أخبار

تأملات من كوريا (4): ترشيد الاستهلاك والبلاستيك “أنموذج”

تأملات من كوريا (4): ترشيد الاستهلاك والبلاستيك “أنموذج”
تأملات من كوريا (4): ترشيد الاستهلاك والبلاستيك “أنموذج” تأملات من كوريا (4): ترشيد الاستهلاك والبلاستيك “أنموذج”

ناصر الحارثي

من النقاط التي تلفت الانتباه في كوريا الجنوبية هو السعي الدائم إلى إعادة تدوير المنتجات وترشيد الاستهلاك حتى في الأماكن ذات الخدمات الراقية، فمن الصعب جدا استنزاف موارد الطبيعة في بلد يضع كل قدراته وإمكاناته للمحافظة على الموارد الطبيعية ويُعدّها هبة ثمينة صعبة المنال.

لذا لا غرابة أن تجد الكوري وهو في غرفته يعزل فضلاته وينظمها حتى يستطيع رميها بطريقة مناسبة وسهلة، وعند الذهاب إلى غرفة المهملات تجد أن كيس القمامة يحتاج إلى فصل وعزل كل المواد إلى 7 أصناف وهناك كاميرا تراقب تعامل الناس مع الفضلات، وأما في الشوارع فمهمة الحصول على سلة المهملات هي من أصعب المهمات لذلك عندما تشرب عبوة ماء أو كوب من القهوة فمن الصعب أن تجد قمامة قريبة منك وتظل ممسكا بها حتى تجد قمامة ثلاثية التصنيف وترمي فيها العبوة الفارغة، فالمهملات مسؤولية ليست في قيمة النظافة وحسب بل أيضا مسؤولية بيئية، وأما إذا كنت تسكن في فندق يتمتع برفاهية عالية فلا يعني أن استنزاف الموارد أمر ممكن لأنها مسؤولية الجميع لذا تجد الأكواب الورقية الصغيرة تحل محل الأوراق الكرتونية وذلك لترشيد الاستهلاك، كما أن الفندق يراقب استهلاك الماء في كل غرفة وكذلك عملية ترك الأدوات الكهربائية مفتوحة كجهاز التكييف والثلاجة وكل ما يؤدي إلى استنزاف الموارد الطبيعية، وهنا يجعلنا نستذكر نقاط مهمة فلطالما ارتبط رمي المهملات في أماكنها بالنظافة والمحافظة على المظهر العام ولكن القضية في الحقيقة أعمق من ذلك فهي قضية بيئية واستنزاف لموارد بشرية وطبيعية في الآن ذاته، لذلك تعزيز قيمة النظافة وترشيد الاستهلاك هو واجب ومسؤولية إنسانية ووطنية، وهو ما لا يفهمه الكثير من الناس في بلدنا والأمر غير عائد إلى عدم الوعي بل لغياب القانون الذي يساعد الناس على ترشيد الاستهلاك، فالكل يعرف ضرر البلاستيك ولكن أكياس البلاستيك مجانية بينما الورقية التي تسمح بإعادة التدوير مكلفة، لذلك عندما أذهب لمركز تسوق في كوريا فالكيس الورقي قيمته 20 بيسة بينما البلاستيكي 400 بيسة، بينما في السلطنة الأكياس البلاستيكية مجانية وإذا طلبت من البائع ألا يضع الأغراض في الكيس لأن السيارة قريبة ينظر إليك باستغراب بل وفي كثير من الأحيان يحاول فصل الأغراض في عدد كبير من الأكياس دون داعٍ.

عند تشغيلي للمذياع وأنا أقود السيارة في السلطنة أسمع عن ضرر البلاستيك لكن أطراف الشارع تتناثر فيه الأكياس والعبوات البلاستيكية، فالقضية في المقام الأول ليست قضية وعي ومحاضرات تثقيفية، بل كل ما أطالب به هو وجود قوانين تنظيمية تساعد على تقليل استهلاك البلاستيك غير القابل للتحلل.

 

Your Page Title