أثير- سيف المعولي
تحدثن وفي نفوسهن غصة؛ فهن طالبات وموظفات لم يتصورن أن العيش خارج ولاياتهن لطلب الرزق أو العلم قد يسلب منهن الراحة النفسية والاطمئنان، ويجعلهن في قلق دائم، وفي بحث عن حل “مُستعصى” – حتى الآن- إلا إذا كان لـ “الجهات المختصة” كلمتها.
هن طالبات وموظفات عمانيات مقيمات في العاصمة مسقط من أجل الدراسة والعمل وتحديدًا في الخوير. تنقل “أثير” معاناتهن التي أردن أن تصل إلى مسامع الكل خصوصًا “الجهات المختصة”.

منظر في أحد المطابخ
تقول كوثر الصالحية :” هي ليست قضية سكن واحد فقط ، نتحدث عن سكنات الطالبات في الخوير، مجموعة سكنات ليست لجهة واحدة أو مستثمر واحد ، بل هي سكنات خاصة يملكها مُلاك مختلفون ، لمجموعة من الطالبات من مختلف المؤسسات التعليمة كالتقنية العليا، وطالبات من كلية عمان الطبية وغيرها ، بالإضافة للمتدربات والموظفات، ولكن يتعارف بأن هذه السكنات تندرج تحت إشراف الكلية التقنية العليا”.
وتضيف :”نظام تأجير الغرف سيئ جدا، ويتم استغلال الطالبات، بحيث لا يتم تأجير الغرف بالسرير ، قد تكون هناك غرفتان بنفس الحجم ، إحداها بسريرين والأخرى بأربعة أسرة ، الطالبة التي تستأجر في غرفة سريرين تدفع غالبا ما يقارب ٨٠ إلى ٩٠ ريالا ، بينما ذات الأربعة أسرة فتتراوح الأسعار فيها بين ٥٥ إلى ٦٥ ريالا حسب السكن، ويختلف عدد الساكنات في كل سكن حسب عدد الغرف في كل مبنى”.
من جهتها تقول فاطمة المقبالية :” نحن طالبات نسكن في سكنات الطالبات بالخوير ، نرفع لكم صوتنا ونرجو أن يصل إلى المسؤولين بعد عناء وتعب من كثرة الشكوى ولا حياة لمن تنادي، الساكنات في سكنات الطالبات يتم استغلالهن بأرذل الطرق، خصوصًا أن أغلبنا غير مُلم بالقوانين ولا يعلم حقه وواجبه، تبدأ معاناتنا من بداية دخولنا للسكن ولا ينتهي حتى بعد خروجنا منه ، فأغلب السكنات إذا لم تكن جميعها، تجعلنا نوقع على عقد غير مُصدق، لا يتم التوضيح فيه قوانين السكن ولا واجبات وحقوق الساكن ، فهو عبارة عن ورقة يكتب فيها سعر الإيجار فقط ، وفي بعض الأحيان تسكن الطالبة بدون عقد يضمن حقها ، ونبقى نعاني من طائلة القوانين المتقلبة التي يتم تغييرها حسب “مزاج ونفسية” كل مشرفة أو صاحب سكن”.

الماء في دورات المياه والمغاسل والمطبخ ، يكون لونه أصفر في بعض الأحيان
وتضيف المقبالية :” الإيجارات التي تُدفع فيها من الظلم الكبير، حيث يتم تكديس الطالبات، ويصل العدد في بعض الغرف إلى ١٠ طالبات، ويطلب من كل طالبة دفع ما لا يقل عن ٣٥ ريالا في غرفة تشترك بها ١٠طالبات، كما تسلب الطالبات مبالغ للتأمين، ويصل بعضها إلى ٦٠ ريالا وفي أغلب الأوقات لا يتم استرداد مبلغ التأمين حتى بعد انتهاء العقد وعدم وجود خلل في المبنى سببه الطالبة ، حتى مع وجود مبالغ التأمين، تجبر الطالبات في بعض الأحيان على دفع مبالغ إضافية لإصلاح الأعطال ، بالرغم أن الاتفاق المبدئي كان ينص على أن تدفع الطالبة التأمين ولا تكلف بأعمال الصيانة”.
وتواصل حديثها : عمال الصيانة، وأصحاب السكنات من الرجال لا يتوانون عن الدخول والخروج من سكن الطالبات بكل أريحية! بدون إعطاء أي اهتمام لخصوصية الطالبات وحرماتهن، أو إخبار الطالبات مسبقًا بقدوم العمال ، وبعض أصحاب السكنات يستلذون بإقامة “اجتماعاتهم” مع الطالبات في الليل بدون أي هدف يُذكر ، ويجبرون الطالبات على الحضور لسماع محاضراتهم، كما يتم وضع قوانين بموعد الدخول والخروج من السكن، الغريب بالموضوع في بعض الحالات يتم حرمان الطالبة من دخول السكن وتبقى في منتصف الليل في الشارع لمجرد أنها تأخرت لنصف ساعة بسبب تأخر الحافلة ! ثم ينادون بأن قوانين الدخول والخروج لمصلحة الفتيات وسلامتهن”.
وتشارك عفراء الشهيمية في الحديث قائلة : “تجبر الطالبة على دفع إيجار أشهر لم تسكن فيها ، بدون وجود عقد ، كما تجبر بعض الخريجات على دفع إيجار سنة كاملة ، حتى لو كانت مدة سكنها لا تتعدى ٣ أشهر من السنة، ويتم التهاون في إصلاح الأعطال، ونعاني كثيرًا من انقطاع الكهرباء أو الماء لفترات تمتد لأكثر من أسبوعين، و تفتقر السكنات لمبادئ الأمن والسلامة، سخانات الماء يملأها الصدأ ، مفاتيح الكهرباء معطلة وفي بعض الأحيان مكشوفة، ولا يتم اتخاذ أي إجراء إلا بعد وقوع الحوادث. كما يتم استغلال أوقات الإجازات لجني المال بأي طريقة، حيث يتم في بعض الحالات تأجير الغرف بالرغم من أن الساكنة الأصلية ما زالت مستأجرة وتدفع إيجار الغرفة، ولا يتم إعطاء الطالبة نسخة من إخلاء الطرف في السكن ، ثم تجبر على دفع الإيجار لأنه لا يوجد لديها ما يثبت إخلاء الطرف، وتحرم الطالبات من إحضار زميلاتهن للسكن حتى لو كان للدراسة وتجبر على دفع إيجار مضاعف لمجرد أن زميلتها ليست من سكان المبنى، ناهيكم عن استغلال كل الأماكن لبناء غرف واستغلالها بطريقة منافية للإنسانية، غرف بدون نوافذ أو تهوية، في بعض الأحيان يتم استغلال مواقف السيارات الأرضية لبناء الغرف وتأجيرها، ولا أعتقد بأنها طريقة مصرحة من البلدية”.

سقف إحدى دورات المياه ويظهر فيه تأثر الأصباغ بالرطوبة
وتضيف : “السكنات تفتقر لأبسط نماذج الراحة، تعيش كثير من الطالبات في أسرة طوابق مصنوعة من الحديد، شخصيا تعرضت لالتماس بالكهرباء بسبب حديد الأسرة، الأسرة هي أقرب لكونها للسجناء لا للطالبات، ولا تتوفر أماكن للمذاكرة، ولا توجد خدمات الإنترنت إلا في أركان محدودة من المبنى ، كما أن كثيرًا من الطالبات من ذوي الدخل المحدود أو اليتيمات ، لا يتم مراعاتهن في الأسعار، مما يجبرهن غالبا للسكن في السكنات ذات الإيجار الأرخص التي غالبا لا يمكن إطلاق عليها مسمى سكن “.
وفي حديث آخر تقول مروة اليعقوبية : ” يتم تأجير الأسرة ، حيث تدفع كل طالبة حسب السرير ، في كثير من الحالات يتم ملء الغرفة بأكبر قدر ممكن من الأسرة لدرجة أن خزانة الملابس يتم وضعها في الممر وحتى في تلك السكنات التي يتم التعامل فيها بالعقود ، تجبر الطالبة على توقيع عقد لمدة سنة بالرغم من أنها ستنهي دراستها خلال فصل (٣ أشهر) مما يعرضها لالتزامات مالية هي في غنى عنها ، ولا يوجد نقل من السكنات، الحالات المرضية لا يتم مراعاتها، نضطر أحيانا إلى التعامل مع النقليات التي هي الأخرى تحاول سلب ما تستطيع من المال ، وفي كل مشوار يجب على كل طالبة دفع ريال داخل حدود بوشر، كما أن أي مشوار خارج حدود بوشر لا يقل عن ريالين لكل فتاة “.
وتضيف اليعقوبية :” يتم رفع الإيجار حسب مزاج صاحب السكن بدون أي رقيب أو حسيب، خصوصا وأن أغلب العقود وهمية، ولا يوجد ما يضمن حقوقنا، وتجبر الطالبة أحيانا على الانتقال من الغرفة التي استأجرتها لغرفة أخرى حسب ما تقتضيه مصلحة صاحب السكن ، وأغلب السكنات تفتقر للخدمات الأساسية التي تدعم ذوي الاحتياجات الخاصة ، وحتى في تلك الأحيان التي نحاول فيها مناقشة أصحاب السكنات بالعقل والمنطق والإنسانية ، يخبروننا بصريح العبارة ” الباب يوسع جمل”.
وفي سؤال لـ”أثير” حول تقدمهن بشكوى للجهات الرسمية حول الموضوع فكانت إجابتهن ” تحدثنا كثيرا في مواقع التواصل الاجتماعي عن مشاكل السكنات ، ناقشنا هيئة حماية المستهلك وتم إعطاؤنا وعودا بمناقشة الموضوع، اتصلنا أكثر من مرة للشرطة نشتكي من إزعاج الشباب الذين يقضون منتصف الليل في حرم السكن. لكن للأسف لم يتغير شيء من واقعنا، وتحدثنا أيضًا مع قسم الإسكان في الكلية التقنية منذ أكثر من سنتين حول أسعار السكنات ، وكان الرد بأنهم خاطبوا أصحاب السكنات وطلبوا منهم مراعاة الطلبة ، ولكن لا استجابة منهم ولا يوجد سلطة من الكلية للضغط عليهم .
لـ”أثير”

لا توجد صيانة للأدوات المتكسرة
قصص واقعية
أثناء سردهن لـ “معاناتهن” تحدثن عن بعض القصص الواقعية منها أن صاحب سكن رفع أسعار الغرف التي يوجد بها ٦ أسرة من ٥٠ إلى ٥٥ ريالا رغم معارضة الطالبات ، وبالرغم من أن الاتفاق كان على ٥٠ ريالا لكن بسبب عدم وجود عقود لم يستطعن عمل أي شيء. وفي إحدى السكنات كانت تعلّق لائحة محل على جدار السكن، وحدث عطل فيها، ودخل العامل لإحدى الغرف للتصليح من النافذة بدون إذن، وكانت في الوقت نفسه طالبة تنام في الغرفة فتفاجأت بوجوده؛ وقد اشتكت لكن “لا حياة لمن تنادي”.