أثير – نبيل المزروعي
منذ فترة ليست بالقليلة، وأنا أتساءل عن سبب وحيد مُقنع في الخروج الهادئ للكابتن جمعة بن خميس الكعبي من الاتحاد العماني لكرة القدم، أو بالأحرى “السر” المدفون من الدوافع التي أجبرته على تقديم استقالته العاجلة التي لم تستمر أكثر من 4 أشهر منذُ لحظة وصوله، وبعبارة أكثر مصداقية ما هي الأسباب والظروف والملابسات التي فضل معها أحد خُبراء الكرة العمانية الابتعاد من المؤسسة الكروية الأولى، والتي “وأدها” المستشارون والمتمصلحون دون أن تظهر للسطح وتفوح منها رائحة العبث والفوضى والتراجع في إدارة شؤون اللعبة الأكثر شعبية على مستوى العالم.

لأول مرة أجد نفسي أدخل في جوف الموضوع دون سرد مقدمات إنشائية، وذلك لأن الأمر مر سريعًا والاستقالة أُريد لها النسيان والكتمان، كحالها الكثير والكثير من الاستقالات التي قُدمت على مدار السنتين أو أقل من انتخاب المجلس الحالي لإدارة شؤون الاتحاد العُماني لكرة القدم وتوليه زمام الأمور، وكأن هناك حقيقة “ما” تُحبك بين مجموعة من الأفراد دون سواهم في مكاتب مغلقة ومُغلفة بنوع من الدكتاتورية الصلبة.
استقالة جمعة الكعبي لم تكن لتمر هكذا دون تسليط الضوء وتركيز عدسة الميكروسكوب عليها لو أنها جاءت في طريق مُعاكس لطريق الخُبراء وفنيي الاستشارات الدخانية، ولن يتم إخفاء ظروفها عن الجميع دون التطرق إليها، خاصةً وأن الاسم يُمثل علامة بارزة وفارقة في كرتنا العُمانية، ويُعدّ أحد الخبراء والمعاصرين في فترة الازدهار والنماء لها، وادّخر الرجل جُل وقته في صناعة أو المساهمة في ظهور جيل قدّم كرة عُمانية حقيقية، جعلنا نُصارع ونُقارع كبار القارة الآسيوية، ويتغنى بمستوانا الكبير قبل الصغير.
“الكعبي” لم يكن ليخرج وينسحب ويُقدم استقالته السريعة، لو وجد في المؤسسة الكروية بعضًا من – الشفافية – والعمل الهادف والجاد لبناء أو تطوير كرة قدم تُعيد لنا ما فقدناه من الأحلام الماضية، لكنه اصطدم بواقع مُر وعمل عشوائي مُبعثر – وديكتاتورية – في اتخاذ القرارات بين مجموعة لا حول لهم ولا قوة في إدارة الأمور وإبداء الرأي، لينعكس الواقع على كرتنا العُمانية على مختلف مراحلها وهياكلها، الواقع الذي لم تسلم منه مختلف قواعد المؤسسة الكروية ومجالاتها، وما أمر التغيير والإحلال في كل مناسبة منا ببعيد.
شخصيًا .. – وكما ذكرت آنفًا – استقالة جمعة الكعبي مُلازمة لمُخيلتي منذ ساعات الخروج الهادئة، وإنها لم تكن بالأمر المفاجئ والصادم وقت سماعها، لأن البيت أصبح مكشوفًا من الداخل لمن أراد معرفة أسراره، والتنبؤ بالمستقبل لم يظل حكرًا على المُنجّمين فقط، ولكن ما شغلني كثيرًا وجعلني متريثًا قليلًا هو الهدوء الغريب من ثُلة المستشارين في تناول الحديث عن القضية ولو من بعيد، لأن الأمر كان مُعاكسًا في السنوات القريبة الماضية، عندما اصطنعوا الإخفاقات ودلسوا كثيرًا من الحقائق، وتمكنوا من سحر أعين الناس وصرفها عن الإدراك الحقيقي، ليربطوا أسباب تراجع كرتنا العمانية بغياب الكفاءات المتخصصة و الخبيرة بشؤون اللعبة، مع مزيد من التهويل والتطبيل.
أين أولئك الذين شغلوا الشارع الرياضي بقلوبهم التي يعتصرها الألم والآسى على حال كرتنا العمانية في الفترة الماضية، أليس لهم عيونٌ يبصرون بها، أو آذان يسمعون بها .. لماذا صمتوا عن إظهار حقيقة استقالة (جمعة الكعبي) ولماذا لم يكشفوا عن أسباب الخروج المؤلم، ولماذا كانوا أكثر حرصًا على كتمان الأمر الفاضح !! لماذا .. لماذا ؟
أخيرًا..
ما زلت أنا وبعضٌ من المهتمين بالرياضة، ننتظر توضيحًا ولو بسيطًا عن سبب الإخفاق في الألعاب الآسيوية -جاكرتا- كما أني أنتظر فتح الأدراج للكشف عن الخطة الجاهزة لصناعة “بطل أولمبي عُماني” كما قال ذلك المسؤول الهمام يومًا.