أبجد

تأبين متأخر للحظات ميتة!

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

أثير- سعدية مفرح

تأبين متأخر للحظات ميتة!

حفراً في الداخل، نمضي نفتش عن لحظاتنا الجميلة التي مضت من دون وداع ولا تلويحة أخيرةولا صورة فوتوغرافية للذكرى
لحظاتنا التي انسربت في شقوق العمر، فضاعت بلا تنويه ولا إعلان ولا دمعة حزن!
لحظاتنا التي ضاعت كأنها لم تكن، هي التي نعرف الآن أننا لم نكن أبداً لولاها!
لحظاتنا التي مضت، ولم نكتشف أنها مضت إلا الآن.
لحظاتنا التي عشناها كعمر كامل رغم أنها مجرد لحظات عابرة لم نكن لنهتم بتوثيقها ولا تصويرها ولا تخليدها، ولم نكن لنستطيع على أية حال!
لحظاتنا المغمسة بالحليب والقرفة وحبيبات السكر الناعمة التي نتذوق نكهتها قبل أن نستلذ بنسغ طعمها فتثور كوامن الشهوة وتلمع الحدقات بلونها السحري ويستعر الجسد بحثاً عن يقينه الأبدي.
لحظاتنا الفائرة بالرغبة الحقيقية بعد أن تحققت خيالاتنا المحرمة على حين وجد مفاجئ.
لحظاتنا الخالدة، رغم انها بالكاد حدثت ومضت..
كرعشة يدين يتماسان للمرة الأولى تحت مظلة العشق،
أو كانتفاضة عصفورة محلقة في ظلال غيمة،
أو كبارق في سماء الصيف.






لحظاتنا الخالدة وحسب!
*** *** ***
حفراً في تاريخنا الشخصي نمضي بخطوات الحذر والتؤدة أولاً، قبل أن تتحول إلى هرولة بسرعة تصرم السنوات بعد الأربعين، مصرين على العثور عليها واستعادتها!
هل تعود لحظاتنا الخالدة؟
هل نستحقها ثانية؟
نحن الذين أضعناها مع سابق الاصرار والنزق؟.
أضعناها لأننا لم نكن ندرك أنها تساوي العمر السابق واللاحق كله!
ولم نكن نتخيل أننا سنبحث عنها ذات يوم، مستعدين لأن نستبدلها بكل لذائذنا المعلنة كفرح لنا وللآخرين.
ولم نكن نعي أننا سنبكي وسنحترق في سعير الندم عليها، بعد أن نكتشف عجزنا التام عن تقليدها أو استعادتها أو حتى استعادة لذتنا عندما عشناها.





*** *** ***
لا نملك من لحظاتنا الخالدة الآن الآن سوى تلك الظلال الحزينة الموشاة بالعطر والخيال باسم الذكريات.
لكن الذكريات ليست سوى خيال مآتة تفزع الطيور العابرة للحقول وتسخر منها الأعشاش المكتنزة ببيضها وطيورها المقيمة!
حفراً إلى الداخل نمضي،
نتكور على أنفسنا،
نحاول أن نعود بظهورنا إلى غابر الفرح والدهشة،
فنعود لكل شيء ماض إلا الفرح والدهشة والارتعاشات الأولى!
نتحين الفرصة لنتحدى الحياة في قدرتنا على امتلاك كل لحظاتنا،
فتمد لنا لسانها ساخرة من عنفواننا المنتحر تحت أقدامها!
*** *** ***






حفراً إلى الداخل نمضي…
فلا نجد ما نبحث عنه،
ولا نجد أنفسنا،
ولا نستطيع أن نكمل المضي!
أي مأزق؟!



Your Page Title