رصد-أثير
بحثت الدكتورة حليمة بنت ولي بن محمد البلوشية –خريجة الدكتوراه في تخصص (أمراض الدم) من جامعة كمبردج البريطانية، أخصائي أول نقل دم بالمستشفى السلطاني – في بحثها (أمراض الخلايا الدم الحمراء العمانية) لنيل درجة الدكتوراه- الطفرة الجينية التي تم اكتشافها في عام ١٩٨٩ بمستشفى ادنبروك في مدينة كامبريدج البريطانية لدى شاب عُماني كان يعاني من أعراض مرضية بسيطة، وبعد فحص دمه وُجد أنه يحمل طفرة جينية نادرة بجانب الطفرة الجينية للخلايا المنجلية العادية؛ مما أدى إلى اكتشاف نوع جديد من أنواع الخلايا المنجلية وسُمي هذا النوع بـ “الخلايا المنجلية نوع عُمان”.

وقالت الباحثة في حوار مع مجلة “وما يسطرون” -رصدته “أثير”- بأن هذا النوع يتميز باختلاف شكل الخلايا عن النوع العادي حيث تتغير شكل الخلايا الحمراء عند مرورها في بيئة قليلة الأكسجين في الجسم مثل الأنسجة العميقة من شكل دائري أو ثنائي التقعر إلى شكل هلالي حيث تظهر في “نوع عُمان” كقبعة نابليون تمتد أطرافها.
وحول هذه الدراسة تقول الدكتور حليمة: جاءت فكرة بحثي بالتركيز على دراسة صفات هذه الخلايا والجينات المرتبطة بها، و بينت الدراسة التي تم نشرها في المجلة البريطانية لعلم الدم (British journal of Haematology) أن الخلايا الحمراء في هذه الطفرة محيرة جدا حيث إنها تتصف بكل خصائص المصاب بالمرض من حيث إنها تتغير بشكل سريع وتسبب غلق الشعيرات الدموية؛ لذا تسبب الآلام التي تتراوح ما بين متوسطة إلى قوية.
كما توضح الدكتورة حليمة البلوشية بأن الخلايا الحمراء العمانية لها صفات تختلف عن التي تُدرس في الكتب الطبية حيث إن الدراسات في هذه الكتب أجريت على خلايا حمراء في شعوب القوقاز أو المعروفين بالشعوب البيض، أما الخلايا الحمراء العمانية فتكون صغيرة في الحجم وغشائها سميك.
وأكدت دراسة الدكتورة حليمة بأن (٨٩ ٪) من العُمانيين يحملون “الالفا ثلاسيميا” و(٥٪) يحملون للخلايا المنجلية لذا نُعدّ أكثر شعوب العالم مصابين وحاملين لأنيميا الفول. قائلة بأن سبب هذه الاختلافات يعود إلى تاريخ الإمبراطورية العمانية في القرون ما بين ١٧ إلى ١٩ ميلادية حيث كانت السلطنة تمتلك أسطولا بحريا وتجاريا كبيرا، وكان العمانيون ينتقلون ويسكنون في بلدان مختلفة ويتزاوجون منهم.
وعن أهمية الدراسة تقول البلوشية: بأن أمراض الدم الوراثي هي من الأمراض المنتشرة في السلطنة، ومثل هذه الدراسات تساعد في التعرف على خلايا الدم وكيفية إيجاد العلاجات المناسبة لها؛ فقد استخدمت الدراسة أدوية حديثة مطورة وغير مكلفة أظهرت فعاليتها في العلاج، إلى جانب استخدام تقنية العلاج الجيني على هذه الخلايا وكانت النتائج مرضية، فيمكننا اليوم استخدام معظم هذه التقنيات وبطرق غير مكلفة في البحث عن علاجات بديلة لأمراض خلايا الدم. والحمد لله تتوفر لدينا في السلطنة معظم المختبرات العلمية التي يمكنها أن تساعدنا في تطوير هذه العلاجات، إضافة لفرصة تبادل الخبرات مع جامعة كامبريدج العريقة التي أبدت استعدادها في العمل المشترك معنا في هذا المجال. وتضيف: لقد أصبحت دراسة أمراض الخلايا الحمراء وأمراض الدم الوراثية في جامعة كامبريدج البريطانية ممكنة بفضل مِنح صاحب الجلالة السلطان قابوس حفظه الله ورعاه- حيث يولي جلالته اهتمامًا خاصًا بالبحث العلمي.
يُذكر أن “الخلايا المنجلية نوع عُمان” تُعدّ ثاني أندر نوع خلايا منجلية تم اكتشافها إلى الآن حول العالم. ويُعد مريض هذا النوع حاملًا للمرض؛ لكنه في بعض الأحيان يحمل أعراض المصاب بالمرض من حيث الآلام وخصائص الخلايا المنجلية سريعة التكسر. كما أن الخلايا المنجلية “نوع عُمان” تُعدّ من النوع النادر حيث تم رصدها في ٧٠ شخصًا فقط بالسلطنة، لكن من المتوقع انتشارها بشكل سريع حيث إنها تنتقل من أحد الأبوين، ولا يلزم أن يكون كلا الأبوين حاملين للمرض.