أخبار

الغافري يفوز بـ”أفضل بحث دكتوراة”.. ويوجه نصيحة للشباب العُماني

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

أثير – سيف المعولي

فاز الدكتور العُماني سيف بن زاهر الغافري بجائزة أفضل بحث دكتوراة على مستوى الشرق الأوسط في الابتكار والاستدامة للطاقة من معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك) 2015 الذي أقيم الأسبوع الماضي. وهي الجائزة التي تم استحداثها لأول مرة هذا العام ضمن مجموعة الجوائز المقدمة من أديبك حيث تستهدف تكريم الجهود الأكاديمية الاستثنائية التي يظهرها طلبة الدكتوراة الدارسون في تخصصات تصلح لتطوير قطاع الطاقة.

“أثير” تواصلت مع الدكتور سيف الغافري للحديث عن هذا الإنجاز الذي يُحسب للشباب العماني المبدع والطموح.

يتحدث الدكتور سيف في البداية بنبذة عن نفسه قائلا:” أكملت دراسة بكالوريوس هندسة كيميائية بجامعة نوتنچهام بالمملكة المتحدة (2003-2006)، ودرجة الماجستير بالكلية الإمبراطورية بلندن عام 2007، بعدها توظفت كمهندس عمليات في شركة تنمية نفط عمان لمدة سنتين حتى عام 2009 ، وفي العام نفسه (2009) حصلت على منحة لدراسة الدكتوراة مقدمة من الكلية الإمبراطورية بلندن. ويضيف الغافري:” أكملت دراسة الدكتوراة في نهاية 2013م، ومنذ ذلك الحين حتى الآن أعمل كباحث مشارك في الكلية الإمبراطورية. وعملي الحالي مرتبط بالطاقة النظيفة حيث توجد الكثير من المشاريع الضحمة والطموحة في الكلية الامبراطورية التي تهدف إلى التقليل من الانبعاثات الضارة للبيئة وتطوير الكفاءة والاستدامة في مجال الطاقة والطاقة المتجددة.

ويوضح الدكتور سيف الغافري رسالة الدكتوراة التي فازت بالجائزة بقوله:” تركزت رؤية رسالة الدكتوراة على إيجاد حلول لواحدة من أهم التحديات التي تواجه الكرة الأرضية وهي “التغيرات المناخية” التي من أهم أسبابها انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وتداعيات ذلك على طبقة الأوزون، ومن الحلول المقترحة للتقليل من انبعاث هذا الغاز هو تخزينه في المكامن الصخرية لآلاف السنين بعد فصله عن بقية الغازات المنبعثة من محطات إنتاج الكهرباء وعمليات التكرير والمصانع وغيرها من العمليات الباعثة لهذه الغازات الضارة ، وكي نتمكن من القيام بهذا بطريقة آمنة وفعالة فإنه لا بد لنا من فهم الخواص الفيزيائية والفيزياء الحرارية للمركبات (المخاليط) الموجودة في باطن الأرض عند ضخ غاز ثاني أكسيد الكربون ، وهذا يتطلب عمليات مختبرية صعبة ومعقدة جدا تحاكي الضغط والحرارة الموجودة في هذه المكامن الصخرية، لهذا تركزت رسالة الدكتوراة على ثلاثة محاور رئيسية هي: أولا تصميم المعدات اللازمة التي من خلالها نستطيع القيام بالعمليات والتجارب المختبرية تحت ضغط ودرجة حرارة عالية جدا ، وثانيا: القيام بالتجارب اللازمة لهذه المركبات التي من خلالها نتمكن من فهم خصائص الفيزياء الحرارية وتصميم العمليات اللازمة لتخزين غاز ثاني أكسيد الكربون بطريقة آمنة وفعالة، وثالثا: العمل على تطوير النماذج النظرية والمعادلات الرياضية التي من خلالها نستطيع التنبؤ بهذه الخصائص دون الحاجة للقيام بالتجارب المختبرية في كل مرة”

ويُكمل الدكتور سيف حديثه لـ”أثير” بذكر أهم نتائج دراسته وتوصياتها قائلا:” أهم النتائج والتوصيات تمثلت في توفير البيانات اللازمة والمهمة التي تمكننا من تصميم العمليات اللازمة لتخزين غاز ثاني أكسيد الكربون في الأرض ، وأيضا توفير المعادلات والنماذج الرياضية القادرة على التبنؤ بدقة كافية بطبيعة الخواص الفيزياء الحرارية لهذه المركبات في ظروف تحاكي التنوع الكبير في الضغط والحرارة الموجودين في هذه المكامن ، وأيضا فإن تصميم المعدات والآلات اللازمة كان أحد أهم النتائج كون هذه المعدات وفرت لنا البيئة المناسبة والدقيقة للقيام بكل التجارب المختبرية اللازمة كما أن طبيعة المعدات المصممة منحتنا أفضلية في القيام ببعض التجارب المعقدة ولأول مرة في هذا المجال ومنحتنا أفضلية في طبيعة البيانات اللازم توفيرها من أجل الحصول على نماذج رياضية أكثر دقة وكفاءة مما هو متوفر حاليا عند شركات الطاقة، ومن أهم التوصيات التي خرجت بها الدراسة هي الحاجة لمزيد من العمل فيما يتعلق بالجانب المختبري والنظري كون فهمنا لهذه المركبات عند إضافة غاز ثاني أكسيد الكربون لها ما زال محدودا.

وبسؤال لـ”أثير” عن كيفية تلقيه لخبر فوزه بأفضل بحث على مستوى الشرق الأوسط يجيب الغافري:” أسعدني الخبر كثيرا، حيث كانت المنافسة مفتوحةً للجميع دون استثناء من كل دول العالم وجودة البحوث المقدمة كانت عالية جدا، ومرت عملية الاختيار بـ 3 مراحل صعبة لتحديد الفائز في عملية تقييم دقيقة وصعبة أجرتها لجنة تحكيم إقليمية مؤلفة من 28 حكماً من كبار المختصين من شركات نفط وطنية وعالمية ومؤسسات أكاديمية وجمعيات مهنية ، كما أن طبيعة الجائزة وطبيعة لجنة التحكيم فيها أضفت إلي الكثير من السعادة والفخر وهي رسالة لي وللجميع أنه –عند توفر الإرادة والبيئة المناسبة- نكون قادرين على تحقيق الكثير”.

ويضيف:” في الحقيقة أسعدتني فرحة الأهل والجميع الذين كانت دعواتهم وكلماتهم الداعمة المحفز لي طوال السنوات الأربع من بحث الدكتوراة، ومما أسعدني أكثر هو النظرة البعيدة للجنة التحكيم باختيار بحوث تلامس قضايا تهم البشرية وليست محصورة في الشرق الأوسط فقط ، والمميز في هذه الجائزة أنها كانت على مستوى دولي، علما بأنني حصلت قبل ذلك على جائزتين قيمتين (لهما علاقة ببحث الدكتوراة) لكنهما كانتا على مستوى الكلية الإمبراطورية فقط”. وأنا أعدُّ الجائزة بالنسبة لي رسالة أخرى ومتجددة لي وللجميع بأنه لا حدود للإبداع مهما كانت العوائق والصعوبات كثيرة في بداية الأمر”!

وحول أفكاره المستقبلية يقول الدكتور سيف:” ما زال هناك الكثير لأتعلمه ، شخصيا قناعاتي واهتماماتي مرتبطة بالجانب العلمي والبحثي في المقام الأول ، وبخاصة فيما يتعلق بالطاقة، والطاقة النظيفة والمتجددة والطاقة المستدامة مع التركيز دائما على الجودة في كل ما نقوم به من بحوث والعمل على تطوير جودة البحوث المقدمة من عمان و الشرق الأوسط بشكل عام وأهميتها، أما حياتي العلمية فأجدها في مجالات كثيرة (ليست محصورة في الجانب الفيزيائي والفيزياء الحرارية) ، وعلى المدى البعيد أتمنى أن تكون لي بصمة واضحة في عمان في الارتقاء بجودة البحوث والعمل على تطوير البحوت المتعلقة بالطاقة بكل أشكالها وإيجاد تطبيقات مباشرة لها في السلطنة والخليج العربي بشكل خاص. وحاليا أجدني ما زلت بحاجة ماسة للكثير من الخبرات المتعلقة بهذا المجال ولهذا أجدني أحرص كثيرا على الاستفادة من الفرص المقدمة من الجامعات العالمية القوية حيث إن العمل وطبيعته في هذه الجامعات يمنحنا الكثير من السلوكيات والخبرات التي نحتاجها من أجل أن نصل إلى مراحل متقدمة جدا في الجودة والتطوير والابتكار”.

ويوجه الدكتور سيف الغافري من خلال حواره مع “أثير” نصيحة للشباب العماني قائلا:” على الشباب العُماني أن يضع دائماً أهدافا بعيدة المدى لها انعكاسات مستدامة من دراسته لتخصص معين، أسمى من أن تكون لتقلد منصب رفيع أو للحصول على مرتب عالٍ فقط ، فالدكتوراة هي رسالة حياة وصناعة للذات والفكر ويجب أن يكون الهدف منها ليس فقط الجانب التقني وإنما أيضا تطوير شخصياتنا وسلوكياتنا الانسانية إذا ما كنا نرغب حقا في إنشاء أجيال قادرة على القيادة والتفكير بطريقة مختلفة. وهذه أيضا دعوة لي وللجميع للارتقاء بكل من نقوم به من أعمال ويكفينا قول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه” مقياسا ومنهاجا وأداة للرقي والتفكير.

ويضيف:” أيضا يجب التحلي بالصبر والإيمان بأهمية ما نسعى من أجل تحقيقه وألا تكون العقبات –كون دراسة الدكتوراة ليست عملية بسيطة وسهلة خصوصا في بعض التخصصات العلمية المعقدة- عاملا مثبطا بقدر ما يجب أن تكون دفعةً لنا كي نجتهد أكثر من أجل تحقيق الأفضل، وعلينا جميعا أن نبتعد أيضا عن المغالاة في ما نقوم بتحقيقه، فكل رسالة دكتوراة تتضمن إضافة جديدة للبشرية، وبالتالي هي مسؤولية لنا جميعا، وعلى الإعلام عدم المبالغة، وأن يكون التقدير للتقدير ذاته لا من أجل المباهاة الاجتماعية. ورسالتي لكل طالب دكتوراة هي الاهتمام بالجودة ، وأيضا استثمار الدكتوراة من أجل تطوير كل السلوكيات التي نحتاجها كمهارة الإلقاء والعرض والكتابة والنقاش والبحث عن الحلول ، والتمسك بالأمل والطموح والرغبة في تحقيق كل ما من شأنه الارتقاء برسالة الدكتوراة! وأيضا أولئك الذين خاضوا هذه التجربة يدركون كمية التحديات التي يمر بها طالب الدكتوراة وحجمها، ومن تجربتي الشخصية فحجم التحديات كان كبيرا جدا إلا أنه مع كثير من العمل والإصرار نتغلب على كل هذه التحديات لتكون المحصلة بحثا غنيا بالمعرفة والجودة ليكون انطلاقة لك ولذاتك لتحقيق المزيد، وأحيانا نصل إلى مرحلة انعطاف ولحظتها فقط نكون بين خيارين إما الاستسلام لتكون المحصلة هزيلة وضعيفة أو الإصرار والعمل بجهد أكبر لتكون المحصلة رائعةً بروعة تلك الجهود والناجحون هم من تكون انعطافتهم إصرارا وانطلاقة” ، وربما يكفي أن أختصر بالقول إن رسالة الدكتوراة الجيدة والمثمرة هي تلك التي يكون لها انعكاسات حقيقية وفعالة في واقع ونمط حياتنا الشخصية وكيفية تفكيرنا ونظرتنا للأمور”

ويختم الدكتور سيف الغافري حديثه بالقول:” علينا أن ندرك أن العالم غنيٌّ بالفرص والمنح لمن يسعى لها وهي دعوة مني للجميع وبالذات للشاب العماني الطموح ألا نحصر خياراتنا في المنح المقدمة فقط من الجهات الحكومية أو الخاصة في السلطنة! فالشاب العماني قادر على الإبداع والمنافسة خارج حدود السلطنة والفرص جدا كثيرة، ومن تجربتي الشخصية والعميقة فإن المنح المقدمة من الجامعات العالمية –في حال الحصول على أحدها- ستمنحك من الخيارات والتجارب التي تجعل مستقبلك العلمي والعملي أكثر ازدهارا، كما أن المنافسة على مستوى عالمي هي تجربة بحد ذاتها ترتقي بخبراتنا وتقييمنا لذواتنا التواقة للعلا”

Your Page Title