقة بلاستيكية إذا ارتدي بيد غير نظيفة، كما أن لمس القفاز لأسطح ملوثة مثل الهاتف أو الطاولة قبل ملامسة الطعام قد ينقل ملوثات مباشرة إلى الوجبة.
وتحذر الجهات الصحية كذلك من استخدام القفازات الرخيصة مع الأطعمة الساخنة أو الدهنية، إذ تشير تقارير علمية إلى أن الحرارة والدهون قد تساعد على انتقال بعض الجزيئات البلاستيكية أو المواد الكيميائية من القفاز إلى الطعام عند ملامسته لفترة طويلة، وهو ما يجعل استخدامها غير مناسب مع الأغذية الحارة جدًا أو الزيتية.
كما قد تحتوي بعض القفازات – خصوصًا المصنوعة من اللاتكس – على مواد مسببة للحساسية لدى بعض الأشخاص؛ ما قد يؤدي إلى تهيجات جلدية عند استخدامها لفترة طويلة.
- مخاطر بيئية
تتكون القفازات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد غالبًا من مواد مثل البولي إيثيلين، وهي مواد لا تتحلل بسهولة، وتتسبب بتزايد مشكلة المايكروبلاستيك في البيئة، حيث تشير تقارير بيئية عالمية إلى أن هذه الجزيئات البلاستيكية الدقيقة أصبحت موجودة في التربة والمياه وحتى في بعض الأطعمة، الأمر الذي يثير مخاوف صحية متزايدة حول تأثيرها على المدى البعيد.
هل تنفع القفازات فعلًا للأكل؟
توضح الجهات المشرفة على سلامة الغذاء عالميًا أن القفازات صممت بالأساس لحماية الطعام أثناء تحضيره، وليس لارتدائها من قبل المستهلك أثناء تناول الطعام، ويمكن استخدام القفازات بطريقة آمنة فقط إذا توفرت شروط محددة، منها:
- غسل اليدين جيدًا قبل ارتدائها
- استخدام القفاز لمرة واحدة فقط
- التخلص منه مباشرة بعد ملامسة الطعام
- عدم استخدامها مع الأطعمة شديدة السخونة أو الدهنية
ورغم ذلك، يؤكد المختصون أن غسل اليدين بالماء والصابون قبل الأكل وبعده هو الخيار الأفضل والأكثر أمانًا، وأن القفازات لا تقدم فائدة صحية حقيقية تفوق غسيل اليدين، بل قد تكون أقل أمانًا إذا استخدمت من دون وعي أو من نوعية رديئة.
البديل الصحيح عند تناول الطعام
يتفق خبراء الصحة على أن أفضل بديل عن القفازات هو:
- غسل اليدين جيدًا لمدة 20 ثانية بالماء والصابون قبل تناول الطعام
- استخدام مناديل مبللة آمنة غذائيًا في حال عدم توفر الماء
- وضع مناديل ورقية حول الطعام عند الحاجة لتجنب الاتساخ، بدل استخدام البلاستيك
- الابتعاد عن البلاستيك غير الضروري قدر الإمكان لتقليل المخاطر الصحية والبيئية
المصادر:
- منظمة الغذاء والدواء الأمريكية
- المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض
- منظمة الصحة العالمية
- دراسات سلامة الغذاء
- تقارير عن انتقال الجزيئات البلاستيكية الدقيقة من مواد التغليف
- بيانات ومعايير تصنيع القفازات البلاستيكية

