علي عمر سالم الحداد
تنفرد العلاقات العمانية داخل منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية بكونها تمثل أنموذجا فريدا في المنطقة حيث أسهمت الروابط المتجذرة بين المجتمع الخليجي وعلى امتداد عقود متعاقبة في ترسيخ ثقافة المحبة والود والاحترام المتبادل والتعامل مع أي تباينات في وجهات النظر حيال بعض القضايا الطارئة والتي تتميز بالشفافية في مختلف المسارات، وأنها مجرد رؤى لا تفسد للود قضية. وتشكل السلطنة جزءا حيويا وعضوا رئيسيا في منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تأسست عام 1981 م والتي تعمل على دفع المسيرة الخليجية نحو آفاق من التقدم والرقي والازدهار .
لقد أسرفت العديد من وسائل الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي في الترويج لتسريبات مختلفة ملفقة عن وجود خلافات بين مسقط وبعض عواصم دول الخليج استنادا إلى استنتاجات سطحية وغير موضوعية وهو طرح يتسم بالكثير من الجهل السياسي وعدم التعمق في مجريات الأحداث على الرغم من وجود من يعمل على دق مسمار الخلاف ومحاولة التأثير في الرأي العام للبيت الخليجي لتقويض منظومة مجلس التعاون التي صمدت في وجه المواقف والفرقة والشتات، فالسلطنة لا تسمح إطلاقا بتوتير علاقتها الأخوية مع أشقائها في هذه المنظومة الخليجية فأمن الخليج العربي أولوية استراتيجية للقيادة العُمانية الحكيمة .
من جهتها تبدي دول مجلس التعاون تقديرا واحتراما كبيرا لمواقف السلطنة في مختلف القضايا بتفهمها أن هذه المواقف تنطلق من ثوابت المبادئ التي ترتكز عليها السياسة العمانية المعتدلة والقائمة على الالتزام بالحياد الإيجابي إزاء قضايا الصراع والنزاع وعدم الانحياز الى أي طرف وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والإسهام بدور فاعل في تسوية الخلافات والصراعات في المنطقة وفقا لقاعدة الوقوف على مسافة واحدة من أطراف النزاع، والبعد عن المشاكسات والمناكفات السياسية والتجاذبات الطائفية والحفاظ على علاقاتها في دائرة تسودها روح المحبة والسلام والمصالح المشتركة، فنهج السلطنة السياسي يدعو إلى ذلك ومواقفها واضحة وصريحة في كل القضايا المعقدة والشائكة، ومواقفها تعكس إيمانها الحقيقي بأن الصراع والنزاع لا يصنع الحل أو السلام .
وأخيرا تبقى حميمية العلاقات التاريخية التي تربط السلطنة بأشقائها دول مجلس التعاون أكبر وأكثر عمقا وتجذرها من أن تتأثر لمجرد تسريبات ملفقة دأبت ولا تزال على محاولة افتعال الإثارة المفتقدة للحد الأدنى من المصداقية والموضوعية .