الأولى

مختصة أسرية تكشف عن 7 عوامل قد تؤدي إلى الطلاق

الطلاق

أثير - ريما الشيخ

تعد قضايا الطلاق من الظواهر الاجتماعية التي تشهد تزايدًا في المجتمعات العربية والعمانية على وجه الخصوص، نظرًا للتغيرات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية المتسارعة، ومع ارتفاع هذه الحالات يبرز تساؤل مهم: ما الأسباب الحقيقية وراء الطلاق في المجتمع العماني، وما انعكاساته على الأسرة والمجتمع؟

حول هذا الموضوع، حاورت “أثير” حوراء بنت شرف بن علي الموسوية، مديرة دائرة الإرشاد والاستشارات الأسرية بوزارة التنمية الاجتماعية، التي أوضحت إن المجتمع العماني تأثر بالتغيرات السريعة التي شهدها العالم، مما انعكس على استقرار الأسرة، موضحةً أن هناك عوامل نفسية واجتماعية متعددة يمكن أن تتنبأ بحدوث الطلاق، مثل الاضطرابات النفسية غير المعالجة كالشك المرضي والغيرة الزائدة، وكذلك بعض السلوكيات مثل الإدمان على الكحول أو المخدرات، وأشارت إلى أن غياب التوافق منذ البداية أو وجود إجبار في الزواج يخلق فجوة كبيرة لاحقًا، مؤكدةً أن تكرار عبارات مثل “طلقني” أو “راح ننفصل” يفقد العلاقة شعور الأمان والاستقرار ويزيد من احتمالية الانفصال.

وبيّنت أن وجود العنف البدني أو اللفظي داخل الأسرة يعد من أبرز المؤشرات التي تنذر بوقوع الطلاق مستقبلًا، مؤكدةً أهمية ضبط الغضب وتعلّم مهارات إدارة الخلافات الزوجية بطريقة واعية، وقالت إن الزواج علاقة طويلة المدى تتطلب صبرًا وقدرة على التكيف مع المتغيرات، فهو ليس علاقة مؤقتة بل ميثاق غليظ يحتاج إلى وعي متبادل من الطرفين.

وأضافت في حديثها لـ“أثير” أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست السبب الرئيسي في الطلاق لكنها أصبحت من العوامل المؤثرة، حيث أدّى انشغال أفراد الأسرة بالأجهزة الذكية إلى ضعف الحوار والمشاركة وغياب التواصل الإنساني الحقيقي، مشيرةً إلى أن سوء استخدام هذه الوسائل قد يؤدي إلى خيانات إلكترونية أو علاقات افتراضية تضعف الروابط العاطفية داخل الأسرة.

كما أضافت أن التقليد الأعمى لما يعرض في وسائل التواصل الاجتماعي أصبح ظاهرة مقلقة، واستشهدت بقصة رجل انشغل بلعبة إلكترونية بينما كانت زوجته تحاول إسعاف أطفاله المرضى، مؤكدةً أن هذه السلوكيات تعكس خللًا في ترتيب الأولويات وتؤثر في التماسك الأسري.

كما أشارت إلى أن الطلاق قد يكون نتيجة تراكم مشكلات لم تحل بطريقة صحيحة أو نتيجة قرارات انفعالية سريعة، مبينةً أن بعض الأزواج يختزنون الخلافات خوفًا من المواجهة، فتتراكم حتى تنفجر في مواقف بسيطة، بينما يتخذ آخرون قرار الانفصال بشكل سريع بسبب ضعف الصبر أو عدم القدرة على تحمل المسؤولية، مشددةً على أن الصبر والوعي هما مفتاح استمرار العلاقة الزوجية واستقرارها.

الآثار النفسية والاجتماعية للطلاق

أكدت الموسوية لـ “أثير” أن النزاع الحاد بين الزوجين بعد الطلاق يترك آثارًا نفسية واجتماعية خطيرة، إذ يتأثر الأبناء بشكل خاص من خلال تراجع مستواهم الدراسي وظهور اضطرابات في النوم والشهية، إضافة إلى القلق والاكتئاب، وقالت إن الانفصال يجب أن يكون سلميًا خاليًا من الصراع حفاظًا على نفسية الجميع، مشيرةً إلى أن تبادل الإساءات والخصومات بين الوالدين ينعكس سلبًا على الأبناء ويزرع فيهم الخوف والاضطراب.

وتطرقت إلى أن الدين الإسلامي وضع ضوابط واضحة للطلاق، فـ«إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان» مبدأ كافٍ لحماية الأطراف من الأذى، مؤكدةً أن الالتزام بهذه القيم يسهم في تقليل آثار الانفصال، كما شدّدت على أهمية الدعم المجتمعي للمطلقين من خلال المؤسسات النفسية والاجتماعية، إذ إن بعض النساء يعانين من عزلة بسبب نظرة المجتمع، مما يؤدي إلى انخفاض تقدير الذات، داعيةً إلى تقديم الدعم النفسي وإعادة بناء الثقة بالنفس، وكذلك دعم الأبناء داخل المدارس لعدم إشعارهم بالاختلاف عن أقرانهم.

دور الوالدين في حماية الأبناء من النزاع

قالت إنه من المؤسف أن يحاول الآباء أو الأمهات التأثير على أبنائهم ضد الطرف الآخر أثناء القضايا، مما يخلق عداوة ويشوه صورة الزواج في نظر الجيل الجديد، مؤكدةً ضرورة نشر ثقافة الانفصال السلمي وتجنّب استخدام الأبناء كوسيلة ضغط أو انتقام.

الطلاق الناضج مقابل الطلاق الانفعالي

أشارت حوراء لـ “أثير” إلى أن الطلاق الناضج يحدث عندما يتفق الطرفان على الانفصال بهدوء بعد إدراك استحالة الاستمرار، مع الحفاظ على حقوق الأبناء وضمان تواصلهم مع والديهم، بينما الطلاق الانفعالي يؤدي إلى الأذى النفسي وحرمان الأطفال من أحد والديهم، مبيّنةً أن هناك قصصًا مؤلمة وأخرى ناجحة عكست وعي الأزواج في التعامل مع الانفصال بطريقة راقية.

التثقيف الزواجي وأهمية الاختيار الواعي

أكدت أن الوعي والاختيار الصحيح للشريك هما الأساس لتجنّب الطلاق، داعيةً إلى الالتحاق ببرامج الإرشاد الزواجي المجانية التي تنفذها وزارة التنمية الاجتماعية، وقالت إن التثقيف قبل الزواج ضروري لفهم طبيعة العلاقة الزوجية وطرق إدارة الخلافات، مضيفةً أن الحب وحده لا يكفي لاستمرار الزواج، لأن المشاعر تتغيّر بمرور الوقت وتبقى القيم والاحترام المتبادل هما الأساس.

النضج العقلي معيار الجاهزية للزواج

وختمت حوراء الموسوية حديثها مع”أثير“ بالتأكيد أن العمر لا يحدد جاهزية الزواج، فالمعيار الحقيقي هو النضج العقلي والمعرفي، موضحةً أن هناك من يتزوجون في سن صغيرة لكنهم ناضجون فكريًا، وآخرين أكبر سنًا لكنهم يفتقرون إلى النضج الكافي لخوض هذه التجربة بنجاح.

Your Page Title