لـ أثير- المكّرم د. إسماعيل الأغبري
خير شاهد وأفضل،من ينقل أخبار الأحداث وكيف كان الوضع الأمني والاقتصادي والنسيج الاجتماعي قبل يوليو وكيف صار خلال وبعد يوليو هم كبار السن أي من عاصر ما قبل وأثناء،وبعد يوليو.
وخير من يمكنه أن يسرد أحوال البلاد قبل يوليو وما آلت إليه أمنيا وصحيا وتعليميا واقتصاديا بعد يوليو هم كبار السن لمعايشتهم الفترتين.
كان حبل الأمن قبل يوليو ليس بشيء بل حروب طاحنة وفتن تعصف بالبلاد وتشظي يجتاح كافة البلاد.
الحارات قبيل المغرب أو بعد العصر تغلق على ساكنيها ولا يسمح لأحد بعد ذلك الوقت الدخول أو الخروج وهذا قبل يوليو من شدة الخوف وبسبب انعدام الأمن في البلاد.
نقاط التفتيش والحجز بين مرحلة وأخرى عنوان بارز لتلك المرحلة المختلة أمنيا.
إذا انعدم الأمن اضطر الناس للفرار من البلاد بحثا عنه وطلبا للاستقرار وحفاظا على الأهل والأبناء وهذا الذي دفع قسما من أهل عمان للهجرة خارجها.
إذا انعدم الأمن تعرضت البلاد لفقدان استقلالها السياسي وتم ابتزازها وتعرضت للقضم الجغرافي والانكماش على نفسها.
إذا انعدم أمن البلاد تقلص دورها الذي كانت عليه وخرجت من عالم المعلوم الذي كانت عليه أيام اليعاربة ومؤسس الدولة البوسعيدية إلى عالم المجهول بسبب احتراب الناس فيما بينهم أي هدموا بأيديهم مجدهم وضيعوا مواريثهم باختلافهم.
إذا عدم الأمن سادت، فوضى السلاح وصار الاحتكام إليه سد الموقف بين الأفراد خاصة إذا كان المجتمع قبليا وكان فيه من يتعصب للقبيلة ويقدم الولاء لها ولو على حساب الوطن الأم والجامعة الكبرى عمان عمان،عمان
إذا فقد الأمن وانقسم الناس من ساسة وشعب استنجد الجميع بالخارج الأجنبي وذلك شر سواء أكان التدخل عربيا او غربيا فكله أجنبي
لا يتدخل أحد في بلد بطلب تلك البلد لوجه الله ولكن لذلك،التدخل ضرائب كثيرة مثل فقدان البلاد السيادة والاستقلال السياسي والجغرافي والثقافي فالدول التي تتدخل في دول أخرى تفرض أجندتها وشروطها وللأسف بسبب انقسام أهل عمان الساسة والشعب قبل يوليو 1970 تدخلت دول وكل طرف مال إلى دول يطلب منها نصرة ودعما مزعوما موهوما
إذا لم يوجد الأمن فلن يكون هناك،نسيج اجتماعي خاصة إن كان الانقسام قبليا أو جهويا وذلك مقتل البلدان وهو وسيلة ذهاب هيبتها وطريقة تلاشي ما كانت عليه من مجد، بل يصير البيت الداخلي ضعيفا مهلهلا
إنه أي تقديم القبيلة على الدولة نذير شؤم على البلاد ولا شك يهدم العلاقات الاجتماعية داخل الوطن،وذلك ما كان قبل يوليو 1970
لا يمكن أن ينهض اقتصاد أو تسود مشاريع في غياب الأمن بل الفقر يكون سيد الموقف ويكون دافعا للهجرة وهذا من أسباب هجرة بعض العمانيين للخارج طلبا للأمن وبحثا عن تحسين الوضع الاقتصادي
رأس المال جبان يتأثر ولو بتغير طفيف في أحوال الطقس فكيف إذا كان الأمن غير موجود ?,
لم يكن الوضع التعليمي في عمان قبل يوليو يشار إليه بالبنان وكيف يكون التعليم مزدهرا والأحوال الأمنية في البلاد لم تكن شيئا مذكورا ثم كيف يزدهر التعليم إذا كان بحسن نية أو غيرها لا يؤخذ بوسائله ?
تتحول البلاد إلى طاردة لساكنيها فضلا عن الأجانب ولن تكون جاذبة إذا غاب أمنها واستقرارها
تلك حالة موجزة عن الوضع في البلاد قبل يوليو ومن كان في شك فليسأل أبا أو جدا أو عما أو خالا أو جارا مسنا
تغير الوضع فور الثالث والعشرين من يوليو لبست عمان حلة قشيبة تسر الناظرين حول السلطان قابوس الولاء لعمان الأم الكبرى بدل الولاء للقبيلة مع احترامها وتقديرها لكن عمان عمان عمان أوجب وأولى
تبدل الوضع فلم يعد هناك حواجز ونقاط تفتيش على أهل عمان كافة ورفع جلالته قيود التنقل وأغلال التمييز بين سكان عمان
بسط السلطان الأمن في عمان كافة لذلك عاد من خرج منها خائفا عاد إليها من الخليج وشرق أفريقيا آمنا مطمئنا
لم تعد البندقية ملازمة للرجل ولم يكن بحملها كعنوان على الرجولة بقدر ما كان يدل حملها على خوف ووجل واختلال أمن
لم تعد الهجرة من عمان بعد الثالث والعشرين من يوليو قدرا مقدورا إلا حراكا من أجل مزيد من العلوم أو ابتعاثا كسبا لمعارف وخبرات
بعد يوليو لن تغلق البلاد،في وجه أهلها ويمكن للناس كافة الحل والترحال والسفر والعودة في ساعة من ليل أو نهار دون خوف من رصاصة عن عمد أو طائشة
حل بساط الأمن في عمان بفضل جلالة السلطان وهذا يعني الاستقرار وبدء نهاية تدخل الأطراف الخارجية في عمان العربية والغربية فكل تدخل من أي كان مصدره عربيا أو غربيا هو شر مستطير
نعم حل الأمن بعمان بعد الثالث والعشرين من يوليو وهذا يعني بداية عودة النسيج الاجتماعي بين أهل البلاد فلا تحزب قبلي ولا انحياز جهوي وذلك ما يجب أن يستمر فلا يليق بمتعلم أو مثقف أن يركن إلى شيء مما يعكر الحياة في عمان ولا يليق بمتعلم أو مثقف أن يقدم ولاء الجهة أو القبيلة على الولاء للأم الكبرى عمان عمان عمان
تحسنت أوضاع البلاد التعليمية وتم افتتاح المدارس في كل سهل ووعر وجبل وصحراء تحت الشجر وداخل الخيام حتى ارتفعت المدارس بالمواد الثابتة فالمهم مسابقة الزمن من أجل التعليم المجاني لكل عماني وقد أنجز السلطان ما وعد به منذ بداية حكمه
تحسنت الأوضاع الاقتصادية بعد الثالث والعشرين من يوليو وهو أمر تابع لتحسن الوضع الأمني
ليس هناك عمان الداخل وعمان الساحل بمعنى الانقسام ولكن بالمعنى الجغرافي فهو أمر عادي ولم تعد هناك سلطنة مسقط وعمان بل سلطنة عمان فقد أعاد ولي أمر عمان جلالة السلطان التسمية السابقة لعمان المجد والدولة الراسخة القديمة عمان ثم بين نوع النظام،السياسي الذي سيكون عليه المسار وهو حكم سلطاني فكانت سلطنة عمان
لم تعد في السلطنة رايتان وعلمان بل علم واحد ينضوي تحته أهل عمان كافة وتخير ولي امر عمان ألوان العلم العماني الجامع اللون الأبيض وهو كان يشير إلى ايدلوجية معينة والعلم الأحمر وهو يشير إلى ايدلوجية معينة ثم أضاف إليهما اللون الأخضر
إن في اختيار اللونين الأبيض والأحمر إشارة من جلالته إلى أن عهده جامع لأهل عمان كافة وإن دولته لن تقصي أحدا بناء على الايدلوجية التي كان عليها وإن دولته تتسع للجميع
علينا معاشر أهل عمان أن نحفظ عمان كمنهج سياسي قائم جامع أرساه ولي أمر عمان جلالة السلطان ونحفظ عمان جغرافيا بأن نكون لها جندا وحراسا فقعر وادي فيها وقمة جبل أو كهف أو ذرة تراب أو سهل هي جوهرة ودرة
ونحفظ عمان أمنا فلا نخطو خطوة تعكر صفو الحياة فيها وكم من متربص بعمان يود ان يتغير حالها من الأمن والاستقرار لعله يحقق بعض أهدافه وينفذ بعض أغراضه لكن هيهات هيهات أن يكون ذلك إذا ما حفظ الشعب كله أمن عمان
ونحفظ عمان بالحفاظ على قيم أهل عمان وعاداتهم وتقاليدهم وفكرهم وثقافتهم فالصندوق السيادي الضخم لعمان هو هذا الموروث الحضاري والقيمي والعادات إذ ليس لنا صناديق سيادية طائلة من المليارات لكن كل من زار السلطنة أو نزل بها من سفير أو قنصل أو سائح أو تاجر أو موظف أو عامل أشاد بالصندوق السيادي لأهل عمان من الساسة والشعب وهو القيم،والأخلاق وعدم التدخل في شؤون الدول وعدم تأجيج الفتن في الدول
وختاما يقال من لم يشكر الناس لم يشكر الله فشكرا لجلالة السلطان قابوس إذ أنقذ البلاد من تيه الفرقة إلى الاجتماع ومن مأزق التناحر إلى روح الائتلاف ومن مرارة الفقر إلى حالة الرخاء ومن تعدد الولاآت إلى الولاء للدولة عمان عمان عمان ومن تصارع الأجنحة السياسية إلى نظام حكم مستقر لم يعتمد القبضة الحديدية في إدارة البلاد ولم يواجه من كان ثائرا قبل الثالث والعشرين من يوليو ينثر الجماجم ولكن بمقولة عفا الله عما سلف في خطاب شهير لجلالة السلطان ولي أمر عمان
هنا العفو عمن زل أو أخطأ سياسيا سيد الموقف لا تسود روح التشفي عند ولي أمر عمان فلا إعدامات ولا فصل رؤوس عن أجساد ولا نفي من عمان ولا سحب جنسية فيغدو العماني مع أهله طريدا شريدا تائها بعيدا مهموما مغموما