أثير- المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
تُعدّ التنزيلات ظاهرة تجارية تعرفها كل أسواق العالم ومنها السلطنة، وتلجأ إليها الكثير من الشركات الكبيرة والصغيرة، وذلك لتحريك الركود في الأسواق وتسويق منتجاتها الراكدة في المخازن أو لقرب انتهاء عمرها الافتراضي أو أنها ستطرح صنفا جديدا بمواصفات أخرى فتقوم بالتخلص من المنتجات السابقة بعمل التخفيضات، فتقوم ببيع منتجاتها بأسعار أقل قد تصل إلى سعر التكلفة أحياناً أو بأقل خوفاً من تلفها أو كسادها، وهي في الصورة الإيجابية مسلك محمود تهدف منه الشركات إلى تحريك الركود الذي قد يصيب منتجاتها في بعض المواسم، ولكن للأسف قد يلجأ بعض التجار إلى تظليل المستهلك وخداعه وذلك بقيامهم بعمل دعاية وإعلان بوجود تخفيضات قد تصل إلى (50%) لجر المستهلك إلى التسوق في ظل تخفيضات وهمية، سواء من ناحية الأسعار أو جودة السلع التي من ضمن التخفيضات.
وفي زاويتنا القانونية لهذا الأسبوع عبر “أثير”سنتحدث عن ضوابط العروض الترويجية أو التخفيضات على أسعار السلع والخدمات وعقوبة من يخالف تلك الضوابط وفقا لقانون حماية المستهلك ولائحته التنفيذية.
في بداية الأمر يتوجب أن نقف على ضوابط العروض الترويجية أو التخفيضات على أسعار السلع والخدمات؛ فإنه وبهدف ضبط التنزيلات التجارية صدر المرسوم السلطاني (66/2014) الخاص بقانون حماية المستهلك، حيث تنص المادة (31) منه على وجوب التنسيق بين وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة لحماية المستهلك بخصوص إصدار تراخيص العروض الترويجية والتخفيضات على أسعار السلع والخدمات، وذلك لكي تكون هذه التخفيضات تحت رقابة الجهات الإدارية المناط بها مراقبة تقلب الأسعار في السوق وضبط عدم التلاعب بها، وعلى ذلك صدر القرار الوزاري (85/2008) من وزارة التجارة والصناعة محدداً الشروط الواجب توفرها في العروض الترويجية والتخفيضات وهي كالآتي:
1- التقدم بطلب إلى وزارة التجارة والصناعة قبل شهر عن موعد بدء التخفيض.
2- أن يرفق بالطلب قائمة السلع التي يشملها التخفيض مبيناً سعرها قبل التخفيض وبعده ونسبة التخفيض وتاريخ بدء التخفيض ونهايته.
3- ولا يجوز أن تقل نسبة التخفيض لأية سلعة عن 20% من الأسعار التي كانت محددة لها قبل التخفيض.
4- يجب أن تكون السلع التي يجرى عليها التخفيض في حالة جيدة وخالية من العيوب مع سريان الضمان والكفالة للسلع التي تحتاج الى خدمة ما بعد البيع في الأحوال العادية.
5- إذا كانت السلعة بها عيوب وتباع بسعر مخفض بنسبة تخفيض تزيد عن مثيلاتها وجب توضيح ذلك للمستهلك.
6- يجوز إجراء التخفيضات على أسعار السلع 4 مرات في السنة لمدة شهر واحد في كل مرة، ويجوز دمج كل فترتين في ترخيص واحد.
7- لا يجوز الإعلان عن التخفيضات بأية وسيلة من وسائل النشر قبل الحصول على موافقة الوزارة المسبقة.
8- يجب على الوزراة أن تبت في الطلب خلال 15 يوما.
جدير بالبيان أن نسبة التخفيض المشار إليها في البند رقم (3) هي نسبة تنظيمية ويجوز أن ترفع متى ما قدرت الجهة المختصة بوزراة التجارة والصناعة الموافقة على زيادتها وفق مقتضيات كل حالة لوحدها، كما جاءت أحكام اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك رقم (77/2017) منظمة للتخفيضات على أسعار السلع والخدمات حيث تناولت المادة (36) ضرورة الحصول على الموافقة من الجهة المعنية بعد التنسيق مع الهيئة وقائمة الأسعار والسلع خلال فترة التخفيض.
وبعد أن يحصل التاجر على الترخيص اللازم لإجراء التخفيضات يقوم بالإعلان عنها في وسائل الإعلان المختلفة والتي أهمها أن ينشر الملصقات والمنشورات ويعلق لوحات الإعلانات بمحله التجاري، ولكن ماذا لو خالف هذا التاجر في إعلانه الترخيص المسموح به؟
وجواب ذلك أن الإعلان سيكون من قبيل التضليل للمستهلك، وهو غش تجاري حرمته الشريعة الإسلامة فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديثه الشريف “من غشّنا فليس منا”، فضلاً عن أن القوانين والتشريعات في وطننا الحبيب عمان قد نظمت عقوبات على هذا النوع من الإعلانات، والتي تسمى بالإعلانات المضللة، والإعلان المضلل وفق قانون حماية المستهلك هو كل إعلان يؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى خداع المستهلك، وتنص المادة (14) من الفصل الثاني «حقوق المستهلك» في الفقرة «ج» على حق المستهلك في ضمان جودة السلعة والخدمة والحصول عليها بالسعر المعلن. كما تنص المادة (20) على التزام كل من المزود والمعلن بالشفافية والمصداقية والبعد عن أعمال الدعاية والإعلانات الزائفة أو المضللة عند الترويج عن السلعة أو الخدمة التي يقدمها للمستهلك.
من أمن العقاب أساء العمل، ومن منطلق هذه المقولة فإن المشرع العماني لم يترك مسألة تضليل المستهلكين بلا عقاب رادع لكل من تسول له نفسه إجراء مثل هذه التخفيضات الوهمية والإعلانات المضللة، فالعقوبات المترتبة على مخالفة ضوابط التخفيضات تناولتها المادة (41) من قانون حماية المستهلك، إذ عقوبة كل من لا ينسق مع الجهة المعنية والهيئة العامة لحماية المستهلك في الحصول على التراخيص والموافقات بشأن التخفيضات، هي بفرض غرامة لا تقل عن مائة ريال و لا تزيد على خمسة آلاف ريال عماني، بالإضافة إلى السجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن ألفي ريال ولا تزيد على خمسين ألف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام بأعمال الدعاية والإعلانات الزائفة والمضللة عند الترويج عن السلعة أو الخدمة التي يقدمها للمستهلك.
وللمحكمة المختصة السلطة التقديرية بمصادرة وإتلاف السلع ووقف النشاط أو إغلاق المحل المخالف بصفة مؤقتة أو نهائية.
وختاماً فإن مناط متابعة السوق وما قد يقع فيها المزود أو المعلن من مخالفات يقع على عاتق مأموري الضبط القضائي الذين لهم صلاحية ضبط تلك المخالفات والتعامل معها إما إدارياً وفق الصلاحيات القانونية الممنوحة للهيئة أو إحالة المخالفين لقانون حماية المستهلك ولائحته التنفيذية للادعاء العام الذي بدوره يتولى الدعوى العمومية وله مُكنة التقرير إما بحفظ الدعوى أو إحالتها للمحكمة المختصة.